Cimdat Ricaya
عمدة الرعاية بتحشية شرح الوقاية
Nau'ikan
قلت: فحينئذ يكون قول المحدثين والمؤرخين وسائر العلماء المعتبرين أنه من المجتهدين، وذكرهم له في أثناء ذكرهم، وذكر قوله ومذهبه عند ذكر أقوالهم ومذاهبهم، وإشاعة قوله فيما بينهم ردا وقبولا كاذبا وباطلا، ومن التزم ذلك فهو أجهل الجاهلين باليقين.
وأيضا: قد أجمعت كلماتهم على أن أبا حنيفة كان من الفقهاء، حتى قال محمد بن ادريس الإمام الشافعي: إن الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة، ولم يذكره أحد من المؤرخين والمحدثين إلا وصفه بفقيه أهل العراق، ومن المعلوم أن هذه الصفة لا توجد بدون قوة الاجتهاد، فإنه يشترط في حصول الفقه ملكة الاستنباط والاجتهاد كما هو مصرح في كتب أصول الفقه؛ ولذلك صرحوا أن المقلد الذي ليس له ملكة الاستنباط ليس بفقيه، بل هو حاك وناقل، فلو لم يكن تبلغه إلا سبعة عشر حديثا كيف يصح حكمهم ذلك، وكيف يصح حكم الشافعي فيما هنالك.
وأيضا: المسائل الفرعية في العبادات والمعاملات التي نقلت عن الإمام في كتب تلامذته كالكتب الستة للإمام محمد: ((الجامع الصغير)) و((الجامع الكبير))، و((السير الكبير))، و((السير الصغير))، و((المبسوط)) و((الزيادات))، و((كتاب الآثار))، له و((كتاب الحجج)) له، وكتاب ((الخراج)) لأبي يوسف، و((الأمالي)) له، و((المجرد)) لابن زياد، ونحو ذلك أكثر من أن تحصى، وكلها ليست منصوصة في القرآن، ولا ثبتت بإجماع، وأكثرها مما لا تدرك لمجرد القياس والرأي، فإن كان لم تبلغه أحاديث فكيف أفتى بها، ومن أين استخرجها، وحكم بها، ومن لا تبلغه من الأحاديث إلا سبعة عشر كيف يفتي بهذه الأحكام المتكثرة.
فإن قلت: يمكن أن تكون مسموعاته سبعة عشر فقط، واطلع على أحاديث كثيرة من غير رواية، فاستخرج منها الأحكام.
Shafi 160