وفي انتظار نهاية الأجل المضروب طلب إلى الشيخ أن يأمر بتموين الجنود وتحضير طعام الكسكسي لهم.
ووصلت وحدات أخرى من الجيش مكونة من جنود المظلات خلال فترة الانتظار، وأخذوا ينتشرون في البيوت حيث بدأت عمليات النهب والتهديم. وحوالي الساعة العاشرة والنصف سمع أول انفجار كبير، وقد كان هذا الانفجار في بيت الحاج عبد الرحمن المسعدي والد وحيد، فنسف البيت، ثم أتى دور بيت على المسعدي واستمر النسف إلى الظهر.
وبقي الرجال مجموعين في الميدان العام تحت حراسة جيش كامل إلى ما بعد الظهر من غير أكل ولا شرب. وقد برقت عيونهم أملا عند قدوم «الكاهية» (نائب المدير) والمراقب المدني الفرنسي بنابل في وقت الغروب، ولكنهما انصرفا بعد نصف ساعة وصرحا بأن العمليات الجارية تنفذ بأمر السلطات العسكرية، وأنهما لا يستطيعان التدخل بوصفهما موظفين مدنيين.
وقد عاث الجنود في البيوت فسادا نسفا ونهبا لغرض ظاهر للعيان، وهو إلحاق الضرر بالأهالي بتهديم بيوتهم وتحطيم ما فيها من أثاث ومدخرات ومؤن.
أما بيت الحاج إبراهيم المسعدي، فقد نسفت به ثلاث غرف ولم يبق منها إلا أكداس من الحجارة والغرف الأخرى بها بقايا الأثاث المحطم والملابس الممزقة المبعثرة على الأرض، وكانت آثار الزيت المراق وكمية كبيرة من الحبوب الملوثة بالتراب ترى بمخزن المؤن وفي صحن المنزل.
وانهار نصف بيت علي المسعدي شقيق السابق تماما، كما تداعت للسقوط البيوت المجاورة في دائرة نحو 100 (مائة) متر، ويخيل للإنسان أنه أمام قذف جوي، وقد حطم الأثاث وكسرت مرايات الدواليب بمؤخرات البنادق ومزقت الملابس وبعثرت على الأرض.
ونهب بيت مصطفى بن عثمان وكيل الأوقاف، وأتلف جميع ما فيه، ولم يبق به إلا القليل من الأمتعة الصالحة للاستعمال.
وهدم بيت محمد قاسم الزكار نسفا «بالديناميت».
ونسفت بالديناميت أيضا بيوت صالح وعلي ومحمد برينيس، وحطم جميع ما فيها من أثاث، كما تداعت للسقوط جدران أحد المنازل المجاورة لها.
أما بيت الصادق بن الحاج فلم ينسف، ولكن حطم جميع ما فيه، وأتلف مخزن التموين، وأهرق الزيت وسائر المواد الدسمة على الأرض وخلطت بالتراب، لتكون غير صالحة للاستعمال، وكسر به دولاب بلوري لمصوغات الأم وابنتها، وسرقت منه المصوغات ومبالغ من المال، ووقع تفتيش النسوة اللاتي كن بالبيت وعوملن معاملة وحشية أجهضت إحداهن إثرها، وهي حنيفة بنت الصادق بن الحاج التي كانت حاملا في شهر الثالث، وقد بقيت علامات الصدمة الشديدة التي تلقتها ظاهرة عليها بعد أيام، وجردت بية بنت الصادق بن الحاج من حليها وعوملت معاملة وحشية أيضا.
Shafi da ba'a sani ba