Tuhfat Acyan
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
Nau'ikan
فإن ولى الإمام واليا على بلد بمشورة غيره من المسلمين لا يغضب , وإن كان للقاضي وال على بلد فعزله الإمام بغير رأيه لم يغضب ولم يقف عن ما يلزمه , ولم يترك ما يجب عليه؛ وكذلك غير هذا من جميع الأمور , وأن تقتدوا بمن سبقكم من أئمة المسلمين , وقضاتهم وولاتهم , وان تتبعوا سبيلهم وأن تهتدوا بهداهم وقد قال الله تعالى ( ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) وأن لا يحلف القاضي الناس لنفسه بما يحلف به الإمام , فإن هذا لا نعلم أن أحدا سبق إليه من ولاة المسلمين وقضاتهم , وأن تردوا الخيل التي أخذت من الرعية , ومع ردها عليهم لا يجبرهم القاضي على الخروج معه لغزو ولا غيره , إلا أن يتفق للإمام الخروج بنفسه في أمر يجب عليهم الخروج معه , ولا يكون لهم عذر في ذلك , وأن تنصفوا الناس في معاملاتكم ومدايناتكم؛ فإن كان لأحد عليكم حق فلا تمطلوه ليرضى بدون حقه تقية أو ضرورة, أو تلجئوه إلى أخذ شيء من العروض حتى يأخذها بأكثر من قيمتها في البلد؛ ولا تبيعوا ولا تشتروا لأنفسكم إلا أن توكلوا في ذلك غيركم من الرعية ممن هو غير داخل معكم في حرمة وأمر؛ ولا يعلم البائع أن المشتري لكم , ولا تقبلوا من الرعية الهدايا والعطايا , وأن تمنعوا خدمكم وأصحابكم من ذلك؛ ولا تقبلوا من الناس أموالهم على وجه المعونة؛ ولا ترسلوا إليهم في ذلك إلا أن يتبرعوا هم من تلقاء أنفسهم , أو يشير بعضهم على بعض من غير رسالة منكم , ولا تتحملوا الديون إلا من ضرورة في نفقة أو كسوة أو تقووا أمر المسلمين؛ ولا تبذروا أموالكم ولا أموال المسلمين حتى تحتاجوا إلى أموال الرعية وتأخذوا منهم على وجه القرض أو المداينة أو المعونة وتحتجوا أنكم فعلتم ذلك ضرورة أو حاجة , فليس هذا مما يوجد لكم عذرا في أخذ أموال الرعية , وأن ترفعوا الطمع فيما لا يجب لكم على الرعية , وأن تسووا في الحق بين القريب والبعيد , والحبيب والبغيض ولا تصفحوا عن أحد وتأمنوه ثم تأخذوه وتعاقبوه بعد الصفح والأمان , ولا تخرجوا إلى النواحي والبلدان بعسكر لا تضبطونه , ولا تشدونه عن الظلم والفساد؛ ولا تلزموا الناس ما لا يلزمهم من الخروج؛ بل تعذروا من له عذر من مرض أو غيره؛ ولا تفوضوا أمر تحرج الناس إلى العرفاء والجهال , فيبعدوا وتأخذوا الرشاء منهم؛ ولا تجبروا الناس على الخروج بلا زاد اتكالا على الضيافة من عند الناس , ولا تجبروهم على الرباط بلا نفقة؛ ولا تستفتحوا بلدا من بلدان أهل القبلة وأنتم لا تقدرون على أن تولوا عليها وتحموها؛ وتأخذوها من ظالم وتسلموها إلى ظالم وأن تبذلوا الأنصاف لأهل السر والسنينة من حرق منازلهم وخراب أموالهم , وتعرفونهم ذلك؛ وكذلك جميع النواحي التي تجري فيها الأحداث من عساكركم وأصحابكم , وتظهروا إليهم الإنصاف حتى تعلموا أن الحق عندكم مبذول لمن طلبه والباطل مردود على من فعله , ولا تخرجوا إليهم بعسكر تفعلوا عنده مثل ما فعل عسكركم الأول؛ وإذا شكت الرعية عاملا من عمالكم وطلبت عزله عنهم أن تعزلوه عنهم , ولا تكلفوهم عليه البينة وأن تردوا مكاتباتكم إلى ما كان عليه مكاتبات من سبقكم من المسلمين , وأن توفوا بعهدكم ووعدكم.
Shafi 281