وَأما الْهم فِي مثل قَوْله تَعَالَى ﴿وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا﴾ وَفِي قَوْله ﷺ من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حسنه وَمن هم بسيئه فَلم يعملها لم تكْتب عَلَيْهِ فَالظَّاهِر أَنه مرادف للعزم وَأَن مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا ويستحيل على الله تَعَالَى كَمَا اسْتَحَالَ الْعَزْم
وَأما النِّيَّة فَهِيَ إِرَادَة تتَعَلَّق بإمالة الْفِعْل الى بعض مَا يقبله لَا بِنَفس الْفِعْل من حَيْثُ هُوَ فعل فَفرق بَين قصدنا لفعل الصَّلَاة وَبَين قصدنا لكَون ذَلِك قربَة أَو فرضا أَو نفلا أَو أَدَاء أَو قَضَاء الى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ جَائِز على الْفِعْل بالإرادة الْمُتَعَلّقَة بِأَصْل الْكسْب والإيجاد وَهِي الْمُسَمَّاة بالإرادة من جِهَة أَن هَذِه الْإِرَادَة مميلة للْفِعْل الى بعض جهاته الْجَائِزَة عَلَيْهِ فتسمى من هَذَا الْوَجْه نِيَّة فَصَارَت الْإِرَادَة إِذا اضيف إِلَيْهَا هَذَا الِاعْتِبَار صَارَت نِيَّة
وَهَذَا الِاعْتِبَار هُوَ تَمْيِيز الْفِعْل عَن بعض رتبه وتمييز الْفِعْل عَن بعض رتبه جَائِز على الله تَعَالَى فَإِنَّهُ ﷾ قدير يُرِيد بِالْفِعْلِ الْوَاحِد نفع قوم وضرر قوم وضلال قوم الى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ جَائِز على فعله تَعَالَى كَمَا قَالَ جلّ علاهُ ﴿قل هُوَ للَّذين آمنُوا هدى وشفاء وَالَّذين لَا يُؤمنُونَ فِي آذانهم وقر وَهُوَ عَلَيْهِم عمى﴾ فَجعل نفس إِنْزَال الْقُرْآن الْقَدِيم هدى لقوم وضلالا لآخرين وَهُوَ فعل وَاحِد وَالْكل بإرادته تَعَالَى ومشيئته
وَكَذَلِكَ نعمه على خلقه قد تكون فتْنَة لآخرين ونقمة عَلَيْهِم وَقد تكون نعْمَة لأخرين بالاتعاظ وَغَيره من النعم وَالْكل بإرادته تَعَالَى
1 / 9