78

كشف شبهات الصوفية

كشف شبهات الصوفية

Mai Buga Littafi

مكتبة دار العلوم

Inda aka buga

البحيرة (مصر)

Nau'ikan

وتجعلني بصيرًا». ولكنه لم يفعل، لماذا؟ لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم، ويعرف أنه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة، يذكر فيها اسم المتَوسَّل به، بل لابد أن يشتمل على المجيء إلى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب والسنة، وطلب الدعاء منه له. ثانيًا: أن النبي ﵌ وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الأفضل له، وهو قوله ﵌: «إن شئتَ دعوتُ، وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك». وهذا الأمر الثاني هو ما أشار إليه ﵌ في الحديث الذي رواه عن ربه - أنه قال: «إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه - أي عينيهـ فصبر، عوضته منهما الجنة». (رواه البخاري) ثالثًا: إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله: (فادْعُ) فهذا يقتضي أن الرسول ﵌ دعا له؛ لأنه ﵌ خير من وفَّى بما وعد، وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق، فقد شاء الدعاء وأصر عليه، فإذن لا بد أنه ﵌ دعا له، فثبت المراد. وقد وجَّهَ النبي ﵌ الأعمى بدافع من رحمته، وبحرص منه أن يستجيب الله تعالى دعاءه فيه، وجهه إلى النوع الثاني من التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه وهذه الأعمال طاعة لله - يقدمها بين يدي دعاء النبي ﵌ له، وهي تدخل في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ﴾. وهكذا فلم يكتف الرسول ﵌ بدعائه للأعمى الذي وعده به، بل شغله بأعمال فيها طاعة لله - وقُربة إليه، ليكون الأمر مكتملًا من جميع نواحيه، وأقرب إلى القبول والرضا من الله ـ، وعلى هذا، فالحادثة كلها تدور حول الدعاء - كما هو ظاهر - وليس فيها ذكر شيء مما يزعمون. رابعًا: أن في الدعاء الذي علمه رسول الله ﵌ إياه أن يقول: «اللهم فشَفّعْهُ فِيّ» وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته ﵌، أو جاهه، أو حقه، إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته ﵌ فِيّ، أي اقبل دعائه في أن ترد عليَّ بصري، والشفاعة لغةً الدعاء، وهو المراد

1 / 87