يقول الكتاب المقدس: «وكان هابيل راعيا للغنم، وكان قايين عاملا في الأرض، وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب، وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها، فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين لم ينظر.»
51
ورغم أن هناك أمورا غير منطقية كثيرة بالكتاب المذكور، إلا أن مسألة قبول الإله للحم «هابيل»، ورفضه لثمار «قايين» يصعب قبولها على علاتها، أو افتراض أن الإله ربما كان من «اللواحم» وكفى، فلا ريب أن في الظروف الموضوعية التي أحاطت بالشعب العبري - وهو شعب رعوي - صاحب ومؤلف الكتاب المقدس، أسبابا دفعته إلى التأكيد على علاقة الرب الودية بالراعي، مقابل نفوره من المزارع، دونما سبب واضح غير أن هذا راع وذاك مزارع، تلك العلاقة التي توجها الموقف المأساوي المتمثل في مقتل الراعي على يد المزارع؛ لإبراز الشر الكامن في المزارع، مقابل طيبة الراعي؛ ومن ثم وجب الثأر المتأصل في القبلية، فحل الغضب الإلهي على المزارع؛ ومن ثم تقدس قربان «هابيل» الراعي، الذي ما كان ممكنا قبوله أو وصوله إلى الرب، دون ذبحه وحرقه لتتصاعد مادته، فيتسلمها الرب فتهدأ نفسه وتستريح.
وهنا بالضبط أتصور السر الكامن وراء الدم والذبح والحرق والتقرب بالخروف والتيس، كوسائل تواصل بين الراعي ورب الرعاة، وهنا يكمن السر في تنافس العرب واليهود (وكلاهما راع) في تأكيد الفخر لنفسه بأنه كان المذبوح للرب (مشخصين في إسماعيل وإسحاق)، وأنه هنا يكمن السر في التضحية بسيد القبيلة أو ملكها باعتباره الأب والمعبود، تمثل - في ذروته - في التضحية بالخروف الأكبر «يسوع» في العقيدة المسيحية، ولنحاول الآن إقامة عمد هذه الرؤية.
ونبدأ بالإشارة إلى الاحتفالية المسيحية بعيد الفصح، وهو موعد قيامة «المسيح» بعد أيام ثلاثة من موته، وفيه يؤكل لحم الخروف، بعد حرمان من أكل أي طعام حيواني، يقضيه المسيحيون اختياريا لمدة خمسة وخمسين يوما في صيام يقتصر الطعام فيه على النبات، ولنا حول ذلك ملاحظات، مع إضافات لازمة:
أن صيام العذراء رمز واضح - كما سبق أن أشرنا - إلى العصر الأمومي الزراعي، وخاصة أنه قد خصص للأم العذراء «مريم» بالذات.
أن نهاية الصيام الكبير تتم بعيد الفصح الذي يكسر فيه الصيام بأكل الخروف، وهو ليس سوى رمز لنهاية النظام الأمومي في المجتمعات الزراعية وسيادة النظام الذكري الرعوي الغازي ممثلا في الخروف، قربان الرعاة المفضل.
أن المسيح - بنص الأناجيل - كان يعد لمريم «ابنها البكر».
52
أن المسيح - بنص الأناجيل - كان يعد «ملكا لليهود».
Shafi da ba'a sani ba