بخفض صَوت واعتراف بذنب وَيبدأ بِنَفسِهِ وَلَا يخص نَفسه إِن كَانَ إِمَامًا وَيسْأل بعزم ورغبة وجد واجتهاد ويحضر قلبه وَيحسن رَجَاءَهُ ويكرر الدُّعَاء ويلح فِيهِ وَلَا يَدْعُو بإثم وَلَا قطيعة رحم وَلَا بِأَمْر قد فرغ مِنْهُ وَلَا بمستحيل وَلَا يتحجر وَيسْأل حاجاته كلهَا ويؤمن الدَّاعِي والمستمع وَيمْسَح وَجهه بيدَيْهِ بعد فَرَاغه وَلَا يستعجل أَو يَقُول دَعَوْت فَلم يستجب لي)
(قَوْله آدَاب الدُّعَاء) أعلم أَن المُصَنّف ﵀ ذكر فِي كِتَابه الْحصن الْحصين هَذِه الْآدَاب كَمَا هُنَا ورمز رموزا لمن خرجها فَلم نكتف بذلك بل بحثنا كل الْبَحْث عَن أدلتها كَمَا ترَاهُ هَهُنَا وَقد نشِير إِلَى رمز نَادِر وَقد تتبعنا كثيرا مِنْهَا فَلم نجده صَحِيحا وَلَعَلَّ ذَلِك سَببه اخْتِلَاف أَقْلَام الناسخين لذَلِك الْكتاب (قَوْله وآكدها تجنب الْحَرَام مأكلا ومشربا وملبسا) أَقُول وَجه ذَلِك أَن مُلَابسَة الْمعْصِيَة مقتضية لعدم الْإِجَابَة إِلَّا إِذا تفضل الله على عَبده وَهُوَ ذُو الْفضل الْعَظِيم وَمِمَّا يدل على هَذَا قَوْله ﷿ ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾ وَمِمَّا يدل على ذَلِك قَوْله فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة ﵁ عِنْد مُسلم وَغَيره عَن النَّبِي ﷺ أَنه ذكر الرجل يُطِيل السّفر أَشْعَث أغبر يمد يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء يَا رب يَا رب ومطعمه حرَام وملبسه حرَام وغذي بالحرام فَأنى يُسْتَجَاب لَهُ وَوجه تَخْصِيص الْمُسَافِر بِالذكر أَنه قد ورد أَن دَعوته مستجابة فَإِذا كَانَت ملابسته لِلْحَرَامِ مَانِعَة لقبُول دَعوته فَغَيره بفحوى الْخطاب أَولا (قَوْله وَالْإِخْلَاص لله) أَقُول هَذَا الْأَدَب هُوَ أعظم الْآدَاب فِي أجابة الدُّعَاء لِأَن الْإِخْلَاص هُوَ الَّذِي تَدور عَلَيْهِ دوائر الْإِجَابَة وَقد قَالَ ﷿ ﴿فَادعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين﴾ فَمن دَعَا ربه غير مخلص فَهُوَ حقيق بِأَن لَا يُجَاب إِلَّا أَن يتفضل الله عَلَيْهِ وَهُوَ ذُو الْفضل الْعَظِيم
وَقد روى مَا يدل على ذَلِك الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك (قَوْله وَتَقْدِيم عمل صَالح) أَقُول ليَكُون ذَلِك وَسِيلَة إِلَى
1 / 56