هو كوكب الزهرة؛ لذلك نستنتج أن الزهرة كان إلها ذكرا، أخذ دور الابن في الثالوث المقدس عند عرب الجنوب وحمل اللقبين: «العزيز آزيزوس» و«المنعم مونيموس»، ويذهب بعض الباحثين إلى أنه المقصود بالنجم الثاقب في القرآن الكريم.
33
و«العزيز» ترد في صيغة أخرى هي «عزين»،
34
ونظنها تقابل الصيغة «عزيم» في اللسان العبري، إذا أخذنا في الحسبان خلط اللسان بين حرفي ال «ن» وال «م»، و«العزيم» في العبرية ليس سوى الماعز، والتيوس بوجه خاص، وهو ما يعيد إلى أذهاننا صفة الأب القمر كثور أو خروف أو تيس؛ لذلك حملت لنا اللغة في حفرياتها ما يؤكد أن الابن قد حمل - بدوره - عن الأب الصفة نفسها. وأن الإصرار على تصوير الآلهة القمرية في الجنوب بصور الحيوانات المشهور عنها قدرة الإخصاب الجنسي، وكانت رموزا لآلهة الخصب عموما، سواء في بلاد الرافدين أم الشام أم مصر، حيث كان الثور والتيس ممثلين لآلهة الفداء المعروفة بآلهة الخصب، يطرح علينا تساؤلا: هل عرفت بلاد اليمن القديمة، في عصور ازدهارها كيمن سعيد زراعي خصب، عبادة الخصب وما رافقها من طقوس الجنس الجماعي، ونذر البنات للمعابد كبغايا للإله؟
الحقيقة أننا لم نعثر بهذا الصدد على مؤيدات واضحة ، إنما عثرنا على ما يضع الأمر موضع الترجيح، فقد جاءت لنا النصوص القتبانية بأسماء نساء دخلن سلك الكهنة وقدمن أنفسهن كمنذورات للمعابد،
35
كما جاءنا نقش من معين يصور إلهة على هيئة امرأة تحمل سنابل في يدها اليسرى، وتنشر الخير فوق الجميع بيدها الأخرى، وهي دلالة واضحة على إلهة خصب بلا لبس، وخاصة سنابل الحبوب التي استخدمت كرمز خصب في كل العبادات الجنسية القديمة، ويمكننا أن نفهم السر في اعتبار سنابل القمح رمز خصب، إذا أخذنا في اعتبارنا هيئة حبة القمح المفلوقة، التي كانت في نظر الإنسان القديم فرجا صغيرا، وملاحظة أنها عندما تروى بالمياه كما يروى فرج الأنثى بمياه الذكر، تنفلق الحبة عن حياة جديدة ممثلة في نبتة جديدة، كما ينفلق فرج الأنثى عن المولود الجديد، هذا إضافة إلى ما أورده الباحثون أنه كان لدى يمن الجنوب طقس يمارس عند إصابة المنطقة بجفاف، فيخرجون بالأضاحي إلى العراء، ويرددون أدعية وأناشيد ما زالت تردد إلى الآن في المناسبات نفسها وفي المنطقة نفسها.
36
أما طقس التضحية الذي عرفناه إبداعا خاصا بالمجتمع الأبوي الرعوي، والذي استمر بعد تزاوج المجتمعين الأبوي والأمومي، وعبادة الخصب في هذه المجتمعات، واقتران الأضاحي بطقوس الجنس. فإننا نجد له ترديدا واضحا في القرابين الحيوانية، التي كانت تقدم لآلهة اليمن، وفي النقش «مختن. ملكن. بمكي» كانت كلمة مختن تعني المذبح، ومنها الختان الذي هو بديل عن الذبح الكلي للطفل كقربان للإله، وهو بدوره رمز جنسي واضح، يرجح نوعا من الطقوس الجنسية في العبادات اليمنية.
Shafi da ba'a sani ba