أما أفعاله تعالى، فمنها ما يعلم بالعقل، ويكون الشرع مقررا له
نحو: كونه تعالى خالقنا وخالق الأجسام والأعراض؛ ومنها ما يبينه الشرع نحو: كون الله تعالى قد أمرنا بأمور ونهانا عن أخرى، وغير ذلك مما يختص بعلمه الشرع.
معنى قولنا إن العقل مصدر معرفة الله تعالى
قد سبق أن بينت أن خلاصة المراد من معرفة الله تعالى هي: معرفة ما يليق بالله جل وعلا من صفات الكمال، ومعرفة ما لا يليق به تعالى من صفات النقص. فهنا عندما نقول إن العقل هو الوسيلة إلى معرفته تعالى إنما نقول إنه يستطيع أن يدرك وجوده تعالى، ويدرك صفاته، ويدرك ما يليق به، وما لا يليق به. والعقل يدرك هذا بما آتاه الله تعالى من قوة على ذلك.
ولكن لأن غرض أغلب المانعين من التفكر في معرفة الله، هو تجسيم الله سبحانه وتعالى، ولأن العقل السليم يأبى وصف الله بالجسم، فهم يدأبون على إسقاط قيمة العقل ليتم لهم مرامهم؛ والله حسبهم.
العقل
والعقل هو أداة خلقها الله لنا، يمكنها أن تدرك صحة مجموعة من القضايا. تلك القضايا تسمى بالقضايا العقلية، لأنها تستمد صحتها من العقل. ثم إن تلك القضايا على نوعين: قضايا بديهية، وقضايا استدلالية.
وقبل بيان المراد منهما أود الاشارة سريعا إلى المراد من القضية.
القضية: هي أي عبارة فيها نسبة بين شيئين؛ أو أي عبارة فيها حكم على شيء بأنه موجود. وذلك نحو: محمد صادق؛ فهنا نسبت الصدق إلى محمد. ونحو: الكتاب كبير؛ فهنا نسبت الكتاب إلى الكبر. ونحو: الكافر مخلد في النار. ونحو القرآن كلام الله. فهذه كلها قضايا لأن فيها نسبة أمر إلى أمر آخر.
أيضا قولي الله موجود، أو محمد بن عبد الله موجود، أو القرآن موجود؛ فهذه كلها قضايا فيها نسبة الوجود إلى أمر، بمعنى أن ذلك الأمر ليس عدما، وأنه وجود محدد.
وتسمى النسبة بين الأمرين حكم. وقد تكون هذه النسبة صادقة، كما قد تكون كاذبة.
Shafi 32