فهذه اصول الشرع وان كانت متفاوتة في انفسها اما الفرض فمعناه التقدير والقطع في اللغة قال الله تعالى
﴿سورة أنزلناها وفرضناها﴾
أي قدرناها وقطعنا الأحكام فيها قطعا والفرائض في الشرع مقدرة لا تحتمل زيادة ولا نقصان أي مقطوعة ثبتت بدليل لا شبهة فيه مثل الإيمان والصلاة والزكاة والحج وسميت مكتوبة وهذا الاسم يشير إلى ضرب من التخفيف ففي التقدير والتناهي يسر ويشير إلى شدة المحافظة و الرعاية واما الواجب فإنما اخذ من الوجوب وهو السقوط قال الله تعالى
﴿فإذا وجبت جنوبها﴾
ومعنى السقوط أن ساقط علما هو الوصف الخاص فسمى به أول لما لم يفد العلم صار كالساقط عليه لا كما يحمل ويحتمل أن يؤخذ من الوجبة وهو الاضطراب سمي به لإضطرابه وهو في الشرع اسم لما لزمنا بدليل فيه شبه مثل تعيين الفاتحة وتعديل الاركان والطهارة في الطواف وصدقة الفطر والاضحية والوتر والسنة معناها الطريق والسنن الطرق ويقال سن الماء إذا صبه وهو معروف الاشتقاق وهو في الشرع اسم للطريق المسلوك في الدين والنفل اسم للزيادة في اللغة حتى سميت الغنيمة نفلا لانها غير مقصودة بل زيادة على ما شرع له الجهاد وسمي ولد الولد نافلة لذلك واما الفرض فحكمه اللزوم علما وتصديقا بالقلب وهو الإسلام وعملا بالبدن وهو من اركان الشرايع ويكفر جاحده ويفسق تاركه بلا عذر واما حكم الوجوب فلزومه عملا بمنزلة الفرض لا علما على اليقين لما في دليله من الشبهة حتى لا يكفر جاحده ويفسق تاركه إذا استخف بأخبار الآحاد فأما متأولا فلا وانكر الشافعي رحمه الله هذا القسم والحقه بالفرائض فقلنا انكر الاسم فلا معنى له بعد اقامة الدليل على أنه يخالف اسم الفريضة وانكر الحكم بطل انكاره ايضا لان الدلائل نوعان ما لا شبهة فيه من الكتاب والسنة وما فيه شبهة وهذا أمر لا ينكر وإذا تفاوت الدليل لم ينكر تفاوت الحكم وبيان ذلك أن النص الذي لا شبهة فيه اوجب قراءة القرآن في الصلاة وهو قوله تعالى
﴿فاقرؤوا ما تيسر من القرآن﴾
وخبر الواحد وفيه شبهة تعين الفاتحة فلم يجز تغير الأول بالثاني بل يجب العمل بالثاني على أنه تكميل لحكم الأول مع قرارا الأول وذلك فيما قلنا وكذلك الكتاب اوجب الركوع وخبر الواحد اوجب التعديل وكذلك الطواف مع الطهارة فمن رد خبر الواحد فقد ضل عن سواء السبيل ومن سواه بالكتاب والسنة المتواترة فقد اخطأ في رفعه عن منزلته ووضع الاعلى عن منزلته وانما الطريق المستقيم ما قلنا وكذلك السعي في الحج والعمرة وما أشبه ذلك وكذلك تأخير المغرب إلى العشاء بالمزدلفة واجب ثبت بخبر الواحد وإذا صلى في الطريق أمر بالاعادة عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله عملا بخبر الواحد فان لم يفعل حتى طلع الفجر سقطت الاعادة لان تأخير المغرب إنما وجب إلى وقت العشاء وقد انتهى وقت العشاء فانتهى العمل فلا يبقى الفساد من بعد إلا بالعلم وخبر الواحد لا يوجبه ولا يعارض حكم الكتاب فلا يفسد العشاء وكذلك الترتيب في الصلوات واجب بخبر الواحد فإذا ضاق الوقت أو كثرت الفوائت فصار معارضا بحكم الكتاب بتغيير الوقتية سقط العمل به وثبت الحطيم من البيت بخبر الواحد
Shafi 137