André Denis
شرف كتلتهما بتصريحات جريئة ألقياها في الجمعية الوطنية يوم أول أبريل، وقد فضح دونيس الضغط الذي تقوم به الجالية الفرنسية بتونس في مجلس الوزراء نفسه.
يجب أن نعلم أن مجرد لفظة «إصلاحات» يتلفظ بها أي مقيم إلا ويصبح محل ريبة عند الفرنسيين المقيمين بتونس، كما يجب أن نعلم أن هؤلاء الفرنسيين قد نجحوا في نقلة «م. مونص» سنة 1950؛ لأن كرسيه كان أقل ارتفاعا من كرسي جلالة الباي، وفي ذلك مس لا يحتمل بسمعة فرنسا! ويجب أن نعلم أن المقيمين الذين لا يحوزون ثقة هؤلاء الفرنسيين يصبحون عرضة للتجسس المنظم، وكثيرا ما يرسل حزب التجمع الفرنسي وفودا إلى باريس مهمتها مقاومة كل دراسة للإصلاحات، ويجب أن نعلم أن الأبواب الرسمية تفتح في وجوهها بنفس السهولة التي تفتح في وجه المقيم نفسه، وقد وجد ممثلو فرنسا مرات عديدة في قاعة انتظار الوزراء «فريق الهجوم» لفرنسيي تونس ينتظر دوره للمقابلة؛ لكي يدحضوا كل حجة ترمي إلى تطور العلاقات الفرنسية التونسية.
ويجب أن نعلم أن الذين يبثون الفكرة القائلة بأن الدستور الجديد حزب استبدادي ذو نظرية قومية إقطاعية يمثلون هم أنفسهم أشد إقطاعية وأكبرها في تونس، وهم ألد الخصوم لتطور البلاد نحو الديمقراطية؛ لأنها تحرمهم من الانفراد بالامتيازات التي يستفيدون منها ويعملون على أساسها.
وأخيرا يجب أن نعلم أنهم يستطيعون الحصول بسرعة فائقة على التقارير السرية التي يرسلها المقيمون إلى وزارة الخارجية مع الحيطة والتحفظ، ثم يطبعونها كاملة ويوزعونها ليتمكنوا من مقاومة ممثلي فرنسا في باريس نفسها. ويجب أن نلاحظ في نهاية الأمر أن الفرنسيين المقيمين بتونس هم وحدهم الذين يستمع إليهم بانتباه، وهم الذين تنتصر دوما وسائل تهديدهم.
وإذا أراد المرء زيادة في الاقتناع بأثر نشاطهم، فيكفيه أن يرجع إلى المفاوضات التي بدأت يوم 31 أكتوبر بين الحكومة الفرنسية وحكومة محمد شنيق، وقد اشتملت هذه المفاوضات على طورين.
وكانت المباحثات جارية قبل أن تصل وفود التجمع الفرنسي، وكان التفاهم يسود الطرفين، وبدا من الممكن الوصول إلى تسوية مرضية.
وادلهم الجو بعد وصول تلك الوفود، وأصبحت كل مقابلة يقوم بها السيد شنيق إلا وتوازيها مقابلة تقوم بها جماعة «كزابيانكا وكلونا»، فتهاجم الوزير الأول التونسي ولا تتحاشى عن الثلب لتفنيد أقواله، وأقنعوا كل وزير بمهارة فائقة، وكانت مذكرة 15 ديسمبر انتصارا كبيرا سجله حزب التجمع الفرنسي.
ولا نكون مبالغين مهما ازداد اهتمامنا بتلك المذكرة ومهما أكثرنا من الرجوع إليها، فقد كانت نقطة التحول السياسي إزاء تونس، وهي تحمل في تضاعيفها مسئولية الحوادث التي تبعتها والتي تنبأ بها بعض الموظفين بعيدي النظر بدون أن يلتفت إليهم ولا يسمع لهم قول.
فإن فقد التونسيون رصانتهم غضبا وبالغوا في بعض الأعمال المؤسفة ولم يسيروا بسفينتهم طبق المراد ولم يقودوها وفقا للمرغوب، فمن الواجب الاعتراف بسوء نية فرنسا وتحميلها مسئولية الإفراط في الاضطهاد.
Shafi da ba'a sani ba