فالغرض من كل ما سبق من الاعتراضات، هو منع البحث في تنزيهه تعالى بالعقل؛ وحصر التنزيه تنزيههم على ظواهر الأحاديث الضعيفة، وإن خالف متونها مقتضى العقل، لما في بعضها من الكفر، فضلا عن التشبيه؛ مما يقطع به أن النبي صلى الله عليه وآله لم يسمع بها. وانظر لتعلم ما أقول في حديث البخاري الذي فيه:
(( يجمع الله الناس، فيقول:
من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبعون ما كانوا يعبدون. وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله عز وجل في غير الصورة التي كانوا يعرفونها فيقول:
أنا ربكم.
فيقولون: نعوذ بالله منك!! هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا!! فإذا جاء ربنا عرفناه.
فيأتيهم في الصورة التي يعرفون...
فيقول: أنا ربكم.
فيقولون: أنت ربنا...))(1)
فهل هذا من الله تعالى أم من كعب الأحبار؟!!
ولو أعمل أولئك القرآن الكريم لعرفوا الحق؛ ولكنهم قدموا الهوى، والنزعة التجسيمية أولا؛ ثم أخذوا بالنصوص المكذوبة على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثانيا؛ ثم فسروا القرآن الكريم وفق ذلك ثالثا؛ ثم أرهبوا من خالفهم بالابتداع والكفر رابعا.
{ لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات والأرض يتفطرن منه } (مريم:89)
وسيلة معرفته تعالى
والحق هو إن معرفة الله تعالى لا تكون الا بالعقل فقط. وأما النص، فيعد مرشدا للعقل في الوصول إلى المعارف الدقيقة التي قد يزل العقل عندها؛ بل ضرورة الاستعانة بالنص في إرشاد العقل إلى تأسيس معرفة سليمة قد بلغت حدا اعتبر معها النص وسيلة رديفة لمعرفة الله تعالى، مع أنه ليس كذلك. فمنع البحث في قضايا الإلهيات بدعوى قصور العقل، يتناقض مع كون العقل هو المصدر لهذه المعرفة أصلا.
Shafi 31