ثم بعث جيفر إلى مهرة والشحر ونواحيها فدعاهم إلى الإسلام وأعلمهم بالإسلام فأسلموا معه , ثم بعث إلى دبى وما يليها إلى آخر عمان , فما ورد رسول جيفر على أحد إلا وأسلم وأجاب دعوته إلا الفرس الذين كانوا في ذلك العهد بعمان واجتمعت الأزد إلى جيفر بن الجلندى وقالوا لا يجاورنا العجم بعد هذا اليوم؛ وأجمعوا على إخراج مسكان ومن معه من الفرس؛ فدعا جيفر بالمرازبة والأساورة فقال لهم إنه قد بعث منا في العرب نبي فاختاروا منا إحدى حالتين: إما أن تسلموا وتدخلوا فيما دخلنا فيه , وإما أن تخرجوا عنا بأنفسكم؛ فأبوا أن يسلموا وقالوا لسنا نخرج , فعند ذلك اجتمعت الأزد فقاتلوهم قتلا شديدا وقتل مسكان وكثير من أصحابه وقواده , ثم تحصن بقيتهم في دستجرد , فحاصروهم أشد الحصار.
فلما طال بهم ذلك طلبوا الصلح , فصالحوهم على أن يتركوا كل صفراء وبيضاء وحلقة وكراع؛ ويحملوهم بأهاليهم وحاشيتهم في سفينة حتى يقطعوا إلى أرض فارس؛ فأجابوهم إلى ذلك , وخرجوا من عمان , وفي ذلك يقول شاعر الأزد؛ وهو ثابت بن قطنة العتكي:
ألم تنبئك عن سكانها الدار = وعندها من بيان الحي أخبار
كأنهم يوم راحوا تاركين لها = من جدهم بجناحي طائر طاروا
صادفت مسكان وسط النقع منجدلا = أثوابه بعد تاج الملك أطمار
ويل أمه فارسا ما هو يعنبله ([1]) = كأنما ناظراه في الوغى نار
بقية من سراة الأزد يقدمهم = رئيس صدق إلى الروعات كرار
لا هم ضعاف ولا أزرى بهم خوز= عند الطعان ولا عزل وأغمار
إذا أقول لهم والحرب ساطعة = والموت يكره سيروا نحوه ساروا
نحن العتيك مضاض الناس قد عملوا = وفي القبائل آساد وأحرار
قوم نعز ولا ترجى ظلامتنا = ولا يكون أكالى بيننا الجار
من كان فيه من الأحياء مختلف = فنحن لا عيب فينا لا ولا عار
Shafi 46