ولكن يجب أن نتنبه إلى أن هذا لا يعني أننا نستطيع أن نعلم القبح الموجود في كل ما حرمه الله تعالى. كما لا نستطيع أن ندرك دائما الحسن الموجود في كل ما دعا الله إليه. لأن الفعل قد يتصف بصفة لا ندركها، تكون هذه الصفة هي المؤثرة في حسن أو قبح هذا الفعل. ومثل ذلك إذا رأينا رجلا يضرب طفلا: فقد يكون الرجل يتعدى على الطفل، وقد يكون والده ويضربه للتأديب. فعدم علمنا بتفاصيل الفعل، يحول بيننا وبين الحكم عليه بحسن أو قبح.
وحيث إننا نعلم أن الله تعالى لا يفعل إلا ما حسن، ولا يفعل القبيح؛ فإننا نحكم على أي فعل منه بالحسن، وننفي عنه القبح بالكلية. وإن شاء الله نزيد في هذه المسألة في القسم الثاني.
وأخيرا أقول إن أي فعل ينسب إلى لله تعالى يجب أن ينظر إليه من خلال هاتين القاعدتين:
الله لا يفعل القبيح.
العقل يمكنه أن يدرك القبيح الذي لا يفعله الله.
فإذا نسب نص إلى الله فعلا قبيحا، فعلينا أن نرد النص ولا نقبله، ونكذب من رواه عن الشرع. وإذا فسر أحد العلماء نصا صحيحا من القرآن بتفسير ينسب الفعل القبيح إلى الله تعالى، فعلينا أن نرد تفسيره، ونفسر ذلك النص التفسير الصحيح الذي يليق بالله جل جلاله. ولهذه المسألة ذيول إن شاء الله أوضحها في الكلام عن أفعاله تعالى.
فالخلاصة: إن العقل هو الوسيلة إلى معرفة الله تعالى. ومؤدى
هذا أنه حجة متقدمة على النص من حيث أن أحكام العقل لا احتمال فيها، والنصوص يدخلها الاحتمالات. فإذا حكم العقل بحكم قاطع، فإن هذا الحكم يكون هو معيار لنظرتنا في أي نص وصف الله تعالى، سواء كان قرآني، أو نبوي. وفي قسم الآيات المتشابهة سيأتي مزيد توضيح لهذا الكلام بحول الله وقوته.
الخلاف بين العقل والنص والخلاف حول هذه القضية: "العقل أو النص" متشعب. وقد ظلم العقل فيها، إذ
Shafi 38