Hanyoyin Hukuma a cikin Siyasar Shari'a

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
44

Hanyoyin Hukuma a cikin Siyasar Shari'a

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية

Mai Buga Littafi

مكتبة دار البيان

Lambar Fassara

بدون طبعة وبدون تاريخ

وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: لِأَنَّ الرَّجُلَ أَمَرَك أَنْ تُخْرِجَ مَا أَحْبَبْتُ، وَقَدْ أَحْبَبْت التُّسْعُمَائَةَ، فَأَخْرَجَهَا. وَقَضَى فِي رَجُلَيْنِ حُرَّيْنِ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ؛ ثُمًّ يَهْرُبَانِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ - بِقَطْعِ أَيْدِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا سَارِقَانِ لِأَنْفُسِهِمَا، وَلِأَمْوَالِ النَّاسِ. قُلْت: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَهُمَا أَوْلَى بِالْقَطْعِ مِنْ السَّارِقِ الْمَعْرُوفِ؛ فَإِنَّ السَّارِقَ إذَا قُطِعَ - دُونَ الْمُنْتَهِبِ وَالْمُغْتَصِبِ - لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ. وَلِهَذَا قُطِعَ النَّبَّاشُ، وَلِهَذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ بِقَطْعِ جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ. وَقَضَى عَلِيٌّ أَيْضًا فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ زِفَافِهَا أَدْخَلَتْ صَدِيقَهَا الْحَجَلَةَ سِرًّا، وَجَاءَ الزَّوْجُ فَدَخَلَ الْحَجَلَةَ، فَوَثَبَ إلَيْهِ الصَّدِيقُ فَاقْتَتَلَا، فَقَتَلَ الزَّوْجُ الصَّدِيقَ. فَقَامَتْ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَقَتَلَتْهُ، فَقَضَى بِدِيَةِ الصَّدِيقِ عَلَى الْمَرْأَةِ، ثُمَّ قَتَلَهَا بِالزَّوْجِ، وَإِنَّمَا قَضَى بِدِيَةِ الصَّدِيقِ عَلَيْهَا: لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي عَرَّضَتْهُ لِقَتْلِ الزَّوْجِ لَهُ؛ فَكَانَتْ هِيَ الْمُتَسَبِّبَةُ فِي قَتْلِهِ، وَكَانَتْ أَوْلَى بِالضَّمَانِ مِنْ الزَّوْجِ الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ قَتَلَهُ قَتْلًا مَأْذُونًا فِيهِ، دَفْعًا عَنْ حُرْمَتِهِ. فَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْقَضَاءِ الَّذِي لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَضَى فِي رَجُلٍ فَرَّ مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَأَمْسَكَهُ لَهُ آخَرُ، حَتَّى أَدْرَكَهُ فَقَتَلَهُ؛ وَبِقُرْبِهِ رَجُلٌ يَنْظُرُ إلَيْهِمَا، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهِ، فَوَقَفَ يَنْظُرُ إلَيْهِ حَتَّى قَتَلَهُ. فَقَضَى أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ، وَيُحْبَسَ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ، وَتُفْقَأَ عَيْنُ النَّاظِرِ الَّذِي وَقَفَ يَنْظُرُ وَلَمْ يُنْكِرْ. فَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ، إلَّا فِي فَقْءِ عَيْنِ النَّاظِرِ، وَلَعَلَّ عَلِيًّا رَأَى تَعْزِيرَهُ بِذَلِكَ، مَصْلَحَةً لِلْأَمَةِ، وَلَهُ مَسَاغٌ فِي الشَّرْعِ فِي مَسْأَلَةِ فَقْءِ عَيْنِ النَّاظِرِ إلَى بَيْتِ الرَّجُلِ مِنْ خُصٍّ أَوْ طَاقَةٍ، كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ، الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا وَلَا دَافِعَ، لِكَوْنِهِ جَنَى عَلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ، وَنَظَرَ نَظَرًا مُحَرَّمًا، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ. فَجَوَّزَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَخْذِفَهُ فَيَفْقَأَ عَيْنَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ.

1 / 46