وقد حمل الصفات نفسها التي صبغه بها اليمنيون، صفات الأب الحنون الرحيم الذي فدى أبناءه في سالف الأزمان، فنجده في الأدب الأوجاريتي «الكنعاني» هو «أبو الآلهة» وهو «إل. د. ف اد» أي إله الرحمة والشفقة؛ لأن لفظة «ف ا د» يقابلها في العربية «الفؤاد». أما حرف الدال فهو للإضافة، وهو «ب ن ي. ب ن وت» ويترجمها د. فريحة «خالق الخلائق» ولها لدينا ترجمة أخرى هي «أبو أبنائه» وتعني تأكيد معنى الأبوة. وفي تلك التسمية دعم آخر لمذهبنا في كون الإله هو الأب البدائي الذي اعتبرناه رحيما فاديا، وليس مرعبا قاسيا كما ذهب آتكسون وروبرتسون سميث وفرويد. ومن ألقابه أيضا «م ل ك. أب. ش ن م» أي الملك الأب السامي؛ لأن «ش ن م» تعني السمو والعلو، وهو أيضا «ل ط ف ن» أي لطفان أي كثير اللطف، وهو أيضا «ث ر إل» أي الإله الثور، وهي صفة لا تحتاج تعليقا، وهو «أب. آدم» أي أبو البشر.
77
وهي صفة أخرى تؤكد مذهبنا في بداية التأليه. إلا أن الغريب في كل هذا أن نجد هذا الإله معروفا في التوراة (الكتاب المقدس، العهد القديم)، والأغرب أن يقول لنا العلامة موسكاتي إن زوجته «أثرت» قد عرفت بدورها طريقها للتسجيل بين أسفار الكتاب بالاسم «أشيرا»،
78
وهو يشبه بوضوح التسمية الفينيقية الكنعانية «عشيرات». ووجه الغرابة تعارض ذلك مع ما ظل يردده اليهود أنهم شعب موحد، نزه الخالق عن طبيعة المخلوقات، لكننا عندما نتناول الكتاب المقدس لنطالعه سنجده يقرر دون تردد أن ديانة العبريين - على الأقل في مراحلها الأولى - كانت ديانة تثليث، وهو ما سنحاول إيضاحه الآن مما قرأناه في ذلك الكتاب.
مع بداية الكتاب المقدس سنجد سفر التكوين - وطوال مرحلة طويلة من بداية الخلق وحتى خروج «موسى» بنبوته - يعطينا للمعبود العبري الاسم «إيل»، ويقرر دون مواربة أن «إيل إله إسرائيل»،
79
وأنه هو «إله بيت إيل»،
80
ذلك الاسم الذي عرفناه إلها للقمر في الجنوب العربي، وضلعا أكبر في ثالوث يتكون من أب وأم وابن. (10) الثالوث العبري
Shafi da ba'a sani ba