[1_2]
البيان العربي
عهد الجاهلية:
تنافس العرب أيام الجاهلية في نظم القصيدة والرجز وفي الخطب المنثورة، ورويت عنهم أمثال وأحاديث؛ وكان ما يفيض من قرائح شعرائها وخطبائها في المفاخرات والنافرات والحمالات والمهادنات من دواعي الإعجاب والاغتباط.
وما كان لكل عربي أن ينفتق لسانه بقوله الجيد من الشعر أو النثر، فقد يأتي الجيل والجيلان، والقبيلة العظيمة لا يظهر فيها شاعر أو خطيب يعلى صوتها وصيتها، ويعدد من عام إلى عام مآثرها، ويرفع بما يبتده الضيم عن أهلها، ويرهب بسلطان بلاغته عدوها؛ وكان الشاعر عندهم يفضل على الخطيب، فلما اتخذ الشعراء شعرهم آلة للتكسب، وابتذلوه في المديح والهجاء، علت منزلة الخطيب على منزلة الشاهر.
ولقد حفظ من الشعر بعضه لطربهم به، وعجبهم بالعالي منه، ولأن دون مفاخرهم وخلد تاريخهم، وباد النثر على وفرته، إلا صفحات قليلة لو أنعمنا النظر في بعضها، لما احجمنا عن القول بأنها واهية الإسناد، ظاهرة التصنيع؛ ومنها أمثله في أمهات كتب الأدب لا تروقك ولا تشوقك؛ والغالب أن ما عزى لعهد الجاهلية من المنثور كان مما أخذ بالمعنى كما نقل معظم الأحاديث النبوية. يقول الرقاشي ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر ما تكلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره، ولا ضاع من الموزون عشره. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما انتهى إليكم مما قالته العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير.
ضاع تراث الجاهلية في النثر لفقدان التدوين، ولغلبة الأمية على العرب، وما رواه الرواة كان من محفوظ الرجال، والحفظ عرضة للنقص والزيادة. وجاء الإسلام
Shafi 1