والسادس: أن قوله فيكره: مفرعا على كونه بدعة غير صحيح أيضا، فإنه ليس أن كل ما هو بدعة فهو مكروه، فإن من البدع التي لم يبينها النبي صلى الله عليه وسلم ما هي مباحة، ومنها ما هي واجبة، ومنها ما هي مندوبة، نعم البدعة الشرعية كلها ضلالة، وهي فيما نحن فيه مفقودة، وإن شئت تفصيل بحث البدعة وتحقيقها فارجع إلى رسالتي ((إقامة الحجة على أن الإكثار في التعبد ليس ببدعة))(1)، وإلى رسالتي ((التحقيق العجيب فيما يتعلق بالتثويب))(2).
والطريق الثالث
ما ذكره صاحب ((الدراية حاشية الهداية)): أن جماعتهن لو كانت مشروعة لزم أن يكره تركها، ولشاعت كما شاعت جماعة الرجال، وقد مر نحو هذا نقلا(3) عن ((المجتبى)).
ورده العيني في ((البناية)): بأن قوله لو كانت جماعتهن مشروعة لزم...الخ: غير سديد؛ لأنه لا يلزم من كون الشيء مشروعا أن يكره تركه فهذا ليس بكلي، فإن المشروع إذا كان فرضا يكون تركه حراما، وإذا كان سنة يكون تركه مكروها، وإن كان ندبا يجوز تركه ولا يكره. انتهى(4).
أقول: هذا أحد الوجوه الواردة عليه.
والثاني: أن قوله لشاعت كما شاعت جماعة الرجال منقوض بكثير من المستحبات، بل وبعض الواجبات، حيث لم يحصل لها شيوع كجماعة
الرجال، فيلزم أن لا يكون مشروعا إلا ما شاع كشيوع جماعة الرجال.
Shafi 35