Sarakunan Magana
أمراء البيان
Nau'ikan
[80_2]
عبد الله بن المقفع
عصره:
كان عصر ابن المقفع غريبة العصور، وقعت في أعوام معدودة منه أحداث خطيرة، ندر وقوع مثلها في عصور التاريخ. كانت فيه الخلافة الأموية في أعز أيامها، وليس في الأرض دولة إسلامية غيرها، فتداعت أركانها في شهور قليلة، على رسوخ قواعدها، وانبساط عمرانها، وما استطاع آخر خلفائها مروان بن محمد على بعد غوره، وجلالة قدره، أن يدفع عن دولته ما كانت الليالي تتمخض به.
فتم لبني هاشم ما سعوا إليه منذ سنتين للاستيلاء على بلاد الإسلام، ونجحت جمعياتهم السرية بعد أن أخفقوا في طلب الملك مرات. وقضى بنو هاشم على بني أمية، وقد أبادوا في الوصول إلى أغراضهم مئات الألوف من الخلق، وأهلكوا حتى أبناء المهاجرين والأنصار، وحتى القراء والعلماء، وأخذوا الناس بالشبهة، وما فرقوا بين المجرم والبريء، ولم يرعوا في الصديق والعدو إلا ولا ذمة.
سفح السفاح أول خلفائهم الدماء، وظهر الانتقام من الأمويين بأخس صوره في شخصه وشخص اخوته وقواده، نزعوا الرحمة من قلوبهم، وما أخذتهم شفقة بإخوانهم في الدين والجنس، ونسوا كل فضل بينهم، وما أهمهم غير أمرهم، حتى اغتبطوا بإقامة دولة فارسية بروحها، عربية بمظاهرها، وقلبوا ظهر المجن لأبناء عنهم من أبناء علي، وكانوا وإياهم يعملون للوصول إلى الخلافة سنين طويلة في العصر الأموي.
وبينا كان العباسيون ينعمون بما تم لهم من الغلبة، كان أملهم يضعف في احتفاظ دولتهم ببلاد الأندلس وما إليها من أقصى المملكة، لأن صقر قريش عبد الرحمن بن هشام الأموي استصفى الأندلس بمن ضوي إليه من آل بيته، وبقايا السيوف
Shafi 80