الحديث الخامس
5- أخبرنا القاضي أبو محمد بن أبي عمر بن أحمد المقدسي رحمه الله وإيانا، قال: أخبرنا أبو حفص ابن طبرزد المؤدب، أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قراءة عليه، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حدثنا إسماعيل القاضي، حدثنا أبو الهذيل العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري، حدثني عبيد الله بن عكراش، قال: حدثني أبي رضي الله عنه قال:
((بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدمت عليه المدينة فوجدته جالسا بين المهاجرين والأنصار، فأتيته بإبل كأنها عروق الأرطى. فقال: (من الرجل)؟ قلت: عكراش بن ذؤيب. قال: (ارفع في النسب). فقلت: ابن حرقوص بن جعدة بن عمرو بن النزال بن مرة بن عبيد، وهي صدقات بني مرة بن عبيد. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم قال: هذه إبل قومين هذه صدقات قومي. ثم أمر بها صلى الله عليه وسلم أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها. ثم أخذ بيدي فانطلق إلى منزل أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (هل من طعام)؟ فأتتنا بجفنة كثيرة الثريد والوذر، فأقبلنا نأكل منه، فأكل #32# رسول الله صلى الله عليه وسلم مما بين يديه، وجعلت أخبط في نواحيها. فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على يده اليمنى ثم قال: (يا عكراش، كل من موضع واحد؛ فإنه طعام واحد). ثم أوتينا بطبق فيه ألوان من رطب أو تمر -شك عبيد الله بن عكراش- رطبا كان أو تمرا، فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق. ثم قال: (يا عكراش، كل من حيث شئت؛ فإنه من غير لون واحد). ثم أوتينا بماء فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم مسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه، ثم قال: (يا عكراش، هكذا الوضوء مما غيرت النار) )).
هذا حديث عال تساعي بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه تسعة رجال.
أخرجه الترمذي في ((جامعه))، وابن ماجه ببعضه في ((سننه)) عن محمد بن بشار بندار، عن العلاء بن الفضل به، فوقع بدلا عاليا لهما.
وقال الترمذي: ((غريب لا نعرفه إلا من حديث العلاء)).
وقد تفرد العلاء بهذا الحديث، وليس لعكراش بن ذؤيب في ((جامع الترمذي)) و((سنن ابن ماجه)) غير هذا الحديث الواحد. والله أعلم.
والأرطى: بفتح الهمزة وسكون الراء وبطاء مهملة مقصور هو شجر من شجر الرمل عروقه حمر.
وقد اختلف في همزته:
فقيل: إنها أصلية؛ لقولهم: أديم مأروط.
وقيل: زائدة؛ لقولهم: أديم مرطي.
وألفه للإلحاق، أبو بني الاسم عليها، وليست للتأنيث.
والوذر: بفتح الذال المعجمة وسكونها جمع وذرة بسكونها وهي: القطعة من اللحم، أي: كثيرة قطع اللحم. والله أعلم.
Shafi 31