Gadon Klasik: Gabatarwa Mai Gajeren Bayani
التراث الكلاسيكي: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
ليس لدينا اليوم أي كتابات باقية لسقراط نفسه، ولا يمكننا أن نعرف مقدار الحجج التي وردت على لسان شخصيته في هذه المحاورات الذي يرجع إلى أفلاطون بشكل خالص، وما إذا كانت أي منها ترجع إلى شخصية سقراط الحقيقية. لكن سقراط الذي لا يكل، كما يرسمه أفلاطون، يصل دائما من خلال الرفض العنيد للتقاليد والوضع الراهن إلى رؤية أفضل، لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال ديمقراطية أثينا، رغم كل رفضه للديمقراطية. ومن خلال سقراط وجو القرن الخامس قبل الميلاد الذي تدور فيه المحاورات، يحجم أفلاطون عن اتخاذ موقف مباشر من ظروف عصره في القرن الرابع قبل الميلاد. وهذا يحدث خليطا غير مستقر على نحو خطير من رد الفعل المتكتم المعادي للديمقراطية مع التفكير المصرح به والمعادي لكل ما هو متحفظ؛ ذلك الخليط الذي ألهم وأشعل غضب كل شخص تلقى تعليما إغريقيا أو كلاسيكيا؛ ومن ثم فإن أفلاطون يعد بلا شك أفضل «كاتب» من بين كل المفكرين الغربيين.
الدخول في عالم السياسة: الديمقراطي والجمهوري والديكتاتور والإمبراطور
لا يسعنا أن نتوقع أي نوع من البساطة في توجهات العالم الحديث حيال النظم السياسية والأيديولوجيات القديمة. لكن على وجه العموم، نجد أن المعارضة القائمة بين حزبين يحملان، مثلا، رايتي «الديمقراطيين» و«الجمهوريين»، تمثل استثمارا حديثا للغاية في نموذجين قديمين محددين؛ فمن ناحية، وكما رأينا، نجد الديمقراطية الأثينية، بكل ما تحمله - إذا شئت - من تطرف للغوغاء الأثينيين (ومصطلح الغوغاء نفسه بالإنجليزية
mob
مشتق من الكلمة اللاتينية
mobile uulgus ؛ ويعني «الحشد السريع الاهتياج»، وذلك وفقا لإنجليزية القرن الثامن عشر). وعلى الناحية المقابلة، نجد سياسة الجمهورية الرومانية، التي صارت صرخة حشد في التيار الثوري المناهض للحكومة الملكية التي ربطت فرنسا بتمرد العالم الجديد ضد التاج البريطاني؛ فقد كانت روما القديمة، لا اليونان، هي التي قدمت لرجال الدولة والمنظرين السياسيين من عصر النهضة وحتى القرن التاسع عشر أسلحتهم المفاهيمية الأساسية؛ إذ كانت اللاتينية على مدار تلك القرون الخمسة العملة المشتركة للغرب، ولغة مشتركة للحكم والقانون، ونواة للنقاط المرجعية المشتركة الموزعة في أرجاء المناهج التعليمية للتراث الكلاسيكي.
تاريخيا، شهد التاريخ الروماني أربع مراحل؛ إذ تدهورت الملكية الأصلية الأسطورية إلى حكم طاغ، وأزيح آخر الملوك، تاركوينيوس الفخور، على يد بروتوس المحرر بنهاية القرن السادس قبل الميلاد. بعد هذا جاءت مرحلة الجمهورية الحرة، التي امتدت لنحو أربعة قرون. كان الحكم وقتها نخبويا انتخب فيه أعضاء مجموعة محدودة من العائلات الثرية أو الأرستقراطية بواسطة مجلس المواطنين كمشرعين في مجالس تشريعية تمتد لعام واحد. كان هؤلاء يعملون تحت إشراف غرفة من المشرعين السابقين الذين شكلوا مجلسا استشاريا شديد الهرمية، أو مجلس الشيوخ (ومن هنا جاءت مقولة: «مجلس شيوخ روما وشعبها»). انهارت الجمهورية في القرن الأول الميلادي، في سلسلة من الحروب الأهلية المروعة بين القادة الكبار وجيوشهم، والتي تعد بمنزلة «الحرب العالمية الأولى» في تاريخ الغرب. ساعد يوليوس قيصر في تدنيس لقب «ديكتاتور » الذي كان محل إجلال فيما سبق (وكان يطلق على القائد الذي يقود روما في أي أزمة قصيرة المدى) وذلك عن طريق استخدام الاسم للتغطية على عدم شرعية الانقلاب الذي قام به. بيد أنه اغتيل سريعا على يد مجموعة من الشيوخ، بقيادة بروتوس آخر. كان «قتلة الطاغية» و«المحررون» هؤلاء يظنون أنهم ينقذون الجمهورية. لكن بعد حروب أخرى وقعت بين الساعد الأيمن لقيصر، ماركوس أنطونيوس، ووريثه بالتبني، أوكتافيوس، نجح الأخير في تأسيس الحكم الأوتوقراطي الذي نعرفه اليوم باسم «الإمبراطورية الرومانية»، وغير اسمه إلى القيصر أغسطس، وبنى مستقبلا من الأسر الحاكمة التي حكمت هذه «الدولة العالمية».
بيد أن أغسطس، بطبيعة الحال، لم «يخبر» روما بمصيرها؛ فقد أعلن عن استعادة الجمهورية، مع انتخابات ومجالس تشريعية سنوية، وسمى نفسه المواطن الأول، «الأول بين أنداد». وحين فرض تعاقب الأباطرة بعد أغسطس، كما رأى أهل روما، إمبراطورا ساديا، وآخر مجنونا، وآخر خرفا أبله، ثم آخر سيكوباتيا مجنونا، على إمبراطوريتهم؛ تحول تاريخ روما إلى سلسلة متصلة من الطغيان والقسوة الفاضحة. صك الشعار «عظمة روما» في قصيدة مريعة منسية كتبها إدجار آلان بو في شبابه بعنوان «إلى هيلين»، وذلك كنظير لشعار «مجد اليونان»:
عبر بحار يائسة اعتدت اجتيازها،
أحضرني شعرك الياقوتي، ووجهك الكلاسيكي،
Shafi da ba'a sani ba