145

Cimdat Ricaya

عمدة الرعاية بتحشية شرح الوقاية

وذكر الزرقاني شارح ((المواهب اللدنية)) و((الموطأ)) وغيره في عدد رواياته أقوالا:

أحدها: إن رواياته خمسمئة.

وثانيها: سبعمئة.

وثالثها: بضع وألف.

ورابعها: سبع مئة وألف.

وخامسها: ست وستون وستمئة.

تنبيه:

وقع في نفس ((تاريخ ابن خلدون)) المطبوعة: أبو حنيفة يقال: بلغت رواياته إلى سبعة عشر حديثا. انتهى(1). وهذا القول قد اغتر عليه كثير من عوام الزمان، وفتحوا لسان الطعن على الإمام العظيم الشأن، وقالوا: لم يكن له بالحديث عرفان، ولم يرو إلا سبعة عشر حديثا كما صرح به ابن خلدون المؤرخ الكبير الشأن، ولا عجب منهم، فلم يزل من شأن الجهلاء الطعن على العلماء، وهذا أمر ناله العلماء بوراثتهم عن الأنبياء، فكما طعن معاصرو الأنبياء ومن بعدهم ممن لم يعرف قدرهم ولم يدرك رتبتهم الرسل والأنبياء، كذلك يطعن جهلاء كل عصر على من يعاصرهم، ومن سلفهم من العلماء المتدينين والأئمة المجتهدين.

إنما العجب من العلماء حيث ينقلون هذا القول المردود القبيح، ويقرؤنه ويسكتون عليه ولا يتعرضون بالتغليظ والتقبيح، وقد نقله بعض أفاضل عصرنا(2) في كتابه: ((الحطة بذكر الصحاح الستة))(3)، وسكت عليه، ومنه أخذ بعض أتباعه ومقلديه هذه الكلمة وأشاعها، وظن صدقها وروجها مع أنه يحرم على العالم لاسيما من كان نظره وسيعا وعلمه رفيعا أن ينقل هذه الكلمة إلا للرد عليها وتغليطها، ونحن نقول:

أولا: إن هذا القول ان لم يكن غلطا وزلة من ابن خلدون، أو من كتاب ((تاريخه))، أو من مهتمي طبعه، فهو قول مخالف للثقات الذاكرين تعداد الروايات للإمام الأعظم ذي الكرامات، فيكون شاذا مردودا.

Shafi 156