فيه من هذه المسالك ثم أردفها بإشارة مختصرة جدا تشتمل على ما اشتمل عليه المسجد الشريف الفائق في الفخر، إحصاء وعددا: من الحجرة، والروضة الشريفتين، والكسوة، والسواري المعتمدين، والأبواب والمنابر، ونحوها ما تيسرت الإحاطة به سماعا ومشاهدة أو بهما لدفع المشتبه، والتعرض لذرعه، وما زيد من أروقته ووسعه إلى غيرها من أحكام حرمته وتعظيم جهاته، والتحذير من عدمه، وأماكن مما يزار من المساجد والآبار وغير ذلك مما وقع عليه الاختيار، سيما من عرف من أهل البقيع، وما اتفق من الحوادث الصادرة من ذوي الجهالة والتبديع، وما بجوانبه من المدارس والربط والمطاهر وأماكن المرضى التي للذنوب تحط، ومن باشره من الأئمة والخطباء والقضاة والنظار والمحتسبين والرؤساء بدون اشتباه، والفراشين والخدام وما يفوق الوصف مما يرجى الانتفاع به إن دام، مما تتشوف النفس إليه حسبما تقف عليه، مستمدا في الكثير، خاصة من أبي عذرته وربي سجدته وأسد نجدته، الباحث عن جمله وتفصيله، والباعث لنفسه الزكية تحقيقه وتحصيله، بحيث قصرت الهمم عن اللحاق به، واستبصرت فعلمت عجزها عن أسبابه وسببه، مع التحقيق والفحص والتدقيق، والجمع بين المختلف بالتوفيق والتوهين، والتعيين بالتمريض والتبيين.
وكنت أول من نوه بمصنفه في ذلك، وقرظه بما لا يشتبه للسالك، وكيف لا؟ وهو عالم المدينة حسّا ومعنى، والقائم بالإرشاد للعلوم النقلية والعقلية بالحسنى، بل هو أعلم من علمته الآن من دلال، الجدير بإحياء معاهد جده سيد الخلائق ممن مضى وآل، ولذا جدد مكتومها وحدد رسومها، وأراح من بعده واستراح من لم يجتهد جهده. وهو صاحبنا وحبيبنا السيد العلامة نور الدين الحسيني السمهودي، ثم المدني الشافعي، بارك الله في حياته، وتدارك باللطف سائر مهماته، وكان الشروع في تبييضه، والرجوع لتهذيبه وتنهيضه، حين كوني كطيبة الشريفة وقرة عيني بلحظ تلك العرصات المنيفة، وكتب إلى العز بن فهد يحرض عليه، ويمرض من لم يلتفت إليه، بل نظم الفاضل اللواتي، والحبيب المواتي، قصيدة في الننويه والتوجه لسببه، نفع الله بهما ودفع كل مكروه عنهما وجعل هذا التأليف خالصا لوجهه الكريم، موجبا لفضله العميم. وصلّى الله على سيدنا محمد وسلم وشرف وكرم.
وسميته «التحفة اللطيفة في المدينة الشريفة».
وهذا حين الشروع فيما قدمته عن هذا المجموع: من نبذة يحسن إيرادها ويتعين أإفرادها، بل تعلمها أمر مفترض وتفهمها لا يهمله إلا من في قلبه مرض، في ذكر سيد البشر وسيد الخلق ممن مضى وغبر الأكمل خلقا وخلقا، والأفضل في الرقي والارتقاء، صاحب المقام المحمود، واللواء المعقود، والحوض والكوثر المورود، والمعجزات الباهرات، والتمييزات بالخصائص المتكاثرات: من الشفاعة العامة-والجماعة العائمة إلى قيام الساعة بالحجة التامة-
1 / 6