وأن الله لامثل له ولا نظير، وأن الأبصار لا تدركه في الدنيا ولا في الآخرة؛ وذلك أن كلما وقع عليه البصر فمحدود ضعيف ذليل، محتاج، محوي، محاط به، له كل وبعض، ولون وطعم، ورايحة ومحسة، وفوق وتحت، ويمين وشمال، وخلف وأمام. وأن الله لا يوصف بشي من صفات المخلوقين؛ لأنه غني قديم، وهكذا قال: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [الشورى:11]؛ لأن الله تبارك وتعالى ليس بشخص، فتجاهره الأبصار؛ ولا هو صوت فتوعية الأسماع؛ ولا رائحة، فتشمه المشام؛ ولاحار ولابارد، فتذوقه اللهوات؛ ولا لين ولا خشن فتلمسه الأيدي؛ لأن الله سبحانه خلق الأيدي وما لمست، وخلق الأبصار وما جاهرت، والأسماع وما وعت، والمشام وما شمت، واللهوات وما ذاقت، فهذه الخمس الحواس المدركات كلها مخلوقات مجعولات محدثات، ليس فيها شي يشبه الله، ولا الله عز وجل يشبه شيئا منها؛ ولذلك قال تبارك وتعالى: { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } [الأنعام: 103]؛ لأن ما وقع عليه البصر فمحدود ضعيف، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
Shafi 260