ثامنا: في أن أفعاله تعالى فينا هي لصلاحنا
هذه المسألة واضحة من خلال الكلام السابق. فقد قلنا إنه تعالى لا يعبث. أي إنه تعالى لا يفعل إلا ما هو فيه نفع وصلاح. ونحن نعلم أن الله تعالى غني عن كل شيء، فأي نفع أو صلاح لا يعود إليه أبدا. إذن كل ما يفعله الله تعالى سيعود نفعه وصلاحه علينا.
وكل فعل يفعله الله تعالى بنا هو لصلاحنا سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه. والإيمان بهذه المسألة وما قبلها، من أنه لا ينزل الضرر بغير استحقاق أو عوض مهمة جدا، لأنها تهون علينا كثيرا من مشاق الحياة التي نواجهها.
ولكن علينا أن ننتبه إلى أن كون أفعاله تعالى لصلاحنا لا يعني أنه لن يعاقبنا، لأن الله سبحانه وتعالى خلقنا لينفعنا، فإذا أبينا أن ننتفع، وأصرينا على تعريض أنفسنا لسخطه فاللوم علينا. { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم } (الحجر: 49-50).
والحمد لله رب العالمين.
الجهة الثانية من الكلام في أفعاله تعالى: بيان بعض أفعال
الله تعالى فينا
ما سبق كان الكلام في أهم الأمور المشتركة بين أفعال الله تعالى. وعلينا أن نستحضر تلك الأمور دائما، خصوصا ما يتعلق بحسن وقبح أفعاله جل جلاله.
أما الجهة الثانية من الكلام في أفعاله جل وعلا، فهي بيان أفعاله تعالى فينا. وفيها بحثان.
أولا: مصدر معرفتنا لأفعال الله تعالى
لا يجوز لنا أن ننسب فعلا إلى الله تعالى إلا بدليل. لأن التقول على الله تعالى لا يجوز عقلا كما لا يجوز شرعا. عقلا لأنه اعتقاد جهل وهو قبيح؛ وشرعا لقوله تعالى { آلله أذن لكم أم على الله تفترون } (يونس:59) ونحوها من الآيات. فإذا نسبنا فعلا إلى الله تعالى فإننا ننسبه بناءا على دليل من العقل أو من الشرع. ولا سبيل لنا إلى معرفة أفعال الله غير هذين السبيلين، وبهما يمكن أن نعلم ما قد وقع من أفعال الله تعالى، أو ما هو واقع.
Shafi 77