111

Unknown

مقتطفات من السيرة

Nau'ikan

قصة سيدنا أيوب ﵇ مع زوجته لذلك سيدنا أيوب لما تأخرت عليه زوجته وكانت ذاهبة تأتي له بالأكل وهو طريح الفراش، حلف بالله أن يضربها مائة سوط، فعندما خرجت من عنده: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء:٨٣]، فقال له ربه: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ [ص:٤٢] فضرب برجله الأرض ولم يكن يستطيع أن يحرك رجله؛ لأنه كان مشلولًا، فضرب برجله فنبع الماء، فشرب قليلًا واغتسل بالباقي فعاد شابًا كما كان، وبرئ من المرض. فدخلت عليه، فظنته رجلًا آخر فقالت له: هل رأيت زوجي؟ قال لها: رأيته، قالت: فأين ذهب؟ قال: هو الجالس أمامك، فسجدت لله سجدة الشكر، ثم أراد أن يبر بيمينه فيضربها مائة سوط، فقال له ربنا: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ﴾ [ص:٤٤] يعني: مائة عود من أعواد القمح، ويجعلها في حزمة واحدة ويضربها ضربة واحدة، ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص:٤٤]. فالمسلم يعامل زوجته بحنان ورقة، والله يبارك له فيها، وهذه المعاملة تجعل الزوجة تستحي من زوجها قليلًا، وإذا لم تؤثر فيها هذه المعاملة فقد أخذ ثواب الصبر. قيل إن الجاحظ كان يمشي في الصحراء فرأى خيمة، فجاء إليها وقال: السلام عليكم يا أهل الخباء، فرد ﵇ امرأة وقالت: من؟ قال: الضيف، قالت: وما للضيف عندنا؟ قال: يكرم، قالت: ما عندنا شيء، فخرج من الخباء وجه امرأة مقطب الجبين، فخاف الجاحظ منها، ثم رأى رجلًا مقبلًا هاشًا باشًا وضيء الوجه، فقال: مرحبًا، أهلا أخا الإسلام، من أنت؟ قال: ضيف، قال: مرحبًا بالضيف، وأتى به وأقعده وأكله. ثاني يوم ألجأته الرحلة إلى خيمة، فقالت: السلام عليكم يا أهل الخباء؟ فقالت امرأة: من؟ قال: ضيف، قالت: مرحبًا بالضيف، فجلس خارج الخيمة وأتت له بفرخة، فأكل حتى شبع، وبعد قليل أتى رجلًا مكشر الوجه، فنظرت إليه لكي يلقي السلام فلم يلق، قلت: فألق السلام، فأشاح إلي بيده، ودخل إلى الداخل، قال: فسمعت صياحًا بينه ويبن زوجته، فاستلقيت على قفاي من الضحك، وخرج الرجل فقال: أتضحك وأنا أتصارع مع زوجتي؟! قال: لقد رأيت البارحة عجبًا ورأيت اليوم عجبًا، الأمس رأيت المرأة بخيلة جدًا وزوجها كريم وبشوش، واليوم الرجل بخيل جدًا وزوجته كريمة، قال: المرأة التي رأيتها بالأمس هي أختي، وهذه المرأة أخت الرجل الذي رأيته بالأمس. فالمؤمن كما أخبر رسول الله ﷺ أن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه. قال ﷺ: (تبسمك في وجه أخيك صدقة). قيل: إن الأصمعي الأديب العربي المعروف لقي امرأة كالبدر ليلة التمام وزوجها يقطب في وجهها، وشكله دميم ومكشر، فقال: ما الذي يصبرك على هذا؟ قالت: لعله صنع حسنة ما فجازاه الله عنها خيرًا بي، وصنعت أنا سيئة يومًا ما فجازاني الله بها شرًا به.

6 / 11