أصول الفقه
تأليف
شمس الدين محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي
(٧١٢ - ٧٦٣ هـ)
حققه وعلق عليه وقدم له
الدكتور/ فهد بن محمد السَّدَحَان
مقدمة التحقيق والجزء الأول
مكتبة العبيكان
(ح) مكتبة العبيكان ١٤٢٠ هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر ابن مفلح، محمد بن مفلح أصول الفقه/ تحقيق فهد محمد السدحان - الرياض. ٤٧٢ ص؛ ١٧ × ٢٤ سم ردمك: ٧ - ٥٤٨ - ٢٠ - ٩٩٦٠ (مجموعة) ٥ - ٥٤٩ - ٢٠ - ٩٩٦٠ (ج١) ١ - أصول الفقه ٢ - الفقه الحنبلي أ- السدحان، فهد محمد (محقق) ب- العنوان ديوي ٢٥١ ... ٠٠٩٦/ ٢٠ رقم الإيداع: ٠٠٩٦/ ٢٠ ردمك ٧ - ٥٤٨ - ٢٠ - ٩٩٦٠ (مجموعة) ٥ - ٥٤٩ - ٢٠ - ٩٩٦٠ (ج١) حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى ١٤٢٠هـ-١٩٩٩م نشر وتوزيع مكتبة العبيكان الرياض -العليا- تقاطع طريق الملك فهد مع العروبة. ص. ب: ٦٢٨٠٧ الرياض ١١٥٩٥ هاتف: ٤٦٥٤٤٢٤، فاكس: ٤٦٥٠١٢٩
بسم الله الرحمن الرحيم
(ح) مكتبة العبيكان ١٤٢٠ هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر ابن مفلح، محمد بن مفلح أصول الفقه/ تحقيق فهد محمد السدحان - الرياض. ٤٧٢ ص؛ ١٧ × ٢٤ سم ردمك: ٧ - ٥٤٨ - ٢٠ - ٩٩٦٠ (مجموعة) ٥ - ٥٤٩ - ٢٠ - ٩٩٦٠ (ج١) ١ - أصول الفقه ٢ - الفقه الحنبلي أ- السدحان، فهد محمد (محقق) ب- العنوان ديوي ٢٥١ ... ٠٠٩٦/ ٢٠ رقم الإيداع: ٠٠٩٦/ ٢٠ ردمك ٧ - ٥٤٨ - ٢٠ - ٩٩٦٠ (مجموعة) ٥ - ٥٤٩ - ٢٠ - ٩٩٦٠ (ج١) حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولى ١٤٢٠هـ-١٩٩٩م نشر وتوزيع مكتبة العبيكان الرياض -العليا- تقاطع طريق الملك فهد مع العروبة. ص. ب: ٦٢٨٠٧ الرياض ١١٥٩٥ هاتف: ٤٦٥٤٤٢٤، فاكس: ٤٦٥٠١٢٩
بسم الله الرحمن الرحيم
Shafi da ba'a sani ba
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... وبعد:
فهذا كتاب (أصول الفقه على مذهب الإِمام أحمد بن حنبل) لمحمد بن مفلح المقدسي الحنبلي، المتوفى سنة ٧٦٣ هـ.
أقدمه لك -أخي القارئ- بعد تحقيق نصه، ومقابلة نسخه، وترقيم آياته، وتخريج أحاديثه وآثاره، وتوثيق نقوله، والتعريف بأعلامه وبالكتب الواردة فيه، والتعليق عليه، وصنع فهارسه، مع كتابة مقدمة عن الكتاب ومؤلفه.
وقد دفعني إِلى تحقيق (١) هذا الكتاب وإخراجه ما يأتي:
١ - قيمة الكتاب العلمية (في المذهب الحنبلي)، وتظهر تلك القيمة فيما جمعه من أقوال لعلماء المذهب ونصوص من كتبهم في كثير من المباحث الأصولية (٢).
_________
(١) أنهيت تحقيق هذا الكتاب في سنة ١٤٠٤ هـ، وأقدمه -الآن- للنشر بعد تجريده من كثير من الهوامش والتعليقات التي علقتها في ذلك الوقت، مع اختصار مقدمة التحقيق؛ حرصًا على إِخراجه بحجم مناسب، وأود أن أنبه على أمرين:
أ- سيجد القارئ في هوامشه العزو إِلى كتب مخطوطة طبعت بعد ذلك التاريخ.
ب- أضفت -عند التعريف بالكتب- الإشارة إِلى ما عثر عليه أو حقق بعد ذلك التاريخ.
(٢) يأتي الحديث عن قيمة الكتاب في مقدمة التحقيق: الفصل الثاني، سابعًا.
المقدمة / 1
٢ - كون الكتاب عمدة -في النقل منه واتباع منهجه- عند بعض الحنابلة الذين أتوا بعد مؤلفه (١).
٣ - كون مؤلف هذا الكتاب:
أ- شيخ الحنابلة في وقته ومرجعهم.
ب- صاحب قدم راسخة في فهم دقائق المذهب الحنبلي (أصوله وفروعه)، وفي كتابيه (الأصول، والفروع) خير دليل على ذلك.
جـ- صاحب مكانة علمية جعلته مقصد الكثير من طلبة العلم (يستوي في ذلك زملاؤه وتلاميذه).
د- أحد تلاميذ شيخ الإِسلام تقي الدين بن تيمية، وأخبر الناس باختياراته ومسائله.
هـ- مشهودًا له بالعلم والفضل (٢).
و- ذا علم قيم كان محل ثقة الحنابلة الذين أتوا بعده وتقديرهم، فقد اعتمدوا على نقله وتحقيقه، واعتنوا ببعض مؤلفاته شرحًا أو تعليقًا.
_________
(١) يأتي الحديث عن هذا في مقدمة التحقيق: الفصل الثاني، سادسًا.
(٢) شهد له شيخه شيخ الإِسلام تقي الدين بن تيمية، وزميله ابن القيم، والحافظ المزي، والحافظ الذهبي، والقاضي جمال الدين المرداوي، وتقي الدين السبكي الشافعي، وابن كثير ... ويأتي الحديث عن المؤلف في مقدمة التحقيق: الفصل الأول.
المقدمة / 2
ز- صاحب اطلاع واسع على الذاهب الأخرى وأقوال علمائها:
وتظهر تلك السمة في كتابيه (الأصول، والفروع).
ح- صاحب تأثير كبير فيمن أتى بعده من الحنابلة؛ فقد كان لمؤلفاته تأثير في بعض المؤلفات الحنبلية بعده.
ط- صاحب اهتمام فائق بالأحاديث النبوية، مع خبرة برجال السند (١).
وقد قسمت عملي هذا قسمين:
القسم الأول: مقدمة التحقيق. وتتكون من ثلاثة فصول:
الفصل الأول: المؤلف.
الفصل الثاني: الكتاب.
الفصل الثالث: منهجي في تحقيق الكتاب.
وبعد هذا الفصل يأتي فهرس موضوعات هذا القسم.
القسم الثاني: الكتاب المحقق، وبعده فهارسه.
وأخيرًا: تأتي قائمة المراجع.
_________
(١) وقد شهد له الحافظ الذهبي بذلك، ونقل بعض مؤلفي كتب تخريج الأحاديث كلامه على بعضها، فانظر -مثلًا-: المقاصد الحسنة / ٣٦٢، وكشف الخفاء ٢/ ٢٥٤.
المقدمة / 3
القسم الأول مقدمة التحقيق
وتتكون من ثلاثة فصول:
الفصل الأول: المؤلف.
الفصل الثاني: الكتاب.
الفصل الثالث: منهجي في التحقيق.
وبعد هذا الفصل يأتي فهرس موضوعات هذا القسم.
المقدمة / 5
الفصل الأول المؤلف: محمد بن مفلح المقدسي
وفيه:
أولًا: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه.
ثانيًا: مولده ووفاته.
ثالثًا: حياته (مرحلة النشأة والطلب والتحصيل):
١ - شيوخه.
٢ - العلوم التي تلقاها.
رابعًا: حياته (مرحلة النضج والعمل والعطاء):
١ - أعماله ونشاطاته.
٢ - مؤلفاته.
٣ - تلاميذه والناقلون عنه.
خامسًا: مكانته وثناء العلماء عليه.
سادسًا: أولاده.
المقدمة / 7
مراجع ترجمة المؤلف:
المقصد الأرشد / ٢٧٦، والسحب الوابلة / ٥٤٦، والدرر الكامنة ٥/ ٣٠، وشذرات الذهب ٦/ ١٩٩، وذيل ذيل طبقات الحنابلة / ١٦، والدارس في تاريخ المدارس ٢/ ٤٣، ٨٤، ١٠٧، وجلاء العينين/ ٢٧، والقلائد الجوهرية ١/ ١٦١، ٢/ ٤٤٨، والنجوم الزاهرة ١١/ ١٦، والبداية والنهاية ١٤/ ٢٩٤، ومختصر طبقات الحنابلة / ٦٢، ومقدمة كتاب الفروع ١/ ٨أ، ٩، والأعلام للزركلي ٧/ ٣٢٧، ومعجم المؤلفين ١٢/ ٤٤.
المقدمة / 8
أولًا: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه
هو: محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، الملقب بشمس الدين، والمكنى بأبي عبد الله، الراميني (١) الأصل، القاقوني (٢)، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي (٣)، الحنبلي.
ثانيًا: مولده ووفاته
ولد سنة ٧١٢ هـ، في بيت المقدس (٤).
وتوفي سنة ٧٦٣ هـ، في الصالحية، ودفن بالروضة بسفح جبل قاسيون.
وقيل في تاريخ مولده ووفاته غير هذا (٥).
_________
(١) الراميني: نسبة إِلى (رامين)، وهي قرية من عمل نابلس. انظر: ذيل ذيل طبقات الحنابلة / ١٦.
(٢) انظر: الدرر الكامنة ٥/ ٣٠.
والقاقوني: نسبة إِلى (قانون). قال في معجم البلدان ٤/ ٢٩٩: هو حصن بفلسطين قرب الرملة، وقيل: هو من عمل قيسارية من ساحل الشام.
(٣) الصالحي: نسبة إِلى (الصالحية). قال في معجم البلدان ٣/ ٣٩٠: وهي قرية كبيرة ذات أسواق وجامع، في لحف جبل قاسيون من غوطة دمشق، وفيها قبور جماعة من الصالحين، ويسكنها -أيضًا- جماعة من الصالحين لا تكاد تخلو منهم، وأكثر أهلها ناقلة البيت المقدس على مذهب أحمد بن حنبل.
(٤) لم يرد ذكر لمكان مولده -حسب اطلاعي- إِلا في كتاب الأعلام ٧/ ٣٢٧، ومعجم المؤلفين ١٢/ ٤٤.
(٥) انظر: السحب الوابلة / ٥٤٦، ٥٤٨، والدرر الكامنة ٥/ ٣٠، ٣١، والقلائد الجوهرية ١/ ١٦١، والدارس ٢/ ٤٤، ٨٤ - ٨٥، وشذرات الذهب ٦/ ١٩٩ - ٢٠٠، والمقصد الأرشد / ٢٧٧، والبداية والنهاية ١٤/ ٢٩٤، ومقدمة الفروع ١/ ٨أ، ج،١١.
المقدمة / 9
ثالثًا: حياته (مرحلة النشأة والطلب والتحصيل)
نشأ المؤلف ببيت المقدس -على ما في الأعلام (١)، ومعجم المؤلفين- وقرأ القرآن وهو صغير.
ولم تذكر المراجع زمن انتقاله من بيت المقدس، ويبدو أنه كان في سن مبكرة، نظرًا إِلى أنه سمع من عيسى المطعم، المتوفى سنة ٧١٩ هـ بالصالحية.
لقد أقبل المؤلف على العلم في سن مبكرة، وجلس إِلى علماء في علوم مختلفة (في الفقه وأصوله، وفي الحديث، وفي العربية ... وفي غيرها) حتى برع في ذلك، وحقق وصنف، ودرس وناظر، وأفتى وقضى، وصار شيخ الحنابلة بالشام في وقته.
وسأتكلم فيما يأتي عن:
١ - شيوخه
٢ - العلوم التي تلقاها.
١ - شيوخه:
أخذ المؤلف العلم عن عدة شيوخ في علوم مختلفة، ومنهم:
أ- عيسى المطعم (٢): وهو عيسى بن عبد الرحمن المقدسي الصالحي الحنبلي، راوي صحيح البخاري وغيره، ولد سنة ٦٢٦ هـ، وسمع
_________
(١) انظر: الأعلام ٧/ ٣٢٧، ومعجم المؤلفين ١٢/ ٤٤.
(٢) انظر: البداية والنهاية ١٤/ ٥٩، وشذرات الذهب ٦/ ٥٢، والدرر الكامنة ٣/ ٢٨٢.
المقدمة / 10
الكثير من عدة شيوخ، وسمع منه خلق كثير. توفي بالصالحية سنة ٧١٩ هـ.
وقد سمع منه المؤلف (١).
ب- القاضي شمس الدين بن المسلم (٢):
وهو أبو عبد الله محمد بن مسلم بن مالك الزيني الصالحي، ولد سنة ٦٦٢ هـ، وتوفي أبوه سنة ٦٦٨ هـ، فنشأ يتيمًا فقيرًا، وعني بالحديث، وتفقه وبرع وأفتى، ومهر في العربية، وتصدى للتدريس والإِفادة. ورد تقليده القضاء سنة ٧١٦ هـ، فتوقف في القبول، ثم استخار الله وقبل. وكان من قضاة العدل، مصمما على الحق، لا يخاف في الله لومة لائم. توفي بالمدينة في طريقه إِلى الحجة الرابعة سنة ٧٢٦ هـ.
وقد لازمه المؤلف، وقرأ عليه الفقه (٣).
جـ- شيخ الإِسلام أحمد بن تيمية (٤):
وهو تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن
_________
(١) انظر: السحب الوابلة / ٥٤٦، والدرر الكامنة ٥/ ٣٠، والقلائد الجوهرية ١/ ١٦١، والدارس ٢/ ٤٣، ٨٥، وشذرات الذهب ٦/ ١٩٩، والمقصد الأرشد / ٢٧٦، ومقدمة الفروع ١/ ٩.
(٢) انظر: القلائد الجوهرية ٢/ ٣٦٠، والدارس ٢/ ٣٨.
(٣) انظر: السحب الوابلة/ ٥٤٦، وشذرات الذهب ٦/ ١٩٩، والمقصد الأرشد / ٢٧٧.
(٤) انظر: ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣٨٧، وفوات الوفيات ١/ ٦٢، والبدر الطالع ١/ ٦٣.
المقدمة / 11
تيمية الحراني الدمشقي الحنبلي، كان واسع العلم بالفنون والمعارف النقلية والعقلية، صالحًا تقيًا مجاهدًا، توفي سنة ٧٢٨ هـ.
من مؤلفاته الكثيرة القيمة: درء تعارض العقل والنقل، ومنهاج السنة النبوية، واقتضاء الصراط المستقيم، ورفع الملام عن الأئمة الأعلام.
وقد لازم المؤلف شيخ الإِسلام حتى وفاته، وتفقه به، ونقل عنه كثيرًا، وكان أحفظ الناس لمسائله وأخبرهم باختياراته، حتى كان ابن القيم يراجعه في ذلك (١).
وكان المؤلف معظمًا لشيخ لإِسلام، ينقل اختياراته في كتبه كثيرًا، وغالب ما ذكره ابن اللحام (٢) -في اختياراته- هو من (الفروع) للمؤلف (٣).
وكان شيخ الإِسلام يثني عليه، ويقول له: ما أنت ابن مفلح، بل أنت مفلح (٤).
_________
(١) انظر: السحب الوابلة/ ٥٤٦، وشذرات الذهب ٦/ ١٩٩.
(٢) هو: أبو الحسن علي بن محمد بن علي البعلي الحنبلي، كان يعظ بالجامع الأموي، وصار شيخ الحنابلة بالشام، وعرض عليه قضاء دمشق فأبى، ثم قدم القاهرة، وولي تدريس المنصورية. توفي سنة ٨٠٣ هـ.
من مؤلفاته: القواعد والفوائد الأصولية، والمختصر في أصول الفقه. انظر: الضوء اللامع ٥/ ٣٢٠، وشذرات الذهب ٧/ ٣١، والمدخل / ٢٣٦.
(٣) انظر: ذيل ذيل طبقات الحنابلة ١٦ - ١٧.
(٤) انظر: السحب الوابلة / ٥٤٦.
المقدمة / 12
د- الحَجَّار (١):
وهو أبو العباس أحمد بن أبي طالب الصالحي، ولد سنة ٦٢٤ هـ، وسمع من أهل الحديث، وأجاز له بعضهم في بغداد وفي دمشق، وحدث بصحيح البخاري أكثر من سبعين مرة بدمشق والصالحية والقاهرة وغيرها، وأقبل عليه الحفاظ وتزاحموا من سنة ٧١٧ هـ إِلى أن توفي سنة ٧٣٠ هـ.
وقد سمع منه المؤلف (٢).
هـ- ابن الفويره النحوي (٣):
وهو بدر الدين محمد بن يحيى بن محمد السلمي الحنفي، ولد سنة ٦٩٣ هـ، وكان رجلًا فاضلًا حسن السيرة، خطب ودرس في أماكن، وأفتى وأخذ عنه الطلبة، وكانت له حلقة بجامع دمشق، وسمع من جماعة من رواة الحديث، وحدَّث. توفي سنة ٧٣٥ هـ.
وكان المؤلف يتردد إِليه (٤).
_________
(١) انظر: الدرر الكامنة ١/ ١٥٢ - ١٥٣، والبداية والنهاية ١٤/ ١٥٠، وشذرات الذهب ٦/ ٩٣، والقلائد الجوهرية ١/ ٢٩٨.
(٢) انظر: المقصد الأرشد / ٢٧٧. وشذرات الذهب ٦/ ١٩٩، والسحب الوابلة /٥٤٦.
(٣) انظر: الدارس ١/ ٤٨٨، والدرر الكامنة ٥/ ٥٤، والجواهر المضية ٢/ ١٤٢.
(٤) انظر: السحب الوابلة / ٥٤٦، والمقصد الأرشد / ٢٧٧.
المقدمة / 13
و- القاضي برهان الدين الزرعي (١):
وهو إِبراهيم بن أحمد بن هلال الحنبلي، ولد سنة ٦٨٨ هـ، وسمع من كثير، وحدَّث وتفقه، وأخذ عن ابن تيمية وغيره، ومهر وتقدم في الإِفتاء، ودرس بأماكن، منها: (المدرسة الحنبلية) عوضًا عن ابن تيمية حين سجن، وكان أشعري المعتقد في الغالب من أحواله، وكتب الخط الحسن الفائق. كان من أذكياء الناس ذا إِنصاف في البحث، يتكلم التركية جيدًا توفي سنة ٧٤١ هـ.
وقد قرأ عليه المؤلف النحو والأصول (٢).
ز- القحفازي النحوي (٣):
وهو أبو الحسن نجم الدين علي بن داود بن يحيى الأسدي الحنفي، شيخ أهل دمشق في عصره في العربية، قرأ عليه أهل دمشق وانتفعوا به. ولد سنة ٦٦٨ هـ، وقرأ الأصول والفقه والنحو والمعاني والبيان على أقطاب هذه الفنون في ذلك العصر، وسمع الحديث، درس في أماكن، وتوفي سنة ٧٤٥ هـ.
_________
(١) انظر: الدرر الكامنة ١/ ١٦، والدارس ٢/ ٤١، ٤٥، ٧٤، ٩٠، وشذرات الذهب ٦/ ١٢٩.
(٢) انظر: السحب الوابلة / ٥٤٦، وشذرات الذهب ٦/ ١٩٩، والمقصد الأرشد / ٢٧٧.
(٣) انظر: بغية الوعاة / ٣٣٧، والجواهر المضية ١/ ٣٦٢، ٢/ ٣٣٥، ٣٣٦، والبداية والنهاية ١٤/ ٢١٤، والدرر الكامنة ٣/ ١١٦ - ١١٨، وشذرات الذهب ٦/ ١٤٣، والدارس ١/ ٥٤٧، ٥٥٦.
المقدمة / 14
وقد قال: ولم أصنف شيئًا لمؤاخذتي للمصنفين، فكرهت أن أجعل نفسي غرضًا لمن يأخذ علي، غير أني جمعت منسكًا للحج.
وكان المؤلف يتردد إِليه (١).
ح- الحافظ المزي (٢):
وهو أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف القضاعي الكلبي، محدث الديار الشامية في عصره، ولد بظاهر حلب سنة ٦٥٤ هـ، ونشأ بالمزة من ضواحي دمشق، ومهر في اللغة، ثم في الحديث ومعرفة رجاله. وسمع منه خلق كثير. توفي بدمشق سنة ٧٤٢ هـ
من مؤلفاته: تهذيب الكمال في أسماء الرجال.
وكان المؤلف يتردد إِليه وينقل عنه كثيرًا، وكان المزي يعظمه (٣).
ط- الحافظ الذهبي (٤):
وهو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، محدث
_________
(١) انظر: السحب الوابلة/ ٥٤٦، والمقصد الأرشد/ ٢٧٧.
(٢) انظر: الدرر الكامنة ٤/ ٤٥٧، والنجوم الزاهرة ١٠/ ٧٦، والبداية والنهاية ١٤/ ١٩١، والقلائد الجوهرية/ ٣٢٩.
(٣) انظر: السحب الوابلة/ ٥٤٦، والمقصد الأرشد/ ٢٧٧.
(٤) انظر: فوات الوفيات ٢/ ١٨٣، ونكت الهميان/ ٢٤١، والدارس ١/ ٧٨، وشذرات الذهب ٦/ ١٥٣، وغاية النهاية ٢/ ٧١، والدرر الكامنة ٣/ ٣٣٦، والنجوم الزاهرة ١٠/ ١٨٢.
المقدمة / 15
مؤرخ علامة محقق، ولد بدمشق سنة ٦٧٣ هـ، وطاف بكثير من البلدان، وسمع منه خلق كثير، وكفَّ بصره سنة ٧٤١ هـ. توفي بدمشق سنة ٧٤٨ هـ.
من مؤلفاته: تاريخ الإِسلام، وتذكرة الحفاظ، الاعتدال، والكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة.
وكان المؤلف يتردد إِليه وينقل عنه كثيرًا، وكان الذهبي يعظمه (١).
وقال الذهبي عن المؤلف: شاب عالم له عمل ونظر في رجال السنن، ناظر وسمع، وكتب وتقدم (٢).
ى- جمال الدين المرداوي (٣):
وهو أبو الفضل يوسف بن محمد بن عبد الله الحنبلي، والد زوجة المؤلف، باشر وظيفة قضاء الحنابلة بالشام سبع عشرة سنة، ثم عزل، وتولى الحكم بدمشق عدة أعوام، ثم صرف. توفي سنة ٧٦٩ هـ.
من مؤلفاته: شرح المقنع، والانتصار، والأحكام.
وفي السحب الوابلة (٤): أن جمال الدين المرداوي كتب بخطه على نسخة من كتاب المقنع -وهي محشاة بخط الشيخ (ابن مفلح) - ما
_________
(١) انظر: المقصد الأرشد/ ٢٧٧، والسحب الوابلة/ ٥٤٦.
(٢) انظر: شذرات الذهب ٦/ ١٩٩، والمقصد الأرشد/ ٢٧٧.
(٣) انظر: الدرر الكامنة ٥/ ٢٤٥، والنجوم الزاهرة ٣/ ١٠٠، والدارس ٢/ ٤٢ - ٤٤.
(٤) ص ٥٤٧.
المقدمة / 16
نصه: "قرأ عليَّ الشيخ الإِمام العالم الحافظ العلامة مجموع الفضائل ذو العلم الوافر والفضل الظاهر شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح العابد مفلح بن محمد المقدسي جميع هذا الكتاب -وهو كتاب المقنع في الفقه على مذهب الإِمام المبجل أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ﵁ من أوله إِلى آخره، وكان قد قرأ عليَّ هذا الكتاب من حفظه غير مرة، وسألني عن مواضع منه، فأجبته عن ذلك بما يسره الله تعالى في ذلك الوقت، مع أنه قد قرأ عليَّ كتبًا عديدة في علوم شتى حفظًا ومذاكرة، ولم أعلم أن أحدا في زماننا في المذاهب الأربعة له محفوظات أكثر منه، فمن محفوظاته: المنتقى من أحاديث الأحكام (١)، قرأه وعرضه عليَّ في قريب أربعة أشهر ... ".
٢ - العلوم التي تلقاها:
كانت سنة علماء السلف الإِقبال على علم الشريعة بجميع فروعه، وعلى ما يخدم هذا العلم من المعارف الأخرى.
ولذا طرق المؤلف أبوابًا كثيرة مختلفة من أبواب العلم آخذًا بسنة من سبقه ومن عاصره، فجلس إِلى الفقهاء والمحدثين وأهل اللغة وعلماء الأصول ...، وبذل في تحصيل ذلك جهده.
ومن تتَبُّع ما كتب في ترجمة المؤلف، والشيوخ الذين تلقى العلم عنهم، والمؤلفات التي ألفها يمكنني أن أذكر -هنا- أبرز العلوم التي صرف همه إِلى تحصيلها:
_________
(١) لابن تيمية مجد الدين، صاحب المحرر، المتوفى سنة ٦٥٢ هـ.
المقدمة / 17
١ - علم الفقه وأصوله:
فكان هناك شيخ الإِسلام أحمد بن تيمية، والقاضي شمس الدين بن المسلم، والقاضي برهان الدين الزرعي، فلازمهم المؤلف، وأخذ عنهم الفقه وأصوله، فحصل الأصل والفرع، وجمع النظر والتطبيق.
٢ - علم الحديث ومعرفة الأسانيد والرجال:
وقد أولاه المؤلف عناية كبيرة، فجلس إِلى علماء الحديث والرجال، كالمزي والذهبي، ونقل عنهما كثيرًا، وسمع من المحدثين، كعيسى المطعم والحجار، وكون لديه علما عن الرجال وأسانيد الأحاديث. وقد شهد له الذهبي بذلك، فقال عنه: شاب عالم، له عمل ونظر في رجال السنن (١).
وكان ﵀ حريصًا على أن يجعل مؤلفاته خالية من الاستدلال بالأحاديث التي لا أصل لها، وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه (أصول الفقه) (٢)، وجمع إِلى ذلك -غالبا- بيانه لصحة الأحاديث وضعفها.
وقد كان ﵀ يحفظ المنتقى من أحاديث الأحكام (٣).
٣ - علوم العربية من نحو وصرف ..:
فقد كان يتردد إِلى علماء النحو، كابن الفويره والقحفازي وبرهان
_________
(١) انظر: شذرات الذهب ٦/ ١٩٩، والمقصد الأرشد/ ٢٧٧.
(٢) انظر: ص ٥ من القسم الثاني.
(٣) لابن تيمية مجد الدين، صاحب المحرر.
المقدمة / 18
الدين الزرعي وغيرهم، وكان له اهتمام بالمسائل اللغوية، ولذا يجد القارئ فوائد لغوية منثورة في بعض مؤلفاته.
هذه أظهر صنوف المعرفة التي تلقاها عن شيوخه، ولكن اشتغاله بالفقه وتأليفه فيه جعل شهرته في هذا الفن تطغى على شهرته في غيره، وكان لتأليفه كتاب (الفروع) أثر كبير في ذلك. يقول عنه ابن كثير: وكان بارعًا فاضلًا متفننًا في علوم كثيرة، ولا سيما علم الفروع (١).
المقدمة / 19
رابعًا: حياته (مرحلة النضج والعمل والعطاء)
١ - أعمال ونشاط:
عاش المؤلف ﵀ حياته للعلم أخذًا وعطاءً، سماعًا وإسماعًا، قراءةً وتأليفًا، فقد سمع وتفقه، وتردد إِلى العلماء حتى برع، فدرس وأفتى، وأجاب عن المسائل، ووعظ وأفاد وقضى، وحقق ودقق، وناظر وحدث، وألف المؤلفات القيمة (١).
وقد درس في عدة أماكن (٢)، فدرس بالمدرسة الصاحبية، والمدرسة العمرية، والمدرسة السلامية، والمدرسة الصدرية، ومدرسة دار الحديث، والمدرسة العادلية (٣).
وقد ناب في الحكم -حكم دمشق- عن والد زوجته (شيخه جمال الدين المرداوي)، فشكرت سيرته وأحكامه (٤).
_________
(١) انظر: ذيل ذيل طبقات الحنابلة/ ١٦، والسحب الوابلة/ ٥٤٦، والدرر الكامنة ٥/ ٣١، والدارس ٢/ ٨٤، ١٠٧، والمقصد الأرشد/ ٢٧٦.
(٢) انظر: المقصد الأرشد/ ٢٧٧، والدارس ٢/ ٨٤، ١٠٧، والدرر الكامنة ٥/ ٣١ والسحب الوابلة/ ٥٤٧، ومقدمة الفروع ١/ ٩.
(٣) انظر: الكلام على هذه المدارس في: الدارس، والقلائد الجوهرية / ٧١ - ١٨٣.
(٤) انظر: القلائد الجوهرية ١/ ١٦١ والدارس ٢/ ٤٣، ٨٥، والسحب الوابلة/ ٥٤٦، والدرر الكامنة ٥/ ٣٠، وشذرات الذهب ٦/ ١٩٩، والمقصد الأرشد/ ٢٧٦، ومقدمة الفروع ١/ ٩.
المقدمة / 20
٢ - مؤلفاته:
خلف المؤلف ثروة علمية تمثلت في تلك المؤلفات التي قضى عمره في كتابتها وتهذيبها.
وإِذا كان المؤلف قد طرق في طلب العلم أبوابًا متعددة: فإِنه قد ألف في علوم متعددة كذلك، فألف في الفقه وأصوله، وكتب الحواشي على كتب في الفقه، وعلق على كتب في الحديث، وضمّن كتبه الكلام على الأحاديث والرجال، وصنف في الآداب والوعظ، وأجاب عن المسائل ...
وقد حظيت المؤلفات الفقهية باهتمامه الأكبر، فاشتهرت تلك المؤلفات، ولا سيما كتابه (الفروع) حتى أصبح المؤلف يعرف به، فيقال: ابن مفلح صاحب الفروع.
وقد كانت تلك المؤلفات ذات قيمة علمية كبيرة جعلتها في موضع الاهتمام والتقدير ممن أتوا بعده، فكثر النقل منها وحصلت الثقة بما فيها، وصارت عمدة في معرفة المذهب، كما اعتنى بعض المذهب بشرح بعض مؤلفاته، أو التعليق عليها، أو اختصارها.
ولكن تلك الثروة لم تصل إِلينا كاملة، بل فقد بعضها (حسب علمي).
وسأذكر فيما يأتي:
أ- مؤلفاته المطبوعة.
ب- مؤلفاته المخطوطة.
ج- مؤلفات نسبت إِليه، ولم أجدها (بعد البحث).
المقدمة / 21