152

Tunis Mai Tawaye

تونس الثائرة

Nau'ikan

فما العمل إذن؟ هل نستمر على تقتيل بعضنا بعضا؟ وعلى العيش تحت التهديد اليومي والخطر الداهم الذي يرقبنا في كل طريق وفي كل منعرج؟

هل تبقى الثروات التونسية والسكان في هذا الخطر المحدق الذي لا تغمض له عين، إلى أن يقضى على كل وسيلة من وسائل التنقل والسفر، وعلى كل عمل في المصانع وعلى كل زرع في الحقول.»

الاعتداء على الوزارة التونسية

(1) تدبير العدوان

ظنت الحكومة الفرنسية في أول الأمر أن القضية التونسية قد دحضت، وأن هيئة الأمم المتحدة لن تشتغل بها، ولن تعيرها أهمية، ولن تسجلها في جدول أعمالها، وأن الخلاف التونسي الفرنسي سيبقى محصورا في الدائرة الفرنسية البحتة، فهلل المستعمرون وكبروا، وحبروا المقالات وأطالوا، واستعانوا برجال القانون الفرنسيين؛ ليثبتوا أن ذلك الخلاف ليس من اختصاص هيئة الأمم. ولكن سرورهم لم يطل وفرحهم لم يدم، وسرعان ما دخلت عليهم الحيرة، والاضطراب، وشكوا في انتصار باطلهم، وأوجسوا خيفة من الكتلة العربية الآسيوية عندما تكونت لاحتضان قضية تونس وتقديمها لهيئة الأمم، والدفاع عنها، وقد قررت الكتلة رفع القضية إلى مجلس الأمن، وكانت رئاسته قد أسندت لممثل الباكستان السيد البخاري لشهر أبريل 1952، فأسقط إذ ذاك في يد الحكومة الفرنسية التي لم تنظر إلى المستقبل البعيد، ولم تتلاف أغلاطها الفادحة، فأصبحت بين أمرين كلاهما يجر وراءه العار والخيبة، فإما استنكار سياستها الغاشمة وتكذيب نفسها بنفسها بمنح التونسيين حقوقهم والرجوع إلى سواء السبيل وفاء بالوعود التي قطعتها، وإما إضافة عدوان جديد إلى العدوان القديم، وزيادة في التنكيل والقمع والإجرام، والتمادي في الفتك لفرض تحويرات على الدولة التونسية تجعل لفرنسا والفرنسيين حق المساهمة في سيادتها والاشتراك في منظماتها، فرأت الحكومة من المهارة السياسية أن تضع مجلس الأمن أمام الأمر المقضي بأن تزيل الوزارة الشرعية التونسية التي رفعت قضية تونس إلى هيئة الأمم، والتي لم ترد سحبها رغم جميع الجهود الفرنسية والضغط الاستعماري المستمر، فتعوضها بوزارة أخرى سهلة الانقياد ممتثلة لأوامر فرنسا، وكانت تظن أنها ستنهي المشكل التونسي بهذا العدوان المدبر، فلا يبقى لدى مجلس الأمن ما يبرر تدخله في الخلاف التونسي الفرنسي؛ إذ تكون الوزارة التي رفعت الدعوى قد أبعدت عن الحكم.

وكانت تلك الفكرة تخامر أذهان المسئولين الفرنسيين منذ أمد بعيد، وكانوا يستعدون لعزل الوزارة الشرعية ولو باستخدام القوة، فقد كتب المقيم العام الفرنسي «لويس بيريلي» رسالة سرية إلى وزارة الخارجية الفرنسية بتاريخ 28 / 7 / 1951.

1

يعرض عليها إعداد التدابير اللازمة للعدوان على الوزارة التونسية وعلى جلالة الملك نفسه إذا اقتضى الأمر ذلك، قال: ... لكن إن رفضت الحكومة التونسية البرنامج المعروض عليها - وذلك ما اعتبره محتملا - فلا يمكن إبقاؤها في الحكم بعد ذلك، ويجب إذ ذاك أن يلتمس منها تقديم استقالتها.

ومن المتوقع أن السيد شنيق سيرفض التخلي عن الحكم، وإذ ذاك نرجع إلى سمو الباي ليعزله، ويمكن أن نؤمل من الأمير الخضوع إن كان الطلب حازما وباسم معاليكم؛ إذ نؤمل أنه رغم تواطئه الذي يزداد متانة وعمقا يوما بعد يوم مع «الدستور»، سيكون أحكم من أن يتصادم مع الحكومة الفرنسية وجها لوجه.

وإن كانت الأخرى ولم يكن لصاحب السمو سيدي الأمين باشا باي من الشجاعة ما يكفي ليتخلص من تأثير حاشيته، فينبغي أن ننبهه بإخلاص بأنه لا يمكن للدولة الحامية أن تحتمل رفضا يمس مبدأ رسالتها نفسه، ويكون حينئذ مركز الباي الشخصي في الميزان.

Shafi da ba'a sani ba