239

Tuhfat Acyan

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

Nau'ikan

قال ثم أن جبال عمان اجتمع بها خلق كثير من الشراة وجعلوا لهم أميرا اسمه ورد بن زياد وجعلوا لهم خليفة اسمه حفص بن راشد فاشتدت شوكتهم؛ فسير عضد الدولة المطهر بن عبدالله في البحر أيضا، فبلغ إلى نواحي حرفان من أعمال عمان؛ فأوقع بأهلها وأثخن فيهم وأسر، ثم سار إلى دما وهي على أربعة أيام من صحار، فقاتل من بها وأوقع بهم وقعة عظيمة، قتل فيها وأسر كثيرا من رؤسائهم، وانهزم أميرهم وردوا إمامهم حفص، واتبعهم المطهر إلى نزوى وهي قصبة تلك الجبال فانهزموا منه؛ فسير إليهم العساكر فأوقعوا بهم وقعة أتت على باقيهم وقتل ورد وانهزم حفص إلى اليمن؛ فصار معلما وسار المطهر إلى مكان يعرف بالشرف به جمع كثير من العرب نحو عشرة آلاف فأوقع بهم. قال واستقامت البلاد ودانت بالطاعة، قال ولم يبق فيها مخالف، هذا كلامه والله أعلم بصحته.

وحفص بن راشد إنما نصب إماما بعد موت أبيه الإمام راشد بن سعيد رضي الله عنه؛ وذلك في المحرم من سنة خمس وأربعين وأربعمائة؛ ولم يذكر أحد من مؤرخي أصحابنا خروج سلطان العراق على حفص بن راشد ولم يذكروا أنه عزل عن إمامته ولا أنه خرج من عمان؛ وإنا لنشك في رواية قومنا فيما شاهدوه فكيف نثق بهم فيما غاب عنهم مع أنهم إنما أخذوا أخبار ذلك من بعض أجناد الظلمة القادمين على حرب المسلمين، فيحتمل أن يكون قد اختلط عليهم الأمر؛ ويمكن أن يعتمدوا الزيادة والنقص، وبالجملة فإنا نعلم من سياق التاريخ أن الظلمة قد عاثوا في عمان وتولوا أمرها من بعد أن خذل الإمام راشد بن الوليد إلى أن نصب الخليل بن شاذان، ومدت ذلك نحو خمس وستين سنة تقريبا، والله غالب على أمره.

Shafi 248