92

Ulum al-Hadith wa Mustalah

علوم الحديث ومصطلحه

Mai Buga Littafi

دار العلم للملايين

Lambar Fassara

الخامسة عشر

Shekarar Bugawa

١٩٨٤ م

Inda aka buga

بيروت - لبنان

Nau'ikan

عليه أن يضع المؤدي في فيه لحنًا يستحيل أن يقع منه. قال الأصمعي: «أَخْشَى عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ العَرَبِيَّةَ أَنْ يَدْخُلَ فِي قَوْلِهِ: " مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ» (١).
وإذ كانت علوم العربية متشعبة، والإحاطة بها وبالفوارق الدقيقة بين ألفاظها ومدلولاتها شِبْهَ مستحيلة، منع بعض العلماء غير الصحابة من رواية الحديث بالمعنى، لأن «جِبِلَّتَهُمْ عَرَبِيَّةٌ، وَلُغَتُهُمْ سَلِيقَةٌ». قال القاضي أبو بكر بن العربي (٢): «إِنَّ هَذَا الْخِلاَفَ إنَّمَا يَكُونُ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَمِنْهُمْ، وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ فَلاَ يَجُوزُ لَهُمْ تَبْدِيلُ اللَّفْظِ بِالْمَعْنَى، وَإِنْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ الْمَعْنَى؛ فَإِنَّا لَوْ جَوَّزْنَاهُ لِكُلِّ أَحَدٍ لَمَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ مِنْ الأَخْذِ بِالْحَدِيثِ؛ إذْ كُلُّ أَحَدٍ إلَى زَمَانِنَا هَذَا قَدْ بَدَّلَ مَا نَقَلَ، وَجَعَلَ الحَرْفَ بَدَلَ الْحَرْفِ فِيمَا [رَوَاهُ]؛ فَيَكُونُ خُرُوجًا مِنْ الإِخْبَارِ بِالْجُمْلَةِ. وَالصَّحَابَةُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ اجْتَمَعَ فِيهِمْ أَمْرَانِ عَظِيمَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْفَصَاحَةُ وَالْبَلاَغَةُ؛ إذْ جِبِلَّتُهُمْ عَرَبِيَّةٌ، وَلُغَتُهُمْ سَلِيقَةٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ شَاهَدُوا قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ وَفِعْلَهُ، فَأَفَادَتْهُمْ الْمُشَاهَدَةُ عَقْلَ المَعْنَى جُمْلَةً، وَاسْتِيفَاءَ المَقْصَدِ كُلِّهِ؛ وَلَيْسَ مَنْ أَخْبَرَ كَمَنْ عَايَنَ.
أَلاَ تَرَاهُمْ يَقُولُونَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ: " أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَذَا "، وَ" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كَذَا "، وَلاَ يَذْكُرُونَ

(١) " اختصار علوم الحديث ": ص ١٦٢.
(٢) هو محمد بن عبد الله المعافري المعروف بابن العربي، من مشاهير فقهاء إشبيلية. تُوُفِّيَ سَنَةَ ٥٤٤ هـ.

1 / 84