الرفعة في بعض متون فقه المذاهب الأربعة
الرفعة في بعض متون فقه المذاهب الأربعة
Mai Buga Littafi
دار عمار للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٤١ هـ -٢٠٢٠ م
Nau'ikan
هـ أَهِمِّيَّةُ الدَّلِيلِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ:
ثَبَتَ عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ﵀ تَعَالَى قَوْلُهُ: (إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي) (^١) وَنُقِلَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا مِنْ سِيَادَتِهِ وَأَمَانَتِهِ وَهَذَا نَفَسُ إِخْوَانِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ ﵏ وَرَضِيَ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَئِمَّةَ كَانُوا لَا يُقَدِّمُونَ عَلَى النَّصِّ رَأْيًا، وَهُمُ الَّذِينَ وَضَعُوا الْمَنْهَجَ الْأُصُولِيَّ لِلْفِقْهِ فَقَالُوا: [لَا اجْتِهَادَ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ].
فَلَا يُوجَدُ فَقِيهٌ تَرَكَ الْآيَةَ وَالْحَدِيثَ الصَّحِيحَ، وَقَدَّمَ رَأْيَهُ عَلَيْهِمَا، أَوْ تَعَصَّبَ لِرَأْيِ شَيْخِهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ، وَإِنَّمَا يُقَدِّمُونَ النَّصَّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الْآيَةُ ظَنِّيَّةَ الدَّلَالَةِ -وَكَذَا الْحَدِيثُ- أَوْ لَمْ يَثْبُتِ الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ اجْتَهَدُوا وَأَعْمَلُوا الْفِكْرَ لِلْوُصُولِ إِلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ ﵀: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ رَأَى حَدِيثًا صَحِيحًا قَالَ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَعَمِلَ بِظَاهِرِهِ، وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَنْ لَهُ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِفَتِهِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ ﵀ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مُطَالَعَةِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ كُلِّهَا وَنَحْوِهَا مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِهِ الْآخِذِينَ عَنْهُ وَمَا أَشْبَهَهَا وَهَذَا شَرْطٌ صَعْبٌ قَلَّ مَنْ يَتَّصِفُ بِهِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا مَا ذَكَرْنَا
_________
(^١) تقريب الوصول إلى علم الأصول، لابن جزي ص ٢٠٢.
1 / 21