إن العقل يدرك بأن القضايا التالية قضايا صادقة:
إن الظلم قبيح ويستحق فاعله الذم والعقاب.
وإن الكذب الضار قبيح ويستحق فاعله الذم والعقاب.
وإن العبث قبيح ويستحق فاعله الذم والعقاب.
وإن الكفر قبيح ويستحق فاعله الذم والعقاب.
وإن العدل حسن ويستحق فاعله المدح والثواب.
وإن الصدق حسن ويستحق فاعله المدح والثواب.
وإن العلم حسن ويستحق صاحبه المدح والثواب.
وإن الشكر حسن ويستحق فاعله المدح والثواب.
ولتوضيح السابق لا بد من تعريف كل من الظلم والكذب والعبث والجهل والكفر. أما العدل والصدق والعلم والشكر، فستتضح بوضوح أضدادها.
الظلم
الظلم: هو الضرر الذي يوصله الفاعل إلى غيره؛ لا لنفع يصل إلى ذلك الغير، ولا لدفع ضرر عنه، ولا لاستحقاق، ولا لظن أحد الوجوه المتقدمة.
فقوام الظلم هو إيصال الضرر إلى الغير، ولكن ليس كل إيصال ضرر نعده ظلما، بل الظلم هو الذي فيه القيود التالية:
أن لا يكون في إيصال هذا الضرر قصد نفع للمتضرر؛ فإن كان فيه نفع، لم يكن هذا ظلما. وذلك نحو تأديب الأب لابنه بالضرب أو بالحبس، أو نحوه؛ فإن فيه ضررا، لكن لما كان غرض هذا الضرر هو نفع المتضرر، لم يكن ظلما.
أن لا يكون في هذا الضرر دفع ضرر آخر عن المتضرر؛ فإن كان فيه دفع ضرر آخر لم يكن ظلما. وذلك نحو الضرر الذي يوصله الطبيب إلى مريضه بقصد علاجه، ورفع عنه أضرار أكبر؛ فإن تلك الأضرار لما كان القصد بها دفع أضرار أكبر لم تكن ظلما.
أن لا يكون فيه استحقاق؛ فإن كان الضرر الموصل إلى الغير كان بغرض الاستحقاق، نحو العقاب النازل على من ارتكب جريمة فإن ذلك الضرر ليس بظلم.
أخيرا، فإن من أوصل إلى الغير ضررا ظانا أنه ينفعه أو أنه يدفع عنه ضررا أكبر، أو ظانا استحقاقه لم يعد ظالما من هذا الوجه، وإن كان مخطئا.
Shafi 34