Sarakunan Magana
أمراء البيان
Nau'ikan
[108_2]
وإن كان ذلك له مخالفا، وأن يكون منه الجد في المخالفة لمن جانبهم وجهل حقهم، ولا يواصل من الناس إلا من لا تباعد مواصلته إياه منهم، ولا تحمله عداوة أحد له، ولا إضرار به على الاضطغان عليهم، ولا مواتاة أحد على الاستخفاف بشيء من أمورهم، والانتقاض لشيء من حقهم، ولا يكتمهم شيئا من نصيحتهم، ولا يتثاقل عن شيء من طاعتهم، ولا يبطر إذا أكرموه، ولا يجترئ عليهم إذا قربوه، ولا يطغى إذا سلطوه، ولا يلحف إذا سألهم، ولا يدخل عليهم المؤونة، ولا يستثقل ما حملوه، ولا يغتر بهم إذا رضوا عنه، ولا يتغير لهم إذا سخطوا عليه، وأن يحمدهم على ما أصاب من خير منهم أو من غيرهم، فإنه لا يقدر أحد على أن يصيبه بخير إلا بدفاع الله عنه بهم.
أخذ هذا المعنى من سيرة الفرس في تقديس ملوكهم وفيه منزع سياسي لطيف، والعرب لا تعرف مثله، والعرب يجبهون ملوكهم، ويضربون بعيوبهم وجوههم، ومما روى له في هذا المعنى: لا تكن صحبتك للسلطان إلا بعد رياضة منك لنفسك، وكن حافظا إذا ولاك، أمينا إذا ائتمنك، راضيا إذا أسخطك، ومع هذا فالحذر من صحبته كل الحذر وقال: لا تغرنك سعة تكون فيها، فإن أعظم الناس خطرا مما يدير ما في يده، والملوك إلى حسن التدبير أحوج من السوقة، فإن السوقة قد تعيش بغير مال، والملوك لابد لهم من المال ولا قوام لهم إلا به وقال: ينبغي للملك أن لا يغضب لأن القدرة من وراء حاجته، ولا أن يكذب لأنه لا يقدر أحد على استكراهه على ما لا يريد، ولا أن يبخل لأن البخل مذموم، ولا أن يكون حقودا لأن خطره يجل عن المجازة.
5 - ومنها في صورة العالم الحقيقي وما يجب عليه وينبغي له: مما يدل على علم العالم معرفته بما يدرك من الأمور، وإمساكه عما لا يدرك، وتزيينه نفسه بالمكارم، وظهور علمه للناس من غير أن يظهر منه فخر ولا عجب، ومعرفته
Shafi 108