81

Urjanun Jadid

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

Nau'ikan

وشاهد آخر هو جزر البحر ومده، شريطة أن تكون المياه نفسها قد شوهدت تتحرك بحركة دائرية (وإن تكن بطيئة وصعبة الملاحظة) من الشرق إلى الغرب، ولكن بحيث تنحسر مرتين في اليوم، فإذا كان الأمر كذلك لتبين أن الحركة الدائرية غير مقصورة على السماء، بل يشارك فيها الهواء والماء.

وحتى تلك الخاصية للمواد الخفيفة - أي ميلها للحركة إلى أعلى - هي خاصية متفاوتة بعض الشيء، خذ مثلا فقاعة الماء كشاهد تحالف في هذه الحالة، فإذا كان الهواء تحت الماء فإنه يرتفع بسرعة تجاه سطحه بواسطة الحركة اللاكمة (كما يسميها ديمقريطس) التي يضرب بها الماء الهابط الهواء ويرفعه إلى أعلى، وليس بواسطة سعي أو جهد من جانب الهواء نفسه، وحال وصول الهواء إلى سطح الماء تمنعه من الصعود أكثر تلك المقاومة الهينة التي يجدها في الماء الذي لا يسمح بالانفصال الفوري لأجزائه، وهكذا فميل الهواء نفسه للصعود لا بد أنه ميل ضئيل جدا.

افترض أيضا أن الطبيعة المقصودة هي الثقل، إن من التمييزات المقبولة تماما أن الأشياء الكثيفة الصلبة تميل إلى الاتجاه نحو مركز الأرض، بينما تميل الأشياء الخفيفة القليلة الكثافة إلى الاتجاه نحو محيط السماء ... أي إلى أماكنها الصحيحة، أما عن الأماكن فمن العبث والطفولية أن نعتقد (وإن كان مثل هذا النوع من الأفكار منتشرا في المدارس) أن المكان له أي تأثير على الإطلاق؛ لذا فإن الفلاسفة يهرفون إذ يقولون: إنه إذا ثقبت الأرض فإن الأجسام الثقيلة سوف تتوقف عندما تصل إلى مركز الأرض. إنه ليكون ضربا غريبا حقا من العدم المؤثر أو النقطة الرياضية المؤثرة، هذا المركز إذا كان يؤثر على الأجسام أو تسعى إليه الأجسام! فالجسم لا يؤثر عليه إلا جسم، أما الميل إلى الحركة إلى أعلى أو إلى أسفل فهو يعتمد إما على بنية الجسم المتحرك وإما على تجانسه أو توافقه مع جسم آخر، فإذا ما وجد أي جسم هو كثيف وصلب ولكنه لا يميل إلى الحركة تجاه الأرض فإن هذا التمييز يتقوض، أما إذا قبلنا رأي جلبرت بأن القوة المغناطيسية للأرض الجاذبة للأشياء الثقيلة لا تتجاوز نطاقها الخاص (الذي يمتد دائما إلى حد معين ولا يتخطاه)،

54

وإذا ثبت ذلك بشاهد ما، فسيكون هذا الشاهد أحد «شواهد التحالف» في هذا الموضوع، إلا أنه لم يقع تحت الملاحظة شاهد مؤكد وواضح على هذه النقطة حتى الآن، وأقرب الأشياء إليه - فيما يبدو - هو أعمدة الماء التي كثيرا ما يشاهدها المسافرون خلال المحيط الأطلنطي إلى أي من الهندين. إن كتلة وقوة الماء المدفوع فجأة بهذه الأعمدة تبدو هائلة بحيث تنم عن تراكم مسبق للماء الذي يبقى ثابتا حيث تكون، حتى يحمله على السقوط فيما بعد سبب ما عنيف غير الحركة الطبيعية لثقله، ومن ثم فقد يخمن المرء بأن كتلة فيزيقية كثيفة ومدمجة على مسافة كبيرة من الأرض ستظل معلقة كالأرض نفسها ولن تسقط ما لم تحمل على السقوط، غير أني هنا لا أدعي أمرا يقينيا، وفي هذا وكثير غيره سنرى بوضوح كم نحن معوزون في التاريخ الطبيعي، ما دمنا نضطر أحيانا إلى تقديم افتراضات بدلا من تقديم شواهد أكيدة.

افترض كذلك أن الطبيعة المقصودة هي إعمال العقل، إن التمييز بين عقل الإنسان وغريزة الحيوان يبدو صائبا تماما، غير أنه في بعض الأحيان تومئ أفعال الحيوانات إلى أنها تمر خلال سلسلة من الاستدلال: يحكى أن غرابا اشتد عليه العطش في قحط عظيم حتى كاد يقتله، فلمح بعض الماء في جذع شجرة أجوف، ولما كان الجذع أضيق من أن ينفذ فيه، فقد جعل يسقط حصوات في التجويف الواحدة تلو الأخرى لكي يرتفع منسوب الماء فيتمكن من الشرب، وقد جرى ذلك فيما بعد مجرى الأمثال.

55

وافترض أيضا أن الطبيعة المقصودة هي الرؤية، ثمة تمييز يبدو حقا ويقينا تماما بين الضوء وهو المرئي الأصلي والمصدر الأولي للإبصار، وبين اللون وهو مرئي ثانوي ولا يبصر بغير الضوء، ومن ثم يبدو أنه مجرد صورة أو تعديل للضوء لا أكثر، إلا أن هناك - فيما يبدو - «شواهد تحالف» في ذلك لكلا الجانبين: الجليد بكميات كبيرة، ولهب الكبريت، يظهر في أحدهما أن هناك لونا يصير ضوءا، وفي الآخر أن هناك ضوءا ينحدر تجاه اللون.

56 ••• (36) وبين شواهد الامتياز سأضع في المرتبة الرابعة عشرة «الشواهد الصليبية»

crucial instances ،

Shafi da ba'a sani ba