تعالى بالتوبة، فقال: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ لأن المؤمن يدعوه إيمانه إلى التوبة، ثم علق على ذلك الفلاح، فقال: ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة، وهي الرجوع مما يكرهه اللَّه، ظاهرًا وباطنًا، إلى: ما يحبه ظاهرًا وباطنًا، ودل هذا، أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة؛ لأن اللَّه خاطب المؤمنين جميعًا، وفيه الحث على الإخلاص بالتوبة في قوله: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ﴾ أي: لا لمقصد غير وجهه، من سلامة من آفات الدنيا، أو رياء وسمعة، أو نحو ذلك من المقاصد الفاسدة» (١).
الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (٢).
قال الإمام ابن جرير الطبري ﵀: «يقول تعالى ذكره: واللواتي قد قعدن عن الولد من الكبر من النساء، فلا يحضن، ولا يلدن، واحدتهنّ قاعد ﴿الَّلاتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ يقول: اللاتي قد يئسن من البعولة، فلا يطمعن في الأزواج ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾ يقول: فليس عليهنّ حرج، ولا إثم أن يضعن ثيابهنّ، يعني جلابيبهنّ، وهي القناع الذي يكون فوق الخمار، والرداء الذي يكون فوق الثياب، لا حرج عليهن أن يضعن ذلك عند المحارم