74

Tunis Mai Tawaye

تونس الثائرة

Nau'ikan

فأتت إصلاحات 8 / 2 / 1951 بنتيجة معكوسة، وتوقفت أثرها المفاوضات، وكانت حركة العمال تمتد وتنتظم في تلك الأثناء، وأصبح الاتحاد العام التونسي للشغل من أكبر العوامل في السياسة التونسية، ودخل إلى البوادي بعد تنظيم صفوفه في المدن، وازدادت عداوة المستعمرين له، وسعوا في وقف تياره المرة تلو المرة من غير جدوى.

وقام العمال والفلاحون التابعون لشركة زراعية فرنسية (شركة النفيضة) بإضراب، فاتخذتها السلطات الفرنسية فرصة لإفساد العلاقات بين تونس وفرنسا لكي لا تستأنف المفاوضات، ولكي تضرب الاتحاد ضربة شديدة تعطل سيره، فاستنجد المراقب المدني بالقوات الفرنسية وأرسلها حالا لتلك المزرعة، مناقضا بعمله وعود المقيم الصريحة لوزير الشئون الاجتماعية بأنه سيعطيه الوقت الكافي لحل تلك المشكلة بطريقة سلمية، وأنه لا يسمح باستخدام القوة إلا بعد الاتفاق معه، ففوجئت الوزارة التونسية بأخبار مأساة جديدة؛ إذ اقتحمت القوة المسلحة النفيضة وصادمت العمال وأطلقت عليهم النيران من غير سابق إنذار، وتتبعتهم إلى وسط مدينة النفيضة نفسها قتلا وتشريدا، وكان من بين الشهداء امرأة حامل.

فاهتزت البلاد التونسية كلها لذلك الحادث المريع، وأعلنت إضرابا عاما يوم دفن الشهداء، وسار وراء نعشهم نجل الملك والوزراء وقادة الحركة الوطنية والهيئات والمنظمات القومية الكبرى ووفود جميع مناطق القطر التونسي.

واستخلصت الوزارة التونسية درسا مفيدا من واقعة النفيضة؛ إذ ظهر لها جليا وجوب استسلام قيادة قوات الأمن من يد الفرنسيين، فلا يمكن للحكومة التونسية أن تحكم ما دامت تلك القوات خارجة عن نطاق نفوذها، فيتخذها المستعمرون أداة شغب يعينون بها كل من يناوئ تونس.

وأحيت تلك المأساة حزازات في النفوس بثت الريب والشكوك، وإذا بأخبار مراكش تزيد النفوس حماسا؛ فقد حاصرت القوات الفرنسية السلطان سيدي محمد بن يوسف بقصره في مدينة الرباط، وهدده الجنرال جوان المقيم العام بالخلع إن لم يوقع حالا على بروتوكول يوافق فيه فرنسا على مبدأ مشاركة الفرنسيين في مؤسسات الدولة المراكشية، ولم يخف على التونسيين أن انتصار الاستعمار بمراكش يعبد له الطريق للقضاء على الوطنيين بتونس، فأصدر الديوان السياسي قرارا بالإضراب العام بإمضاء الأستاذ صالح بن يوسف الأمين العام للحزب الحر الدستوري ووزير العدل في حكومة دولة محمد شنيق - وكان الإضراب عاما شاملا في جميعه القطر التونسي يوم 10 مارس 1951، فاغتاظ الفرنسيون وأرادوا رد الفعل حالا، وقابل المقيم العام جلالة الملك محمد الأمين يوم 12 مارس طالبا منه بإلحاح باسم الحكومة الفرنسية أن يقيل الأستاذ صالح بن يوسف من الوزارة، وجرت بينهما محاورة نقتطف منها ما يلي:

الباي :

لماذا يا ترى تطلب مني إقالة ابن يوسف بهذا الإلحاح مع أنه يتمتع بثقتي التامة؟

المقيم :

لأنه قام بعمل عدائي نحو فرنسا، فأصدر أمرا بالإضراب العام مقاومة للجنرال جوان ممثل فرنسا بمراكش.

الباي :

Shafi da ba'a sani ba