54

Urjanun Jadid

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

Nau'ikan

حتى في أحر جزء من العالم وفي أحر الأوقات من العام ومن اليوم، فإن حرارة الأجرام السماوية لا تبلغ درجة تحرق أو تسفع الخشب أو القش أو حتى الصوفان الأشد جفافا، ما لم تكثف الحرارة بواسطة العدسات الحارقة، غير أنها يمكن أن تبعث بخارا من المادة الرطبة. (15)

تعاليم الفلكيين تجعل بعض النجوم أحر وبعضها أبرد، فالمريخ يقال: إنه الأشد حرا بعد الشمس يليه المشتري ثم الزهرة، أما القمر فيقال: إنه بارد، وزحل أبردها جميعا، وبين النجوم الثابتة يقال: إن «الشعرى اليمانية» هو الأعلى حرارة، يليه «قلب الأسد» أو «الملك الصغير» ثم «الكلب» ... إلخ. (16)

كلما اقتربت الشمس من الخط العمودي أو من «السمت»

Zenith

بعثت حرارة أكبر، وربما ينسحب هذا أيضا على الكواكب الأخرى وفقا لدرجتها الحرارية، ف «المشتري» مثلا يكون أعلى حرارة عندما يقع تحت «السرطان» أو «الأسد» منه عندما يكون تحت «الجدي» أو «الدلو». (17)

ينبغي أيضا أن نتوقع من الشمس نفسها ومن الكواكب الأخرى أن تبعث حرارة عندما تكون في «الحضيض» (أقرب نقطة في مدارها للأرض ) - لاقترابها من الأرض - أكبر مما تبعثها عندما تكون في «الأوج» (أبعد نقطة في مدارها عن الأرض)، ولكن إذا تأتى للشمس في أي منطقة أن تكون في «الحضيض» وأقرب إلى الخط العمودي في الوقت نفسه فلا بد أنها ستكون أشد حرا مما تكونه في منطقة تكون فيها في «الحضيض» وفي موقع أكثر ميلا؛ ومن ثم فإن علينا أن نعقد دراسة مقارنة لارتفاعات الكواكب من حيث اقترابها من الخط العمودي وميلها عنه في المناطق المختلفة. (18)

يعتقد أيضا أن الشمس والكواكب الأخرى تكون أشد حرا عندما تكون بمقربة من نجوم ثابتة أكبر، فإذا كانت الشمس في برج الأسد فإنها تكون أقرب من «قلب الأسد» و«ذيل الأسد» و«سنبلة العذراء» و«الشعرى اليمانية» و«نجم الكلب» منها عندما تقع في برج السرطان، حيث تكون رغم ذلك أقرب إلى الخط العمومي، وينبغي أن نفترض أن بعض أجزاء السماء تبعث حرارة أكبر (وإن تكن غير مدركة باللمس)؛ لأنها مفروشة بعدد أكبر من النجوم، وبخاصة النجوم الأكبر. (19)

بصفة عامة تزداد حرارة الأجرام السماوية بثلاث طرق: بالتعامد وبالاقتراب من الحضيض وبالتجمع أو الترافق مع النجوم. (20)

بصفة عامة فإن حرارة الحيوانات وحرارة الأشعة السماوية أيضا (كما تصلنا) تختلف كثيرا عن اللهب، حتى أخف أنواع اللهب، وعن الأجسام المتقدة، وأيضا عن السوائل أو الهواء نفسه عندما يسخن بالنار تسخينا شديدا، فلهب الكحول - حتى في شكله الطبيعي غير المركز - يظل قادرا على إشعال القش أو الكتان أو الورق، وهو ما لا تقدر عليه حرارة الحيوانات أو حرارة الشمس بدون عدسات حارقة. (21)

هناك رغم ذلك درجات من القوة والضعف في حرارة اللهب والأشياء المشتعلة، ولكن حيث إنها لم تدرس بعناية فإن علينا أن نمر عليها مرورا عابرا، فبين جميع ضروب اللهب يبدو أن لهب الكحول ألطفها، ربما باستثناء وهج المستنقع أو الوميض الصادر من عرق الحيوانات، يلي ذلك - فيما أفترض - اللهب الصادر من المادة النباتية الخفيفة والمسامية كالقش ونبات السمار والأوراق اليابسة، ولا يختلف عنها كثيرا اللهب الصادر من الشعر والريش . ربما يأتي بعد ذلك لهب الخشب، وبخاصة تلك الأنواع من الخشب الأقل احتواء على الراتنج أو القار، علما بأن لهب الأخشاب الأقل ثقلا (التي تربط عادة في حزم) ألطف من لهب جذوع الأشجار وجذورها، يعرف ذلك كل من لديه خبرة بالأفران التي تصهر الحديد، حيث لا يجدي فيها الحطب وفروع الأشجار، يلي ذلك - فيما أعتقد - اللهب الصادر من الزيت والشحم الحيواني والشمع وما إليها من المواد الدهنية الهينة اللسع، أما اللهب الأشد قوة فيوجد في القار والراتنج، وأشد منه في الكبريت والكافور والنافثا والملح الصخري والأملاح (بعد إفراغ المادة الخام) وفي مركباتها كالبارود، والنار الإغريقية (التي يطلق عليها

Shafi da ba'a sani ba