Gadon Klasik: Gabatarwa Mai Gajeren Bayani
التراث الكلاسيكي: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
Lapithocentauromachy
على الترتيب، ويتناسب هذان العنوانان الفخمان مع ما يشيران إليه من معركتين هائلتين. بيد أن هاتين القصتين المصورتين هما جزء من الأدوات القياسية للفن الكلاسيكي والثقافة الكلاسيكية؛ إذ توجد القصص المصورة أينما وجد نحت كلاسيكي على المعابد. وفي معبد باساي هاتان القصتان منحوتتان في الحجر وتبرران الزعم القائل بأن هذا المكان المقدس الموجود بين التلال ينتمي إلى العالم الواسع للثقافة الإغريقية، وهو جدير بأن يتبوأ موضعه إلى جوار أهم المنحوتات الرخامية التي تفخر بها أي مدينة في أي مكان. في الواقع، يجدر بنا التأكيد على أن هذه الصور تصدق على حقيقة هذا المبنى بوصفه صرحا للقداسة العامة تماما مثلما تصدق أنواع الملامح «الكلاسيكية» المشابهة على حقيقة أشكالها اللاحقة؛ من بنوك ودور محاكم ومتاحف ومقرات رسمية خاصة بأي مدينة كبرى من مدن العالم الحديث. فلا تزال الأعمدة والجمالونات المليئة بالمنحوتات الكلاسيكية الطراز تساعد على أهمية المبنى للعامة ووقاره؛ فالمتحف البريطاني، على سبيل المثال، يقصد منه أن يكون بارثينونا آخر، وواجهته الشبيهة بواجهة المعابد تظهره بمظهر ضريح مقدس، للتراث الكلاسيكي.
ومع هذا فإن الحضور الطاغي نفسه لهذه المشاهد، التي فيها يقاتل الإغريق الأمازونيات ويقاتل اللابيثيون القناطير، لا يقلل من أهميتها. بل على العكس؛ كلما كانت تمثيلات الخرافات أكثر تواترا وإلحاحا ووفرة، فمن المرجح أن دورها كان أكثر محورية في الثقافة الكلاسيكية. وفي الواقع، اضطلعت بعض أكثر دراسات التراث الكلاسيكي إثارة للاهتمام في الأعوام الأخيرة بالتحدي المتمثل في استكشاف الأهمية الخاصة لمثل هذه الصور، ويجدر بنا أن نتدبر لبرهة في الكيفية التي يمكن بها لمثل هذه الدراسات أن تساعدنا في فهم وتفسير ما نراه على إفريز معبد باساي نفسه. وهذا سيتضمن السماح للفن الإغريقي بأن يأخذنا، ليس فقط إلى داخل عالم الخرافة، وإنما أيضا، على نحو واسع، إلى عالم الأديان والقيم المتعارف عليها والأيديولوجيات الإغريقية.
الرجال الخارقون، والنساء الخارقات، والوحوش
افترضنا بالفعل أن المشهد القوي الخاص بهرقل في صراعه مع المحاربات الأمازونيات شغل موضعا شرفيا مركزيا، فوق العمود الكورنثي. يظهر هرقل في كل مكان توجه إليه ناظريك في العالم الكلاسيكي؛ ففي معبد زيوس العظيم في مدينة أوليمبيا تعرض الألواح الاثنا عشر الرخامية، ستة عند كل طرف من طرفي المبنى، الأعمال الاثني عشر التي أجبر هرقل على القيام بها ضد وحوش متزايدة الغرابة. وفي روما أيضا، كما سنرى في الفصل التاسع، لعب هرقل دورا كبيرا في الخرافة القومية التي أضفت القدسية على أصول مدينة روما. كان هرقل (هيراكليس) مجسدا في كل مكان؛ لأنه كان يمثل بعضا من الأشياء التي شغلت كلا من الإغريق والرومان وأزعجتهم وحيرتهم وجمعتهم وفرقتهم في الوقت عينه. لقد كان هرقل، كما تعلمنا أن نعبر عن الأمر، يصلح لضرب المثل دوما.
عندما حارب هرقل هذا الأمازونيات، نرى عرضا للعري الذكوري البطولي، من الأمام، رفقة سلاحه الشبيه بسلاح رجل الكهف، الهراوة، وجلد الأسد الذي يرتديه ويحمله بدلا من الدرع. في هذه الصورة يظهر هرقل قويا مفتول العضلات، لكنه خلاف ذلك لا يمكن تمييزه بالكاد عن الرجال الذين يقاتلون الأمازونيات إلى جواره، بخوذاتهم وسيوفهم وعباءاتهم المتطايرة. إن «جند» العدو إناث على نحو واضح، أجسادهن مغطاة على نحو محتشم بالثياب إلا في لحظات الكارثة، لكنهن يقاتلن كالجند والمشاة والفرسان المدربين. وبغض النظر عن العري، يبدو جيش الرجال، في أوجه عدة، شبيها بالقوة التي تحتفظ بها أي مدينة إغريقية على أهبة الاستعداد لخوض المعارك، لكنه تحت قيادة وإلهام ذلك الرجل الخارق، الذي جاب الأرض وذبح الوحوش كي يثبت أنه ابن زيوس.
إن النصر، الذي لم يحسم بعد، سوف يعيد الصراع بين الجنسين إلى نصابه الصحيح؛ فسوف يؤكد على الشجاعة الذكورية ويجرد الغرباء من هذا الفوج المحارب الهائل. ومع هذا، فالخطأ الذي ترتكبه الأمازونيات، أو ارتكبنه، لا يعلن عنه بوضوح . تذهب بعض القصص إلى أنهن غزون اليونان. لكن هرقل نفسه غزا هو أيضا عالمهن البري؛ حيث أرسل على صورة أحد العمال كي يسرق حزام ملكتهن. كيف لنا أن نتفهم ما ستنتج عنه هزيمة الأمازونيات؟ ولماذا يجب أن تهزم تلك النسوة المحاربات؟
جزئيا، نحن نرغب في التفكير في الأمر بوصفه عرضا لسلطة الذكور وهيمنتهم على النساء؛ فالرجال يرتدون أحزمة يغمدون بها سيوفهم، أما أحزمة النساء فيفضها الرجال، من أجل الجنس. وهنا نرى في الخرافة نساء تقلدن أدوار المحاربين والمقاتلين الخاصة بالرجال، نساء زعم أنهن أنشأن مجتمعا كاملا من دون رجال، وتلك النسوة على وشك أن تهزمهن قوات النظام الإغريقي الذكوري. إنه تأكيد قوي للأدوار الجنسية الملائمة المتوقع من الرجال والنساء الإغريق الاضطلاع بها. لكن في الوقت عينه، ربما نرغب في أن نربط صراع الإغريق والأمازونيات على نحو مباشر أكثر بالقصة الأخرى المصورة على الإفريز. في تلك القصة، اختطف ضيوف حفل الزفاف القناطير العروس، وتعين على العريس أن يقود عائلته وأصدقاءه من أجل إنقاذها. إن القناطير ملعونون لا محالة بسبب ما أحدثوه من غبن؛ إذ أفسدوا حفل الزفاف بأفعالهم الهمجية الوحشية، أما غرماؤهم فيتلقون المعونة الإلهية من كل من أبوللو وأرتميس، ابني زيوس.
من المغري أن ننظر إلى هذين الصراعين بوصفهما متكافئين على نحو وثيق؛ بحيث تكرر مزيج المرأة المحاربة التي تمتطي ظهور الخيل وانعكس في الصورة المعتدية على نحو بالغ للقنطور الذي هو نصف رجل ونصف حصان. لو صح هذا، فإن «جريمة» الأمازونيات تتجاوز بكثير مجرد الخروج عن السلوك اللائق المتوقع من النساء الإغريقيات. فبتبني تلك الأمازونيات دور الرجل المحارب، بات ينظر إليهن بوصفهن «غير طبيعيات»؛ انحرافا بشع للطبيعة، مماثلا للقناطير البشعة، التي يتعارض سلوكها مع أبسط قواعد المجتمع البشري وأكثرها أهمية؛ قواعد الزواج. وتمثل هزيمة القناطير والأمازونيات استعادة للنظام «الطبيعي» للمجتمع الإغريقي؛ فالإفريز يقترح، بصورة ما، أن الأمازونيات هن تجسيد للخطأ الذي ارتكبه القناطير.
يضع المعبد القواعد الجنسانية وحرمة منظومة الزواج الخاصة بالمجتمع معا تحت الحماية الإلهية ؛ فهو يقدم منطقا للكيفية التي ينبغي أن يعمل بها مجتمع يوحد بين الآلهة والبشر؛ فالذكر عليه أن يجاهد كي يحذو حذو هرقل، ويكتسب الرجولة، تماما مثلما يتعين على هرقل نفسه أن يحارب كي يثبت أنه شقيق أبوللو، الذي يهيمن دون جهد على معبده من خلف ستار الأعمدة. إن زوار معبد باساي يمكنهم أن يجدوا عقدا للمجتمع البشري مفروضا عليهم، يحدد قواعد الحرب والزواج، ويعرف الرجال بوصفهم مروضين للنساء ومدافعين عنهن. وفي سلسلة منحوتات أبوللو الظاهرة للعيان (من أبوللو العازف للقيثارة بالخارج، مرورا بتمثال أبوللو الضخم بالداخل، وصولا إلى نحت أبوللو على صورة رامي السهام القاتل الذي رأيته وأنت تغادر) يمكن رؤية القوة الإلهية في العالم بوصفها سبيل خلاص وعنف في الوقت ذاته، يوصلها فنا الحرب والموسيقى.
Shafi da ba'a sani ba