أما أولا: فلما قال ابن عابدين(1)في ((رد المحتار على الدر المختار)) بعد نقل عبارة ((فتح القدير))(2)مفاده: أن جماعتهن في صلاة الجنازة واجبة حيث لم يكن غيرهن؛ ولعل وجهه الاحتراز عن فساد فرضية صلاة الباقيات إذا سبقت إحداهن.
وفيه أن الرجال لو صلوا منفردين يلزم فيها مثل ذلك فيلزم عليه وجوب جماعتهم فيها مع أن المصرح أن الجماعة فيها غير واجبة. انتهى(3).
وأما ثانيا: وهو الحل فلأن الجماعة في صلاة الجنازة ليست بواجبة اتفاقا كما صرحوا به، وصرحوا أيضا أن صلاة الجنازة فرض كفاية يسقط من الكل بفعل واحد ولو منفردا لا فرض عين يلزم أداؤه على كل عين، فإذا حضرت الجنازة وليس هناك رجل، فلا ضرورة إلى جماعة النساء بارتكاب أحد المحظورين، ولا إلى أن يصلين منفردات؛ ليلزم كون صلاة بعضهن نفلا عند سبق غيرهن، بل يكفي أن تصلي عليها المرأة الواحدة(4)منفردة فيسقط الفرض عن الكل من غير ارتكاب المحظور.
وبالجملة انتقاض دليل الكراهة، وهو استلزام أحد المحظورين بصلاة الجنازة إلى الآن كما كان، ولا ينفع في ذلك ما ذكروه من أن ارتكاب المحظور لأداء الفرض جائز، فإن الجماعة التي هي المستلزمة له ليس بفرض، إنما الفرض نفس صلاة الجنازة، وهو أيضا كفاية لا عينا، ولا يتوقف أداء نفس الفرض على ارتكاب المحظور.
Shafi 27