1 - ملاقاة فنيانوس مع أبو الأجران
2 - في مينة الإسكندرية
3 - في شوارع الإسكندرية
4 - النزول إلى البر في شختورة الحج شمطو
5 - في صالية التفتيش
6 - التحويج
7 - الشمعة الطويلة
8 - الروحة إلى الضيعة، في دكان بو مرعي
9 - كشف البخت
10 - الوصول إلى الضيعة
11 - فنيانوس يفتش على عروس عندما يرد الزيارات
12 - مرض فنيانوس ووصفات العجايز
13 - توجه فنيانوس للصحة، طلب العروس ثانية
14 - فنيانوس وعمته أم سكحا
15 - حوادث النوم
16 - الروحة إلى مار عبدا المشمر
17 - عمار البيت
18 - يا خيبة آمال فنيانوس
19 - القن! القن!
20 - موش شغل أوادم!
21 - اعتراف عمة فنيانوس
22 - توتت بو موسى
23 - في حبس بتدين
24 - وفاة عمة فنيانوس
25 - ندب النسوان وفنيانوس لأم سكحا ودفن المرحومة
26 - رأي في البرطيل
27 - سخونة أبو الأجران
28 - حديث فنيانوس وأم موسى عندما كان يكتب أبو الأجران وصيته
29 - موت أبو الأجران
30 - ندب فنيانوس وأم موسى لأبو الأجران
1 - ملاقاة فنيانوس مع أبو الأجران
2 - في مينة الإسكندرية
3 - في شوارع الإسكندرية
4 - النزول إلى البر في شختورة الحج شمطو
5 - في صالية التفتيش
6 - التحويج
7 - الشمعة الطويلة
8 - الروحة إلى الضيعة، في دكان بو مرعي
9 - كشف البخت
10 - الوصول إلى الضيعة
11 - فنيانوس يفتش على عروس عندما يرد الزيارات
12 - مرض فنيانوس ووصفات العجايز
13 - توجه فنيانوس للصحة، طلب العروس ثانية
14 - فنيانوس وعمته أم سكحا
15 - حوادث النوم
16 - الروحة إلى مار عبدا المشمر
17 - عمار البيت
18 - يا خيبة آمال فنيانوس
19 - القن! القن!
20 - موش شغل أوادم!
21 - اعتراف عمة فنيانوس
22 - توتت بو موسى
23 - في حبس بتدين
24 - وفاة عمة فنيانوس
25 - ندب النسوان وفنيانوس لأم سكحا ودفن المرحومة
26 - رأي في البرطيل
27 - سخونة أبو الأجران
28 - حديث فنيانوس وأم موسى عندما كان يكتب أبو الأجران وصيته
29 - موت أبو الأجران
30 - ندب فنيانوس وأم موسى لأبو الأجران
التحفة العامية في قصة فنيانوس
التحفة العامية في قصة فنيانوس
تأليف
شكري الخوري
الفصل الأول
ملاقاة فنيانوس مع أبو الأجران
- فنيانوس ولا غلطان؟ - لا موش غلطان، فنيانوس وشقفة، وانت؟ موش ابو الاجران ولا أنا عميان؟ - أبو الاجران ونكعة. أهلا وسهلا، أهلا بفنيانوس، كيف حالك؟ كيف خاطرك؟ كيف صحتك؟ إنشالله مريض! كيف حال من فارقت؟ (صبور تا آخذ نفس.) ورك يا مقصوف الدينة ، كيف كيفك؟ قول لي؟ وشو هالرجعة؟ بعلمي قلت ما بقيت ترجع عالبرازيل. إنشالله ما صار لك دوخة بالبحر! - الحمد لله، مع توجهات أنظارك، بكل صحة. وانت كيف حالك؟ كيف صحتك؟ مشتاقين يا ابو الاجران. وين كل هالمدة؟ ما حدا سامع لك حس ولا حسيس. - من وقت اللي سافرت يا فنيانوس عالبلاد وأنا ما لي نفس لا اكتب ولا اعمل شي، بحيث هالملعون اللاوص بعده بيحكمني. وكمان جريدة الأصمعي ما عادت طلعت. - وانت شو كان مانعك عن الكتيبة؟ وين وعدك لي إن عند وصولك عابيروت بتكتب لي وتطمني عن وصولك؟ - شو بدي طمنك وشو بدي قول لك؟ من يوم اللي سافرت فيه من السنط (كانت ساعة سودا)، لحد هالساعة ما شفت ولا يوم متل الخلق، ولا فضي فكري ولا دقيقة، مصرياتي راحوا، الله لا يريحك، ورجعت هلق متل مانك شايف، إيد لخلف وايد لقدام. - ليش؟ خبرني شو جرا لك؟ شو صابك؟
الفصل الثاني
في مينة الإسكندرية
- تا أحكي لك ياها من أولتها: لما وصلنا، يا سيدنا ملا إنت، إلى إسكندرية طلع عبالي النزول تا اتفرج عالبلد، قول، نزلت أنا وواحد ابن عرب آدمي متل حكايتك، ولكن حمار شوي. - متل حكايتي آدمي ولطيف، ولكن حمار شوي! منيح! كفي حديثك، ما بيسايل، بيجي لك دور يا مضروب الدم. حمار أنا، آه! - أنا موش نيتي هيك، يا ابو الاجران، ليش بتضل نيتك سودا؟ - منيح، خلصنا، كفي تا نشوف. - قول، يا أفندم، وبوجي دغري عابياع الطرابيش، اشتريت طربوش ومسكت لك البرنيطة من طرف ودعست على طرفها الثاني وخزقتها شقفتين. قلت: الله لا يردك. ولبست لك الطربوش، يا ابو الاجران، شو بدي أحكي لك؟ وما بقى أبدع من هيك ولا ألطف من كدا. - مبين صرت تحكي مصري يا مضروب. - أمال إيه؟ ياخي دنا من وقت اللي حطيت رجلي عالبر ما كنت أسمع إلا كلمة: كدا، وكداهو، وكدا أمال، وداهية تشيلك كدا، والحالة كلها كدا بكدا. ولكن بالحق انبسطنا كثير وكنت بشتهيك. - كيف شفت البلاد وأهلها؟ - أهاليها ألطف من هيك ما بقى يصير، وبتلاقي الأمان راخي عصاته، لا بيخاف الواحد من تسطي ولا من تعدي، وكل واحد شايف شغله بحاله، حتى إن البحرية من ألطف ما يكون، صاروا يقولوا لنا وقت اللي وصلنا: «موش راح تنزلوا تتفسحوا في البلد يا بو الشام؟ الحمد لله على سلامتكم.» فشو بدك أحسن من هيك؟ - ادعي للحكم يا فنيانوس؛ لأن الحكومة في مصر من أحسن ما وجد، فمتى كان الحكم عادل والمساواة موجودة بين الناس بتستقيم الأعمال ويمشي الديب والغنم سوا. خبرنا شو شفت وشو قشعت؟
الفصل الثالث
في شوارع الإسكندرية
- والله يا سيدي تفرجنا على إشيا كتيرة وما خلينا مطرح إلا رحناله، ولا فاتنا ولا أكلة، حتى يوسف أفندي أكلناه. - بعدهم بينادوا وبيغنوا عالفاكهة؟ - معلوم! كل عشر أفنديات بقرش، لكن في مسألة ما كنت قدر حلها، وهي كل الخضر بينادوا لها: يا «لوبيا»؛ الخيار لوبيا، والبتنجان لوبيا، والفجل لوبيا، والفول الأخضر لوبيا، والقرع لوبيا، واللوبيا لوبيا. يفضح ديبهم! كله لوبيا بلوبيا! - اللوبيا يا فنيانوس بيعنوا فيها الشيء الطري، وبدل ما يقولوا طرية مصطلحين عا كلمة لوبيا. - والغريب اللي متل درب حكايتي شو بيعرفه؟ بيخمن إنهم ما بياكلوا إلا اللوبيا.
وصارت لك معنا نهفة يا ابو الاجران شو بدي أحكي لك، بتموت من الضحك: لما وصلنا عالمنشية، وهونيك في تمثال محمد علي باشا جد جد الخديوي عباس راكب على حصانه، ما شفت لك إلا وبسلامته اللي معي واللي قلت لك عنه حمار، ركع قدام التمثال وصار يصلي، أنا أخدتني الجمدة، قلت اله: شو هذا؟ قال: تركني تا كفي الصلاة لمار جريوس. قلت اله: يخرب بيتك، شو؟ مار جرجس لابس عمة؟ قوم أحسن ما تجمع الناس علينا. وحياتك ما قام إلا تا كفى صلاته. - بالحقيقة إنه حمار. - الخلاصة: رجعنا عالبابور، وفي ذات الليلة سافرنا، وكان مع محسوبك شوية دخان من الغويانو اللي بعلمك منه الملفوف متل الحبال بيوزنوا عشرة كيلو، وصرت حاير بامري، كيف بدي أعمل تا هربن عا مينة بيروت؟ أخيرا افتكرت فكر بغاية الموافقة، وقمت حالا فكيت الربطة وكريت حبل الدخان وحزمت فيه الفرشة حزمة تعجبك، وقلت: «مش رح يعرفوه، بيخمنوه حبل شعر.»
الفصل الرابع
النزول إلى البر في شختورة الحج شمطو
قول يا أفندم، بلا طول سيرة، تالت يوم وصلنا عا بيروت، وما لحق البابور يرخي الياطر إلا وجو إلك البحرية متل الغضب! والعياذ بالله! وجوه قافطة وجبه معقدة وكلام خشن وعياط وضجة، شي بيخوت الراس. الخلاصة: قمنا قاولنا بحري اسمه الحج شمطو بريال مجيدي ونزلنا، ولما وصلنا عالبر ناولته المجيدي وانتظرت ليقول: «كتر خيرك، الحمد لله عالسلامة.» ما لقيت لك إياه إلا مفنجر عينيه في متل الغضب، وقال لي: «انتو جايين من أميركا، واللي بيجوا من أميركا مفروض على كل راس منهم ليرة انكليز.» قال: «على كل راس» ابن الحرام، ما كأنا إلا غنم. قلت اله: «نحنا جايين من بر مصر يا حج شمطو، موش سامعني ازاي اكلمك مصري كدا هو؟» قال: «لا كدا هو ولا مدا هو! كل هالحكي ما منه إفادة. حطوا كل واحد ليرة من غير طالع ونازل.»
قام المحروس اللي معي واللي قلت لك إنه حمار واللي ركع وصلى لمحمد علي ظانه مار جريوس، قال له: «نو سنيور، نحنا موش جايين من أميركا.» ولما سمع عمك الحج شمطو كلمة نو سنيور قال: «ما دام المسألة فيها نو سنيور دفعوا كل واحد ليرتين» (منيحة والله!) قلت اله: «هيدا حمار ما بيعرف يحكي، لا تصدقه.» وصرت طلع ونزل معه، لقيت ما فيها فايدة، شاورت عقلي تا انده شي بوليس، شي همشري، قلت بفكري: «يمكن متل قلتها، لا يا صبي سلكها كيف ما كان الأمر.» ودفعنا كل واحد ليرتين، وبعده التفت لك لرفيقي ورحت ناسفه كف طلع الشرار من عينيه، شفيت غلي منه المقصوف العمر؛ ما انطلق لسانه بالبرتوغاز إلا عا بنط بيروت قال نو سنيور!
الفصل الخامس
في صالية التفتيش
خلاصته: أخذونا لصالية التفتيش، وهون المصيبة الكبيرة، فتحنا الصناديق وصاروا يقلبوا وينبشوا بها الأواعي، وكل ما وقعت إيدهم على ورقة أو كتاب ينبشوه ويبقبشوا وبختك الله، ما كان معي إلا شوية قصص متل: رحلة بني هلال، وعلي الزيبق، والزير، ودياب، والست بدور، والسلطان حسن، وغيره من القصص اللي بعلمك منها. أخيرا قالوا: «فك الفرشة.» ساعتها هبط قلبي وقلت: «لقطوا الدخان لا محال وانحبس خيك فنيانوس» فكيتها وصاروا ينبشوا، ما لقيوا شي، لكن واحد من المفتشين ريح وشم ريحة دخان وتطلع فيي وقال: الفرشة فيها دخان. قلت اله: يطول عمر الأفندي! منين يجي الدخان؟ قال: «في، مأكد! يالله فتق الفرشة، أنت حاشي الدخان مع القطن.» فتقت كم قطبة وصار يفتش ويشمشم، ما كان يحضى بشي، حار الرجال بأمره؛ ريحة دخان وما شايف دخان، «اللمس لمس عيسى والصوت صوت يعقوب.» أخيرا قال: أنت معك دخان! فإذا كنت ما بتقول فين حاططه باخذك عالسرايا. قلت له: يا أفندي سماع! قشاع! أنا ما معي دخان شدراخ ومدراخ. وبلشت أحلف له على هالقديسين العتاق، الرجال وجد المسألة منحوسة، شو بده يعمل؟ شامم ريحة دخان ودخان ما في وموش عارف المعتر إنه معي عشرة كيلو دخان حازم فيها الفرشة على عينك يا تاجر! أخيرا قال: ضبوا أواعيكم! ضبينا الأواعي وحزمت الفرشة كالأول، وهو واقف يتفرج علي ويشمشم، وحملنا الحوايج على خان الصيفي.
الفصل السادس
التحويج
وبوصلتنا لباب الخان لقيت لك عمتي أم سكحا ناطرتني، يا حرام الشوم! ما وقع نظرها علي إلا وهجمت متل ديب الكاسر، وبلشت تقول: ولدي فنيانوس، الله سمع مني وشفتك! وتغمرني وتبوسني وتشقلني عن الأرض وتبرم حوالي وتقول: «أهلا أهلا بهالكسم الحلو، أهلا بفنيانوس!» قول يا أفندم، بعد ما استرحنا يومين تلاتة قمنا عالتحويج؛ لإنه معلومك لما بيكون الواحد جايي من أميركا جديد قديش بده أغراض وهدايا، متل أساتيك المولاد أجلك، لعوبات ومعوبات ودربكات وزميرات، وكعك ومعك وقضامي وفستق وملبس وحلاوة وملاوة، وحلق وخواتم للقرايب والجيران، وساعة لخورينا، وشماعدين للكنيسة، وخاتم حجر دم لشيخ الضيعة، ومشلح للناطور. هدا عدا عن الرز والملح والطحين والكراسي وصياخ الشك ومشاكيك قراص للأركيلة ونباريش، واشكال لا تحصى ولا تعد. - شو! كأن هالأشيا موش موجود منها في الضيعة. - منين التعتير؟ ما في إلا موي طيبة وهوا جيد. - لكن كيف بيقولوا إن لبنان صار فيه كل شيء، حتى إن حلتا صار فيها درب كروسة؟ - شو بدك بالحكي؟ والله نحن لولا وارد البحر مدري شو كان صار فينا.
الفصل السابع
الشمعة الطويلة
وحتى لا يطول الشرح، قول يا أفندم، تحوجنا كل لوازمنا وضبضبنا حالنا واستعدينا، وتاني يوم بكير إجو المكارية، وما لحقنا نحمل ونركب إلا وأسمع لك عمتي بتقول: يا فنيانوس، نسينا. - ورك شو نسينا؟ - نسينا الشمعة. - شو الشمعة؟
قالت: شمعة طولك، نادرتها لمار عيدا المشمر لما بترجع بالسلامة، وهلق الحمد لله رجعت بخير.
قلت الها: هلق ما بقى في وقت، خطرة التانية منشتريها.
قالت: ما بيصير إلا تا ناخذها معنا. - قشعي، اسمعي، يا بنت الحلال، منين بدنا نلاقي هلق شمعة طولي؟ في اسطمبول موش راح نلاقي متر وسبعين سانتو. - أبدا! وحياتك وقفت المكارية وعطلتنا عن السفر وسحبتني لعند بياع الشمع. سألناه: عندك يا عمي شمعة طول محسوبك؟ قام بسلامته ووقف على كرسي لأنه كان قصير كتير، وجاب الدراع وصار يقيس طولي. أخيرا قال: ما في بوقت الحاضر، لكن بعمل واحدة خصوصية وبعد يومين بتخلص. الخلاصة قضيناها ودفعنا حقها مقدم ريال مجيدي، فضلة دياتك، على بنا بعد يومين نبعت من ياخذها، قول بختك الله، رجعنا عالحارك وركبنا الدواب ومشينا.
الفصل الثامن
الروحة إلى الضيعة، في دكان بو مرعي
ولما شميت ريحة الجبل وتنشقت هوا الصخور يا ابو الاجران انتعش بدني وفرفح قلبي، وجاء عابالي كاس عرق من المثلث اللي بيحبه قلبك، وما لحقنا قطعنا مسافة قصيرة إلا وصارت معدتي تفرفك، وما عدت مصدق ايمتن منوصل لشي دكان على طريقنا، وما مضى علينا شوية إلا ووصلنا لدكان عمي ابو مرعي، نزلنا: عوافي عمي بو مرعي. - أهلا وسهلا، السلامة. كيف التوفيق؟
قلت اله: قبل كل شي شوف شو في عندك للأكل. جونية خربانة!
قال: في يا سيدنا ملا إنت، عندي بيضات مقليين، وجبن، وبنادورا ملوحة تلويح خرج السلاطة، ولبن، وقريشة، وعنب، وتين سكعان! - آخ، آخ، هذا المطلوب! - يخرب بيتك يا فنيانوس! شطط لي ريقي. دخلكن، موتني شوق هالمقصوف العمر. - قول يا أفندم، قلت اله: هات تنشوف ترويجة، وقلي لنا شوية بيضات. جاب لبن وجبن وتين وخبز مرقوق، وبلشنا إيد طالعة وإيد نازلة، ويا بلع سلم عالزلع ها ها ها ها، تا استووا البيضات وعملوا قشرة، شو بدي أحكي لك وشو بدي أوصف لك عن هديك الطعمة واللذة، خصوصا القشرة، يا دلي يا دلي، بعد الطعمة تحت أضراسي. وكمان ما عدت خلصت من عمتي (الله يخلي لي ياها ويجبرني فيها)، كل شوية تدعق لي لقمة قد مخك وتقول لي: كول يا روحي، ريتن يمروا عا زكرتك. والمصيبة ما كنا نعرف نشبع، صلبت إيدي عا وجي وقلت لبو مرعي: قديش الحسبة؟
قال: بشلكين وتلات نحاسات. - بس؟ الله يعمرك يا بلادنا، ما أرخصك!
ثم دفعنا المبلغ المرقوم أعلاه وحبة مسك بدقن عمي بو مرعي، ومعلومك الواحد بعد الأكل بيقيل وبيتحدث له شوية، منشان الهضم كقولك، وما في حدا غير عمك بو مرعي. ندهته: تعا تا نشوف شو في عندك من الحوادث والحكايات. - قعد، وبلش يا أفندم حكي ولقش.
الفصل التاسع
كشف البخت
ما تاري لك عنده إلمام بضرب الرمل وكشف البخت، قلت اله: شوف لي بختي تا نشوف. قال: مد إيدك. مديت إيدي، صار يبقبش ويرفع حواجبه ويقلب شفافه ويعمل حركات ملعونة، بحكي لك إني خفت، قلت اله: حكي خلصنا.
قال: عليك قطوع.
قلت اله: منيح، وغيره؟ - واللي بيبغضوك أكثر من اللي بيحبوك. - عظيم. - ورح تعشق واحدة عشق حماري، ولكن هي قلة ما بتحبك. - يعطيك العافية، يا عمي بو مرعي. - وعليك خطرة من أصعب الخطرات، ورح تتعذب فيها عذاب الحرامية، ولكن سليمة. - كتير منيح! - ورح يصير لك تعبة فكر شوية، وأخيرا بتزعل وبترجع عا أميركا. - ما لحق كفى كلمة بدي أرجع عا أميركا إلا ولقطته عمتي عا زلاعيمه وبلشت لك فيه: لا يرحم بي اللي علمك ضرب الرمل، يا صفتك، يا نعتك، بدك ترجع لي اياه عا أميركا؟ ما صدقت أيا ساعة شفته! ما تاري لك طبعات عمك بو مرعي لا تهزه واقف عاشوار، لقطها بشوشتها، وصرخت: ولي! وعينك ما تشوف فنيانوس كيف هو عامل بيناتن، مصيبة إن جيت مع عمتي لأنها هي المحقوقة، ومصيبة إن جيت مع بو مرعي، وقفت بين التنين وبعدتهم عن بعضهم بالجهد الجهيد، قلت الها لعمتي: شو؟ رح تعملي لنا بلشة هون؟ فضيها بقى وخلصينا، صدقتي إني بدي أرجع عا أميركا واندرت لعمي أبو مرعي قلت اله: ما بيسايل يا عمي بو مرعي! أنت بتقيد عقلك عالنسوان؟ والو! المسألة موش حرزانة! - صالحناهم وفضينا المسألة وركبنا الركايب ومشينا، وصرنا نقطع الغلوات ونطوي الطلعات والنزلات والسهلات والصليخات تا وصلنا للمعمورة كفر شلح.
الفصل العاشر
الوصول إلى الضيعة
وما لحقت حط رجلي عالأرض إلا اجتمعت كل الضيعة للسلام على داعيك، شي كبير وشي صغير وشي مقمط بالسرير وشي بروس وشي من غير روس، وخلايق الله واستغفر الله، وبلش طعق البوس، اللي يشوكوني بشواربن، واللي يلوتوني بزاق، واللي يبوسوني بنقرتي، والولاد يبوسوا لي إيدي، والجميع بصوت حي: إنشالله موفق يا فنيانوس، إنشالله التوفيق خادمك، عسى توفيقك منيح. وما كان حدا يستعلم عن الصحة والعافية والانشراح والرفاهية، هذا ما له ذكر ولا حد بيعرفه، التوفيق بصوت واحد. وضلت الناس تجي وتروح وتروح وتجي للسلام على محسوبك أكثر من تلات أربعة أيام بدون انقطاع، تا هلكت من التعب وورموا شفافي وصاروا متل شفاتير العبيد من كتر التبويس، وياريت فوق هالتعب في تشكيل، كان الواحد يقول: ما بيسايل! لكن شي لا بينقبل لا بالآب ولا بالابن.
الفصل الحادي عشر
فنيانوس يفتش على عروس عندما يرد
الزيارات
وبعده يا أفندم جا دوري برد السلامات، ومعلومك هي فرصة مناسبة كتير للواحد منشان تا ينقي عروس، وصار عمك فنيانوس يتنقل ويتفتل من بيت لبيت، هون كاس عرق، وهون كباية نبيد، وهون عزيمة، وهون أكلة كبة نية، وهونيك محشاية، وهون معلاق، وهون قومة، وهون قعدة تا استويت. ومن بعد ما انهيت من هالواجب حطيت عيني على هونيك قرقورة، لكن شو بدي قول لك؟ الله يطعم كل محب! حلوة وعيوقة وقامتها ممشوقة وخدودها متل محليسة بو طعوقة. - يفضح سنتك يا فنيانوس! شو هالوصف والتغزل البديع! والله فقت على شعرا العرب! - خلينا نكفي الحديث بلا تقريق: وانشغل لك فكري فيها مشغولية، الله لا يدوق مخلوق، النوم ما عدت شفته بعيني، والعلة إني ما كنت أفضى تا أتردد على بيتها لأن الكيفيات عمالة ها، وكل يوم مطرح، يوم عانبع الصفصاف، ويوم على عين أم موسى، ويوم في الكروم، ويوم هون ويوم هونيك، نقضي يومنا بشرب العرق والنبيد تا نرجع آخر النهار عالضيعة محملين. هيدي حالتنا يا أفندم، وبقيت على هالمشية مدة طويلة، وهالشبات بدهن غرض لفنيانوس، معلومك جايي من أميركا ومتوفق.
الفصل الثاني عشر
مرض فنيانوس ووصفات العجايز
أخيرا من كتر ما كنت كرع عرق بركت بالفرشة، لا بأيدي ولا باجري، ومين بعد بيقدر يتحمل دوايات عمتي؟ ساعة تجيب لي حشيشة القزاز عن حيطان الكنيسة وتغليها، وساعة تركد حافية عالكنيسة وتلوت لي قطنة من زيت القنديل، وساعة تجيب لي طوق قزحيا وتلبسني ياه برقبتي متل ولاد الصغار، وساعة تبخرني بالشعنينة، وساعة تجيب لي محدلة مار نهرا تمحدلني فيها، وياريت المسألة وقفت عند هالحد! بل بيجوا لك هالعجايز قال تا يشقوا علي، ويبلشوا بالوصفات كأنهم مجمع حكما: واحدة بتوصف لزق بزر كتان عالمعدة، والتانية بتشور برغيف سخن، واللي موتتني أكتر من الكل: أم زخيا، قال: معدتي نازلة! وحطت هالكلمة بدينة عمتي وأكدت لها إن ما لها إلا دوا الشيل، وعمتي (اسم الله عليها)، ناطرة كلمة، وما عادت فكت بدها تشيل لي معدتي، قامت جابت هوني واحدة قال إنها شاطرة بشيل المعدة، وجابوا قدرة صغيرة وحطوا فيها ورق، وعطوها النار وحطوها عامعدتي، ريته ما حدا يدوق! حسيت روحي طلعت وصرت أصرخ الصوت بالصوت، والمقصوفة العمر شيالة المعدة تقول لها لعمتي: «شدي عابطنه تا أقول لك، بدي طلعها إيد بايد.» لمن شدوا على بطني تنتينن سوا، قلت: «طلعت روحي إيد بيد.» وغم عاقلبي، لمن شافوني على هالحالة شالوا القدرة وافتكروا إنهم قضوا غرض وشالوا المعدة وصحيت.
مضت الأيام والليالي وخيك فنيانوس على حاله، لا بل زاد الألم في معدته على جهة اليمين، صرت قول: «يا ناس، يا هو، اندهوا لنا حكيم، اندهوا لنا طبيب نشوف شو الحكاية! حاجة بقى تعملوا لي وصفات وضربات سخنة، موتوني!» قامت واحدة من المحروسين العجايز قالت: شو! كأن الحكما بيعرفوا أكتر من غيرهم؟ مسألتك عين، ما بيلزمها لا حكمة ولا شي، بدها نتفة رقوة تانعرف مين اللي صابك بالعين. حالا يا أفندم قاموا جابوا شقفة رصاص ودوبوها وصبوها بصحن، وصاروا يلتوا ويعجنوا، أخيرا تم قرار المجلس إن اللي صابتني بالعين مرة عورا. مين عورا؟ ما مين عورا؟ صاروا يتحزروا، أخيرا قالوا: هي سارة أم لبه! شو بدنا نعمل هلق؟ ما شو بدنا نعمل؟ أخيرا تم الرأي على إنه يجيبوا شي من أترها تا أتبخر فيه. حالا أسرع من لمح البصر ركدت عمتي (اللي الله سبحانه وتعالى يجبرني فيها) وبيدها مقص من اللي بيقصوا فيهم الحمير، وبوجها لعند أم لبة، ولقطتها وقصت شقفة من فسطانها ورجعت ركد كأنها جايبة راس كليب، وقامت لك الصرخة خلف عمتي وإجوا العالم: شو في؟ شو في؟ قلنا لهم: ما في شي! المسألة شقفة فسطان، ما بدها كل هالضجة. الخلاصة قاموا حطوا شوية جمر بالصحن، وحطوا شقفة الفسطان، وقربوا صوبي تا يبخروني، يا لطيف يا ستار! وهفت الريحة والعياذ بالله! سديت مناخيري وصرخت: عيفوني يا عالم من هالريحة! دخل الله ودخلكن راح يغب عا قلبي. قول، شالوا البخور وانتهت المسألة على سلامة. - منيح اللي ما صار لك شي، هذا قطوع وفاتك. - بخمن لك هذا القطوع اللي قال لي عنه بو مرعي. - من كل بد شو! مخمن المسألة هينة؟ الله بيعرف من أيا وقت ما تغسل فسطانها.
الفصل الثالث عشر
توجه فنيانوس للصحة، طلب العروس
ثانية
- قول يا أفندم، بقيت على حالي والوجع زاد، وما عدت قدرت قوم من الفرشة، أخيرا قلت: يا صبي ما بقى بدها. حالا بعت ورا حكيم، لمن إجا وسألني شو المسألة حكيت له ياها من أولتها، وقلت اله عن علاج البخور اللي تعالجت فيه. قال: منيح اللي ما مت. الخلاصة فحصني فحص مدقق، وقال إن كبدي منتفخ شوية، وسببه شرب العرق، ولكن المسألة بتزول، ووصف لي أدوية ومنعني عن كل شي إلا الحليب، ووصاني أن لا دوق العرق بزماني. وما مضى علي كم يوم إلا وحسيت براحة كلية، ومن وقتها ما خليت عجوز تدخل البيت، بس يطل مخ شي واحدة منهم بقول لها: عندك يا منعولة، اوعي تقربي! الله لا يرحم بي اللي علمكن الطب. ومن بعده صرت أتقدم يوم عن يوم، إلى أن صحيت منيح وحمدت الله.
ثم رجعت الأفكار تأخذني وتجيبني بخصوص القرقورة اللي ما كانت تروح من فكري لا ليل ولا نهار، أخيره وجدت إنه صار من اللازم أبعت حدا يحكي رسمي بالعروس؛ لأن ما عاد لي صبر ولا طولة روح، حالا قمت حكيت مع خورينا واتنين تلاتة من قرايبنا منشان تا يروحوا يحكوا، وما مضت السيرة يومين إلا وحملوا حالهم وتمشوا، شوي وبسلامتهم راجعين: خير إنشالله! شو صار؟ شو جرى؟ قالوا: جرى كل خير، وقالوا إن فنيانوس ما عندنا حدا بمعزته، وقالوا ياريت يحصلوا على هالشرف، وإذا ما كان عندنا منفتش له، ولكن تحججوا بالبيت قال إنه عتيق وصغير وما بيوافق للسكن، فإذا عمر فنيانوس البيت وفرشه نحن كلنا تحت أمره. فهذا اللي جرى، والخاطر خاطرك على كل حال، فاللي بتلاقيه موافق عمله، وما لحقوا وخلصوا الحديث إلا والمحروسة عمتي (ريتها تقبرني إنشالله) قرطت لك ظلغوطة سمعتها كل الضيعة، حالا حطيت إيدي عا تمها قلت الها: يخرب بيتك فضحتينا! الجماعة بعد ما عطيونا قول شافي، وأنا بعد ما حكيت مع البنت رسمي، بركي ما بتاخدني! يفضح ديبك، جرصتينا! - ضني يا فنيانوس، ما حكيت مع البنت أبدا؟ - كيف لا، مرة نقفتها بالملبس من بعيد من غير ما خليتها تشوفني. وخطرة كمان: كنت واقف على سطح بيتنا وكانت هي مارقة، صرت أتنحنح ولبط برجلي حتى تطلع صوبي، ما كانت حضرتها تلتفت، أخيرا لمن شفتها هيك قمت وقعت المحدلة عن السطح، ساعتها التفتت وخمنت حدا وقع، حالا محسوبك ضرب لها سلام. وخطرة كمان: كانت جاية من العين هي وتلات أربع بنات من رفقاتها بالليل، قمت مسيتها على بغتة، قبطت ووقعت الجرة. - هدا كل حكيك معها؟ - آه، شو بدك أكتر من هيك؟ - عافاك يا شاطر! هيك يكون الغرام والمغازلة ولا بلاش! والله مجنون ليلى ما سبقك. - الله يخليك يا ابو الاجران، حاجة تقعد تتهكم علي، أنا يا عمي قلبي ضعيف بها المسائل، والله بهجم على طابور عسكر لو لزم الأمر، ولكن بها المسائل عدمان العافية، كلمة واحدة ما بقدر بحكيها، بتلاقيني صرت أرجف متل الورقة، وقلبي صار يدق وبطاتي صاروا يلقوا. - فإذا على هالحال موش رح تتزوج. لازم تقوي قلبك يفضح حريشك! شوف المعزة ليلة عيد مار سركيس كيف بيقيموا الأفراح والليالي الملاح، تشبه على الأقل فيهن. - كتر خيرك يا عمي يا ابو الاجران. شو بدي قول لك؟ ما اسمك إلا متل خيي الكبير، ما بيسايل عا سلامتك. - منيح! يا تقبرني، لا تاخذ عا خاطرك، أنا بدي منشانك. وأخيرا شو عملت؟
الفصل الرابع عشر
فنيانوس وعمته أم سكحا
- شو بدي أعمل؟ المسألة منحوسة، فيها عمار بيوت ومصاريف مانيش قدها، وبالآخر قلت: فتش يا صبي على شي بنت تكون آدمية، بركي بتسلي القرقورة وبتستغني عن عمار البيت. وبلشت يا أفندم إلفي على بنات، شي بالضيعة، شي براة الضيعة، والبنات بها الأيام بحر، لكن خيك فنيانوس ما بيضرب إلا بحجر كبير. الخلاصة قضيت مدة طويلة وأنا على هالحال، ولا يخفاك المصاريف اللي بيتكبدها العازب متل حكايتي، ساعة فوط حرير، وساعة مناديل أويا، وساعة ملبس، ونقولات وفواكه ومواكه وغيره وغيراته. وأخيره بعد كل هالمسائل نتج إن البنت اللي بتعجبني أنا ما بعجبها ، واللي أنا بعجبها هي ما بتعجبني، ومن كتر ما طالت المدة سئمت روحي وزهقت نفسي وكرهت العيشة. لما بفتكر هيك شاب متل الرمح وموش قادر يشوف له شي بنت حلال ينستر هو واياها بجي تا أطق.
وفوق هيك عندي هالعمة بالبيت شايلة ديني بالمقلوب وعاملتني لعوبة؛ تخليني نايم بعز نومتي وتجيني قبل ما يوعى واوي العتيق بكير وتصرخ لي: كفنيانوس! قول لها أنا: شو بدك؟ تقول لي: اوعى، صار الضهر! قوم أنا أفتح عيني تاشوف هالضهر اللي صار، ما لاقي لا في ضو ولا من يحزنون، صير أنا كرفت لها بالدين، قول لها: يا عمتي تركيني، خليني نام! مبارح كنت سهران. تتركني شوية وترجع: ولدي فنيانوس. قول لها أنا: نعم يا تقبريني، شو بتريدي؟ تقول لي: مصلحة يكون طالع عابالك شي أكلة محشي بتنجان؟ أتطلع فيها هيك وقول لها: يا صبر القرد على هالعبكرة هو المحشي بتنجان؟ فنجان شاي مع الحليب جايبة لي. فكي عني بجاه مار طاميش، بتعرفيني هالقد بحب المحشي؟ يقبر اللي هو محشيون إنشالله. ما في فكة، يوم تجيني تعرض علي محشي يبرق، ويوم كروش، ويوم ببا غنوج، ويوم مجدرة، ويوم رشتة، وعد معي من هالأكلات اللي ربوا عاقلبنا علة. وخطرات بتجيني ومتلاية جيابها زبيب وقضامة وتين مطبع، قال إيش ما إيش؟ قال بينفع عالريق! ويوم تجيب لي شقفة كماج ورغيف مرقوق وتقول لي: وقوم كول خبز بطلم. - عمى! شو هدا؟ كمان الخبز بطلم! - هدا يا افندم لما نزلت حضرتها عايروت تا تلاقيني أخدت معها خبز مرقوق، ولما كنا نقعد تا ناكل تقوم تشيل شقفة من خبز الكماج وتحطها فوق لقمة من خبز المرقوق وتاكل، قول لها أنا: شو عمال تاكلي كاعمتي؟ تقول: خبز بطلم. أتطلع فيها أنا وهز براسي وقول لها: شو الخبز وشو الطلم؟ الله سبحانه يطلم لي إياكي. هو الطلم جبن قشقوان! ومن وقت اللي طلعنا من بيروت وهي كل يوم تتروق خبز بطلم، والأنكى أنها بتعزمني، كأنه خروف محشي!
الفصل الخامس عشر
حوادث النوم
والأغرب من كل هالمسائل تخليني نايم بعز نومتي وتجي تصير تبشبش وتصلي فوق مخي، وتصير تحك لي براسي، وتمسد لي صدري وضهري، وتفتل لي شواربي، فتح عيني أنا هيك وقول: يخزيك يا ابليس عنا! ورك فكي عني، تركيني بدي نام، دخل مار عبدا المشمر عيفيني وروحي نامي، بعدنا بنص الليل. ما صدقت أيا ساعة سمعت كلمة مار عبدا المشمر من تمي إلا وقالت: السلام على اسمه! من بكرة بدنا نروح نوفي الندر ونقدم الشمعة اللي جبناها من بيروت. قلت لها: الصباح رباح.
وللمحروسة عمتي أمور وأحوال بمسألة النوم بتنذكر بالخير: ليلة بتنام حد الباب، وليلة باليوك، وليلة حد العامود، وليلة حد مني، بتتنقل متل البسينات المخلفين جديد، وبسبب تنقلها هذا أكلت خبطة مني على وجها عمرها ما بتنسى طعمتها. عيرني سمعك شوية يا ابو الاجران، معلومك إن البيوت ما بتخلى من الفيران وين ما كان، وعندنا بالبيت كم جردون (العياذ بالله) متل الغوال، طول الليل يقرقطوا بالخشب والأواعي حتى اتصلوا للثياب. خطرة كنت حاطط بجيبتي قضامة، إجوا بالليل خرقوا جياب البالطو وأكلوا القضامة، ومن وقتها صرت محروق تا أقتل لي شي جردون. وفي ليلة من الليالي الباردة المعتمة وعيت تقريبا عند نص الليل، شوية سمعت تقرقط بالقرب مني، قلت: مأكد هذا فار عم بيقرقط التياب، كيف بدي أعمل؟ شاورت عقلي تا قوم جيب شي صرماية وأخبطه. لا يا صبي، لا تعمل حركة، بيهرب. شو بدي أعمل؟ ما شو بدي سوي؟ فوق راسي معلق فوطة كبيرة للتنشيف، مديت إيدي عالسكت واستناولتها وصرت أبرمها وأجدلها وعملتها مقرعة، واندرت على مهلي لجهة صوت القرقطة، ورفعت إيدي بالمقرعة بعياقة ونزلت فيها بقلب محروق. طعق! ما سمعت إلا صوت متل صوت الجان، ساعتها عرفت إن الخبطة كانت على مخ عمتي، حالا أنا متل لمح البصر رجعت عالفرشة وتغطيت وصرت شنخر، قامت حضرتها متل المجنونة وتصلب إيدها عا وجها وتقول: بالبيت شياطين! وعلقت الصريخ: يا فنيانوس، قوم ضوي القنديل، الشياطين ضربوني. قمت أنا متل المهوج وضويت القنديل وصرت فرفك بعيني متل اللي بعده ما وعي منيح: ورك شو بك؟ شو اللي جرى لك؟ قالت: الشياطين قتلوني! قلت الها: حاجة بقى! بلا شياطين ولا مياطين! غسلي وصلبي إيدك عا وجك هدا، مدري شو كنت بصرانة بنومك! قالت: كنت واعية وعمال قرقش حمص. قلت الها: ما بيسايل، هدا اللي صابك كان من تقرقط الحمص. ساعتها أنا ما عدت فيني ضبط من الضحك، ولما شافتني عمال أضحك عرفت الزبونة إني أنا اللي ضاربها، وقبل ما تحكي شي حكيت لها الحكاية متل ما هي، صارت هي تضحك من هالفصل وتبكي من الوجع. الجهد لها، هي ضربي بوعي، منيح اللي ما ماتت. أخيرا قلت إلها: حدا بيعمل عملتك وكعمتي؟ كل ليلة بتنامي بمطرح؟ بعلمي نايمة حد العمود، شو جابك لحد مني؟ وكمان شفتي بزمانك حدا بيقرقش حمص وهو نايم؟ تقبري طحيشك.
الفصل السادس عشر
الروحة إلى مار عبدا المشمر
ومن ساعتها ما عادت فكت عني، قال بدها تروح توفي الندر لمار عبدا المشمر وتقدم الشمعة اللي متل الركازة، وحزور قديش يبعد عنا ما عبدا؟ حزر لك حزر. - ساعتين؟ - شو بتقول؟ ساعتين؟ بزوق من تمك، يوم كامل. قال كمان بدنا نروح حافيين، هي المصيبة، وغلبت وأنا أقول لها: يا عمتي - عمى القراق إنشالله - سمعي، قشعي، بلا هالمشوار، عندنا هون مار عبدا اللي من غير تشمير، خلينا نقضيها بلاش هالعذاب. أبدا، ما بيقطع عقلها إلا المشمر، ووقعت بحيرة، لا بقدر بكسر بخاطرها من جهة، ومن جهة ثانية رح تركبني وتشيل ديني، وحرت بأمري يا شيخ، غلبت قدم وأخر معها، ما كانت تريد إلا إصرار، وحياتك غصبتني عالروحة على مار عبدا المشمر (السلام لاسمه) حافي الأقدام، ونتعت الشمعة يا ربي بلا كذب بيطلع خمسة أرطال، وأخذنا زوادة ومشينا، هون نوقع وهون نقوم، وبالآخر شكتها شوكة برجلها وقصرت، ما عاد فيها تمشي. كيف بدنا نعمل؟ ما كيف بدنا نعمل؟ قمت حملتها عا ضهري ومشيت، وكل فشختين تقشط عن ضهري وعود حصلها وأكبس بالدين، أنا حصلها وهي تقشط، بلآخر ركبتها بين كتافي وتمسكت هي بمخي، ولقى إن كان فيك تلقى يا فنيانوس.
وما لحقنا وصلنا عالدير إلا وكانت روحي صارت بمناخيري، نزلتها قبل ما نوصل بشوي حتى لا يشوفونا الناس ويضحكوا علينا. قول لما وصلنا لحد الدير لقينا عياط وضجة ومبتديين من هالأخوخ العتورة عمالين يتقاتلوا، لكن قال بيموت من الضحك، يقول الواحد للتاني: آه يا دقن الخبز. وهداك يقول له: آه يا لحية المخلوطة. يعني ما خرجوا بقتالهن عن موضوع المطبخ، مخلوطة، وخبز، ومجدرة. أخيرا صالحوهم ودخلنا عالكنيسة، وركعت عمتي قدام صورة مار عبدا وبلشت تلبد عاصدرها، ما لحقت وصلت كلمتين إلا وقامت عالقنديل اللي قدام صورة مار عبدا وغطت إيدها بالزيت ومرغت لي وجي وشواربي وراسي، وزرزب الزيت عاتيابي، ولمن شفت لك حالي ممرمغ بالزيت وحالتي بالويل والناس بالكنيسة بيتطلعوا فينا ويضحكوا كلخت لها بالدين، وما عدت قشعت بعيني من كتر الزعل، عملتني يا شيخ متل الحمار، بعيد ما بوجي: حا، حا، هش، هش. وشو ما قالت بده يصير.
النهاية زرنا مار عبدا وتمرمغنا بالزيت وحطيت اللي فيه النصيب، وتاني يوم حملنا حالنا ورجعنا، وطول الطريق لاحقتني: خي خي، وفينا الندر واستجاب طلبي مار عبدا (السلام لاسمه). قلت الها: معلوم خي! الله يوجه لك الخير يا عمي بو مرعي، نبوتك تمت، وهي الخطرة اللي قلت بدي اتعذب فيها. صدقت وآمنت فيك.
الفصل السابع عشر
عمار البيت
قول يا افندم، ما صار الغروب إلا ووصلنا عالضيعة، ورجعت بعدها متل الأول عالدوارة لأنه شغل عمل ما فيه، وشوف اللي بيكون داير من غير شغل كيف بتكون حالته؟ ومن كتر زعلي صارت تعن عا بالي العروس اللي تشرطوا علي أهلها على عمار البيت، ودبت لك فيي النخوة وقلت بفكري: ما زال المانع الوحيد عن الزيجة عدم عمار البيت عمر يا صبي وشو ما صار يصير، يتزرق غدي الموت، وحالا لا شور ولا دستور، قاولت عالحجار والكلس والخشاب وكافة اللوازم، وما مضت مدة إلا وتحضر كل شي ، ونبشنا محقان للكلس حد دوارة جارنا بو موسى وصولنا الكلس، وبلشت الفعالة تنبش الأساس والمعلمين ابتدوا بالعمار، ولما شفت العمار عالي عن سطح الأرض قدر متر قلت: عمل لك يا صبي زيارة صوب بيت العروس وخم المسألة تا تشوف شو بيظهر منهم من بعد ما تبليشنا بالعمار. - قول يا افندم، تمشيت هوني ليلة ودخلت: الله يمسيكم بالخير. - يسعد مساكم، تفضل. - وصلنا للفضل.
قعدت أكتر من ساعتين، ما كنت شوف البنت، صرت ناطر، هلق بتبين، لقيت لك ما في نتيجة. صرت طق حنك أنا وبيها لشوف إذا كان بيذكر شي عن العمار، أبدا، إن كنت أنت من هون جبت لي سيرة هو جاب لي سيرة. نهايته: قمت مسيت وتمشيت وأفكار تاخدني وتجيبني من هالبرود اللي حصل! أخيره قلت بفكري: لا تزورهم قبل ما يعلى العمار. وما مضى شهر زمان إلا وقايسنا زوايا البواب والشبابيك، والناس تروح وتجي: «عوافي، عوافي.» وكل واحد يعمل رأي والعمل قايم، شو بدي أحكي لك؟ هدا بيعيط: كلس يا ولد! وهدا حجار، وهدا بغرين، وهدا شحف، والزيطة قايمة. وأنا عيط: صح بدن المعلمين! يا الله سلم هالديات. قال تا نشطهم يعني.
الفصل الثامن عشر
يا خيبة آمال فنيانوس
بعده قلت: روح يا صبي تا تشوف شو جد. الخلاصة: رحت ودخلت: ليلتكم سعيدة. - أهلا وسهلا، تفضل. - تفضلت. ولكن متل الخطرة الماضية، لا شفت بنت ولا من يبنتون. شوي سمعت صهجة ضحك من جوا البيت، قوام لعب الفار بعبي وقلت: المسألة فيها ما فيها. حالا طلعت برا وبوجي لعند الخوري توما: بارخمور. - بارخمور. - قبلنا الأيادي، يا محترم، مبين سلتنا طلعت فاضية من عند الجماعة؛ رحنا الليلة لهونيك لقيت لك طقش وفقش وصهج ومهج والقيامة قايمة، كأنه في شي عريس جديد!
قال: لحد هلق بعد ما عرفت إن سركيس ابن روكز بده يتزوج البنت عالمرفع؟
قلت اله: كيف هالمسألة؟ نحن ما أخذنا قول منهم عن يدك إنه بعد ما نعمر منتكلل؟
قال: بيظهر يا ابني، ما لهم خاطر من أول الأمر، ومسألة البيت عملوها حدفة. وكمان أنت تعوقت بالعمار.
قلت اله: هيك لكان؟ الله لا يرحم قرامي جدهن العتيق، عملوها بهالدقن. ما بيسايل، الله بيفرجها! مسيناك يا بونا. - يسعد مساك. - وبوجي عالبيت لعند عمتي، خبرتها بالمسألة حرف بحرف، وعينك تشوفها.
ومين بعد بيقدر يهديها؟ قامت لك من طيز الضو واستعدت للوصف، وانسحبت متل النمس وراحت عا بيت الجماعة وبلشت: يا اللي طول عمركن شحادين! يا اللي بتناموا تلات ليالي من غير عشا! يا اللي بتطبخوا عالشمس! يا اللي ما بتشموا ريحة اللحم إلا من السنة للسنة! يا حلكن، يا ترككن، يا صفتكن، يا نعتكن! ما زال ما بدكن تعطوا البنت لفنيانوس ليش بتقولوا عمر البيت ونحن منعطيك؟ خليتوه يتكلف ويصرف مصرياته. ما بتعرفوا إن صرمايته بتسوى ألف بنت متل بنتكن؟ هدا اللي عمركن ما بتشوفوا متله، الشب العيوق اللي قيمته ما بتنقص عن خمسين رطل مزندة، واللي بياكل عا وقعته عشرين محشاية، واللي بيشرب رطل عرق عا فرد قعدة! وبألف جهد تا قدرنا رجعناها عالبيت، راحت تا توصفهن كانت تبهدلني، قال باكل عا وقعتي عشرين محشاية! يعني قضت غرض الزبونة!
الفصل التاسع عشر
القن! القن!
أخيره: أنا لمن شفت مسألة الزواج متصعبة بهالمقدار: قلت: ريح فكرك يا صبي بوقت الحاضر وكفي عمار البيت وبعده بيدبرها الله، وفضلت المعلمين تشتغل، وبلشت عمتي تجي توقف عا إيديهن ساعة تقول لهم: هالحجر بده شحفة، وهدا بده بغرينة، وهدا ما بيسوى زاوية، وهالحجر بده شطف من رأسه، حتى ضجروا الشغيلة وعافوا دينهم. وشوي ما شفت لك ياها إلا وصرخت عا مدا صوتها: القن! مبين موش عاملين قن! قلت الها: يا عمتي شو القن؟ هلق بعد بيعملوا قنان؟ هالحكي كان عا أيام بواريد بو فتيل! يا لطيف، وقامت فعطت فيي صوت طوشتني وقالت: البيت بيكون من غير قن ويوك وطاقة للبسينة؟ قلت لها: مبين كنا بواحد وصرنا بتلاتة. كنا بالقن، صرنا باليوك، وطاقة البسينة. وصرت أحكي معها برواق وقول لها: يا روحي، ريتك تقبريني، هالموضة بطلت وما بقى دارج لا اليوك ولا القن، حاجة حكي، قنقنتي قلبي! وكاعمتي بيكفيني مصابي. قالت: أبدا، القن واليوك قبل كل شي، وإلا يا أنا يا أنت بهالضيعة. وحرجت المحترق ديبها ووقفت بالسهلة. وحياتك بها القوة بدها القن واليوك والطاقة، ساعتها صارت مرايري تغلي، وأنا من غير شي روحي طالعة منها كل هالمدة؛ لأنها دوقتني المر تا يحلى، ولمن بشوف لك هالشغيلة مقبعة معهم منها أتظنطر كلني سوا، وهي كل مالها تزيد بالعياط وتقول: يه، يه، يه! فنيانوس بده يعمل عالموضة! عمركن سمعتوا يا ناس بيت من غير قن ومن غير يوك ومن غير طاقة للبسينة؟! منين بدها تطلع تقضي غرض الليل؟ ما حدا بزمانه قال إن البيت بيكون من غير قن ويوك!
الفصل العشرون
موش شغل أوادم!
ولمن شفت إنه ما لها دوا قلت ما بقى بدها! المسألة حمضت! ومن غير شي راحت العروس من إيدي، راح أفقع! وصايرة الدنيا بعيني سودا متل الزفت، بزقت عا كفي وقلت: يا دايم. ورحت ناسفها كف كانت تجي ملقحة عالحجار، وصرخت: وليي! قتلني فنيانوس، كسر لي إيدي. يقاصرك ربي من عنده، الغضب اللي نزل عاتينة الحميرية ينزل عليك يا فنيانوس. ركدت المعلمين، ركدوا هالناس، قربت أنا تاشوف، لقيت لك إيدها مكسورة من الكوع، ضربت كف عا كف وقلت: يا وقعة اللي ما لها طب! اجتمعت لك هالعالم والجيران، وصار كلمن يحكي له كلمة، واحد يقول: شو ها الشغل هدا يا فنيانوس؟ والتاني يقول: هدا موش شغل أوادم. واللي غاظني أكتر من الكل: الخوري توما، جايي لك مهول ورافع عصاته. قلت له: شو باك يا ابونا؟ قال: شو بني يا مغضوب؟ كمان بترد بوجي! ما بيكفي ضربت عمتك وكسرت لها إيدها؟ يا حملا بو أميركا اللي خلتنا ننهان بهالآخرة وصار الفايز يظهر براعته! لمن شفت لك المسألة هيك طلع حليب النور براسي، وبلشت كرفت لهالناس، أنا عيط من هون والخوري يتغضب من هون والناس تصرخ من هونيك، وعمتي حاملينها ومدخلينها عالبيت ومكسورة إيدها وهي تصرخ: القن واليوك والطاقة، وكانت لك ساعة ولا يوم القيامة. فتش يا فنيانوس على مجبر! مين بيعرف مجبر؟ قالوا: بو زعتر السكاف. جبناه، صار يدسدس، قال متل الجراحين الكبار اللي ما بيخفى عليهن شي، والمصيبة جايي ووزرة الجلد بعدها معلقة برقبته والمخرز بيده! الخلاصة ربط لها ايدها وتركها، قال: تا تاخد حدها بالورم، وبعد ما إجا عمل لها الجبار، ارتاحت شوي على كل حال.
الفصل الحادي والعشرون
اعتراف عمة فنيانوس
ولكن بعلمك كان فجور ونبط قوي، تغيرت الأحوال وصارت متل غنمة القرعا، وصرت أنا راضيها وأجبر بخاطرها واستغفر منها، وهي كمان يا حرام الشوم صارت ندمانة على الدعاوي اللي دعيتن علي، وكل يوم تقول لي: عيط لي للخوري توما، بدي أعترف! روح أنا عيط لها للبونا، يجي، تركع هي تحت إيده وتبلش بالاعتراف، وبزماني كله ما شفت متل هالاعتراف! صوتها واصل لبرا، تقول له للخوري: دخلك وكابونا توما، تاري بيصير له شي هالصبي من دعاويي؟ ريتني تحت الأرض انشالله! يقول لها هو: لا، الله غفور لا تخافي! عطاها الحلة وقام. وتاني يوم بالمتل، تقول لي: عيط لي للخوري، بدي أعترف. قول لها أنا: شو عملتي بهالليل؟ سرقتي؟ قتلتي قتيل؟ خليتي القن من غير سدادة؟ وقعتي المحدلة عن السطح؟ بدي أعرف شو عملتي تا بدك تعترفي؟ مبارح اعترفتي. تقول لي: آه يا فنيانوس، خطيتي عظيمة، بدي أعترف. أخيرا لمن شوفها أنا هيك؛ روح أنا عيط له وقول له: عمتي بدها تعترف، قال خطيتها عظيمة. يقول لي: بدك للصحيح؟ هي عمتك خرفت، كل يوم رايح جايي، لوين؟ لعند أم سكحا، منين جايي؟ من عند أم سكحا. قول جينا سوا ودخلنا لعندها، ركعت وقالت فعل الندامة، وأول كلمة قالتها: آه يا بونا توما، خطيتي عظيمة. قال لها: فهمنا إنها خطيتك عظيمة، طحلتينا وانتي تقولي خطيتي عظيمة. إن كان في شي غير الخطية العظيمة قوليه. تقول له: تاري الله بيسمع دعاويي وتغضبي على هالصبي فنيانوس؟ يقول لها هو: لاه، لاه ما قلنا لك لاه، علي إن صابه شي، أنا بضمنه، بس انتي صلي منشانه ولا تخافي. تقول له هي: وكيف لكان؟ كل يوم بصلي مسبحتين لبيلاطوس البنطي منشانه. التفت ليي الخوري وقال: سامع عمتكمن تصلي لبيلاطوس من أجلك. وقام محموق، صارت تقول له هي: الحلة. وأنا أقول له: يا بونا، حلها دخل جريك. ما كان يلتفت. - الحق معه يا فنيانوس. والله لو كنت أنا مطرحه كنت حليتها بفرد ضربة. - ومن بعد ما راح الخوري قلت الها: يا عمتي، من زمان بتصلي لبيلاطوس؟ قالت: من وقت اللي تزوجت. قلت الها: من هيك اللي توفقتي بزاجتك. يفضح حريشك! ما بتعرفي إن بيلاطوس هدا اللي صلب المسيح؟ قالت: حاج تكفر! هدا مذكور عنه في نومن، ما سمعت مطرح اللي بيقول: نقبر وقام على عهد بيلاطوس البنطي؟ قلت لها: صحيح، صحيح، الحق معك. ضللي صلي! ريتني أنقبر تا أستريح منك. - مصلحة هي اللي ذكر عنها الهلال يا فنيانوس؟ - هي بعينها. - يخرب ذوقك على هالعمة اللاهوتية!
الفصل الثاني والعشرون
توتت بو موسى
نهايته يا افندم تا نكفي لك: ومن بعد ما هديت الأمور هيك واسترحت شوية، نبزت لها نبزة ما كانت عالبال ولا عالخاطر، هدا لمن نبشنا محقان الكلس حد دوارة جارنا بو موسى وصولنا الكلسات، تاري لك لحق الكلس شلوش نصبة توت من توتاته ويبست، ولمن شاف حضرته النصبة يابسة جاني بهيئة، يا لطيف، وبلش من بعيد: فنيانوس، يا فنيانوس! عرف مع مين واقع، موش كل اللحوم بتتاكل! أنا: يا غافل لك الله. قلت اله: شو السيرة؟ قال: كمان بتقول شو السيرة؟ يبست لي نصبة التوت اللي حد مصول الكلس! قلت اله: منيح، يا عمي شوف قديش بتريد حقها؟ قال: شوه؟ هذه ساقيها من دماتي، والله والله براس كليب ما بقبل. وصار يفجر ويكبر بكلامه، التكيت منه أنا وصرت قول بفكري: بتطرد الشيطان يا صبي وبتسكت، ولا بتعمل لك شي خبصة توصل خبارها لآخر الدنيا؟ صرت روق معه في الحديث ما كان يسكت. أخيرا كبست اله من كعب الدست، كبرت المسألة، وصار هو يهد وأنا قد، أخيرا راح اشتكى للمدير، وتاني يوم جاني طلب، رحنا: أمر يا سيدنا المير. قال: بو موسى مدعي عليك أنك يبست اله التوتة قصدا. قلت اله: الله يطول عمر أفندينا، أنا لني قاصد ولني متعمد، المسألة صارت بدون قصد، وبعد كل ذلك عرضت عليه حقها، ما قبل، وصار يكبر بكلامه ويهينني. قال: عنده شهادات عليك بأنك متقصد بعملك. أنا ساعتها فار دمي لأني ما فيي طيق الزور، قمت صرت فلت بالحكي وقول: شو هدا يا هو؟ شو هالحكم اللي صاير كله مرامات؟ رجال متل بو موسى خرفان بدهن ينفدوا له مراماته ويخربوا بيتي! منشان توتة! ما بقى في عدل ولا دمة ولا دين بهالكون! يا محلى بلاد الغربة! منشان نصبة توت ما بتسوا قرش بدهن يجرونا عالمحاكم! لمن سمع كلامي عمك المدير صار يبلع بريقه؛ لأنه عمره ما سمع متله من وقت اللي خلق، وغير كلمة سيدنا وأفندينا وعبد سعادتكم ما كان يسمع. كبرت المسألة معه، وحالا طلع مضبطة وقال إني هنته وهنت الحكومة والمتصرف، وكبر المسألة قد ما بيريد، وما مضى يومين إلا وجاني الطلب من بتدين رأسا. قلت: وا لو! من بتدين الطلب! قوام وصلوه لبتدين! أنا كنت مفكر بتنقضي المسألة عند القايمقام، وشوف وين بتدين ووين كفر شلح. هدي، كان بتهدي يا فنيانوس، والمسألة ما منها مهرب. «حاكمك وربك؟» - الله يخليك يا فنيانوس، لا بقى تلفظ هاللفظة تاني خطرة قدامي لأني بتظنطر منها. شو حاكمك وربك؟
الفصل الثالث والعشرون
في حبس بتدين
- والله الحق معك يا ابو الاجران. الخلاصة قمنا تاني يوم ومشينا مع تنين عسكرية. بقينا يوم وشوية تا وصلنا، وبوصلتي دخلوني عالحبس لأن حضرة مديرنا (الله يطول لنا عمره) باعت توصية فيي منشان يوجبوني. قول، دخلنا ونمنا هاك الليلة، وتاني يوم قمت صرت بدي أعرف كيف انحبست هيك من غير داعي؟ ما كان حدا يقول لي شي. صرت قول للسجان: يا أفندي، استعلم لنا عن مسألتنا. ما يرد. يا فلان، يا ناس، كيف العمل؟ صاروا المحابيس يفهموني إنه ما في شي بينقضي من غير مصاري. صرت كل ما كان أنا بدي غرض أقضيه بالمصاري، وقاعد بهالحبس فت بهالخيالة، وما بتقدر شرب نقطة موي بدون برطيل، ومتى دفعت الدراهم كل شي حاضر. وتعودت الناس على هالمسائل كأنها لا شي، وبتلاقي البرطيل مشتغل مع كل الطبقات، بتبتدي من العسكري اللي طربوشه من غير شرابه، لحد أكبرها منصب. الخلاصة: عملت واسطة تاطلعت من الحبس، ولكن بقيت تحت المراقبة منتظر ميعاد الدعوى، اللي الله بيعرف أيمتن بتكون.
الفصل الرابع والعشرون
وفاة عمة فنيانوس
ويوم من الأيام كنت قاعد هيك مقبعة معي وزعلان من هالمصيبة اللي صارت لي، إلا ووصل شب من عندنا من الضيعة وسلم علي، وقال: أنا جايي تا خبرك عن عمتك، ساخنة ومنضامة ولازم تروح حالا حالا. قلت اله: ما جبتوا لها حكيم؟ قال: عندها جمعية حكما: أم عبدو، وأم شعيا، وأم لبة العورا، وأم روكز. لمن سمعت هيك قلت: لحاق يا صبي أحسن يموتوا لك ياها، مالك غيرها. وحالا ركبت ومشيت من غير ما شافني حدا وبوجي على كفر شلح، ما لحقت وصلت لقرب الضيعة إلا وأسمع الجرس بيدق دقة حزن، قلت: مأكد عمتي ماتت، قتلوها هالعجايز النحس بحكمتهن. الخلاصة قول وصلت عالبيت وقامت الصرخة بوجي، دخلت لقيتها ملقحة والنسوان حواليها، صرت أنا خبط حالي وأطلع من هون وهون تا شوف شي عجوز أخبطها شي نكعة عا نيعها، ما لقيت ولا واحدة، تاري خافوا وهربوا بس عرفوا إني جيت. قلت: شو جرى لها؟ بعلمي كانت طيبة. قالوا: ماتت من الزعل على حبستك. فحشت لك تفحيشة ساعتها، يا لطيف.
الفصل الخامس والعشرون
ندب النسوان وفنيانوس لأم سكحا ودفن
المرحومة
واللي زادني بكي وعياط ندب النسوان، كان في هوني واحدة صوتها طيب وبلشت: وينك رايحة يا لابسة الموضة، ووينك رايحة واليوم ممروضة! شوية إجت الرجال وطلعوني لبرا، واجتمعت أهل الضيعة تا تاخد بخاطري، واسطفت هالعالم وقوقزوا عالحجار قدام البيت، والعادة كل ساعتين تلاتة بيقوموا أهل الميت بيعددوه، قمت أنا وصرت أتلوى، وقام كام واحد معي، ووصلت لقدام عمتي وبلشت: يا أم سكحة العت ويا موتة الست ويا عمتي! يا دلي من بعدك يا عمتي! مين بده يجلي لي الصحون من بعدك يا روحي؟! مين بعد بيشيل لي الوتاب من بعدك يا خيتي؟! مين بعد بده يسد لي القن من بعدك يا عمتي؟! والخلاصة من هالتعديد المهم، قول أخدوني لبرا مهدييني على الجنبين، وأنا أرتمي كلني سوا على هالناس وهن يسندوني تا بكيت الصخور.
ما إجا العصر إلا واستعدوا الناس للدفن، وجات الخوارنة والقسس، وجابوا النعش وحطوها فيه ومشينا، وإجوا الشباب حملوها عالراحات، ما مشيوا شوي إلا وصاروا يطحلوا: عمي! ليش تقيل النعش؟ أم سكحا موش ناصحة! يمشوا شوي ويقصروا، احتارت العالم بها الأمر! قول بعد الجهد الجهيد وصلنا عالمقبرة، نزلوا النعش وفتحوه، وكانوا يلاقوا أربع خمس حجار من الجحار الكبار اللي ما بينقص الواحد عن العشرين رطل، مين حط الحجار، ما مين؟ صارت الشباب تشقع وتسب مدري أيا ابن قديسة عمل هالعملة، ولولا ما تدخل الخوارنة بالنص كانت علقت منيح. الله يرحمها، بحياتها وبمماتها بتعلق الخبيط. قول يا أفندم دفنوها ورجع كل من عا بيته، وإجوا الخوارنة شالوا البخور، وحياتك الباقية! وانتهت الحوادث بموتتها؛ لإن الناس دخلت بيني وبين بو موسى ونهوا الخلاف اللي بيننا. - صح الباقي، شو ورتت لك المرحومة؟ - الله لا يكسر حدا. ورتت بابوج جديد بعده ما تغبر، وكارة اللي بيخبزوا فيها عالتنور، ومسبحة، وطواق، ومحدلة مار نهرا، وكم قرش حاطتهن عند شيخ الضيعة، قال منشان طلعتها، وبس. - عيش بهالنعمة يا فنيانوس! - أخيره عدنا رجعنا عا بتدين، وأظهرنا للحكومة الصلحة، صاروا يمحكوا فينا، مابتدين، وأظهرنا للحكومة بدهن ينهوا. ليش؟ في من وراها فت، وما كفاهن اللي حطيناه؟ - يعني حطيت كتير؟
الفصل السادس والعشرون
رأي في البرطيل
- والله يا شيخ صرفت أكتر من 75 ليرة إنكليز، وياريت خلصنا منها بعد. عمرك سمعت ولا شفت في الدنيا أنه منشان توتة أتخصر أنا وحدي - بقطع النظر عن خسارة بو موسى - عشرة آلاف قرش؟ وكمان الدعوى بعدها معلقة بالحكومة، والله بيعرف قديش بعد بيلحقها من المصاريف والمشاوير، واللي كان يشيل ديني المشاوير أكتر من الكل. أنا ما شفت متل هالنظام يا شيخ! منشان دعوى صغيرة ياخدونا عالمركز وعابتدين، وبيكون الواحد ساكن بآخر ما عمر الله. بدي أعرف ليش عاملين مديريات طالما ما بيقدروا ينهوا الدعاوي اللي ما بتزيد عن تلات مية قرش؟ عاملينها بس منشان كتر المصاريف عالخزينة. - تقبر هاك المصاريف يا فنيانوس! ماهية المدير تلات مية قرش بالشهر، ونحن الواحد منا بيحط عا قعدته خمسين ألف ريش ومية ألف ريش كأنه ما حط شي. شو بتقول لي مصاريف؟ هو ليش بتكتر الرشوة والبرطيل؟ لأن الماهيات ما بتكفي؛ لذلك الرشوة موجودة بكترة، حتى إنك بتجد كل الوظايف في بلادنا بتنالها الناس بالبرطيل، وهذا هو المرض الوحيد اللي بيقوض أركان الممالك ويثل العروش ويخرب البيوت وبيحرق ديبها. ومتل ما قلت أنت إن البرطيل ماشي من العسكر لأكبرها متوظف، يعني ددي أخدها من جدي، ومهما كان الواحد عظيم وشايف نفسه وما بيتحاكى إلا بعرض حال، بتلاقيه ذليل عند قضاء مصلحته، فخفخة بالخارج وذل بالداخل، وعلى هالطريقة ماشية الأمور في بلادنا، والله أعلم بعاقبة الأمور. ولكن ما بتخلى الدنيا من الصلاح، عندك كتيرين في بلادنا عفاف النفوس، رجال من صحيح، ولكن أيديهم مغلولة. الخلاصة، شو عدت عملت بعمار البيت؟ - شو بدي أعمل؟ تقبر اللي هو لهن! تركته من غير سقف ومن غير قن ومن غير يوك، وأنا بقيت من غير زاجة وحطيت كل مصرياتي اللي طلع مسيني وأنا جمعهن، ومتل مانك شايف هلق رجعت إيد لخلف وإيد لقدام. - أنا ما قلت لك يا مقصوف العمر لا تروح! لا تروح، بتندم؟ ما كنت تسمع مني. أنا بعرف حالة بلادنا، وبعرف إن الواحد منا ما بقى يقدر يسكن هونيك، تعودنا عا حركة الشغل والحرية، مستحيل الواحد يقدر يعيش بعد هونيك إلا إذا تغيرت الأحوال. - إي والله يا خيي ابو الاجران، لو كنت سمعت منك ما كان صار لي كل هالمصايب. نصيبنا هيك. فهدا اللي جرى لي، وهي حكايتي حكيتها وبعبك حطيتها. هلق جا دورك، بدك تخبرني شو صار بغيبتي في البرازيل حرف بحرف. - شو بدي خبرك؟ البنانا رخصت كتير وصارت كل عشرة بقرش، والبتنجان كتر، والبرغل متلي الدنيا. والسلام عليك. - هد اللي عمال أسألك عنه؟
الفصل السابع والعشرون
سخونة أبو الأجران
- انت شو بيهمك غير هدا بالوقت الحاضر؟ كنت بحب خبرك عن الأحزاب والمشاحنات اللي صارت بغيبتك، والجرائد اللي جدت، والجمعيات اللي انتشت، وعن البيش وأحواله، لكن ماني مبسوط أبدا، حتى إني هلق حاسس بوجع تحت خاصرتي اليمين ما بينطاق. آه دخلك يا فنيانوس مبين زاد الوجع. - سلامتك يا ابو الاجران، شو بتريد أعمل لك؟ - آه دخلك! مدري شو بني، روح عيط لي للحكيم وانده لي لأم موسى جارتنا حالا. - آهي جات أم موسى. - شو باك كابو الاجران؟ - آه يا أم موسى دنيت! دخل الله ودخلك! - حاجة تحكي هالحكي! ما عا قلبك شر، بدك تحميلة ده بتصح، هات وكافنيانوس شقفة صابون تا نعمل له تحميلة. - ما في لزوم. هلق بيجي الحكيم، بعتنا وراه.
يا حملا بوك عا بو الحكما، أنا ما بدي موت الرجال، المسألة بسيطة، هلق ده بيرتاح. - آه، آه، دخلك يا فنيانوس، دنيت! - ورك سلامة قلبك! حاج تحكي هالحكي! - وحياتك دنيت، اعمل معروف اعطيني الدواية والقلم تا كفي كتابة وصيتي. - شو هالحكي يا ابو الاجران؟ صلب إيدك عا وجك وقول: يا يسوع! ما حدا بيستغني، الله مجرب خايفيه. - شو مجرب خايفيه؟ قرب الأجل، متى الواحد بيخلص عمره راح. هات - الله يخليك - الدواية والقلم. - حاضر عا عيني. - دخول هلق أنت وأم موسى للأوضة التانية تا كنت خلص كتيبة الوصية. - تعي لحقيني يا أم موسى، بلا معنى.
الفصل الثامن والعشرون
حديث فنيانوس وأم موسى عندما كان يكتب أبو
الأجران وصيته
إلا دخلك يا أم موسى، كيف شايفتي لي هالمعتر أبو الاجران؟ بيقوم من هالسخنة؟ - منين القابر أمه ؟ موات! قد ما كان يبولع عرق بزمانه اهترت قصبته السودا والطحال، وامتد المرض للكلاوي ولقمة اللحام، ومن زمان وهو بيلاوش.
إلا دخلك، إيمتن طلعتي من مدرسة الطب؟ مبين بشوفك بتوصفي وصفات وبتأشري أشاير الحكيم ما بيعرفها. - شو؟ كأن الحكيم أحسن مني؟
أستغفر الله! ما فشر. يا أم موسى، بدك الصحيح؟ صعبان علي كتير ابو الاجران. - وكابني شو طالع باليد؟ كلنا غلة الموت، اللي ما بيموت اليوم بيموت غدي، هنيال فاعل الخير! - إلا يا أم موسى، من تلعبي بالبيش بهالأيام؟ - بالأول كنت ألعب وما كنت حط إلا عالبغل والسعدان والفرفورة، هي تقبر عيون اللي هي لهن، اللي بيقولوا لها بربورة، ما بعرف بربولاتا. خصرت مبلغ لكن بالآخر صرت ألعب عالمنامات، يوم اللي شوف ابو الاجران بنومي كنت ألعب عالحية، ويوم اللي شوف عمك بو موسى ألعب عالدب، ويوم اللي شوف هدا الرجال اللي فاتح لوكندة هونيك ألعب عالفيل، وأكتر الأيام يصدق المنام، ولو كانوا الناس بيتركوا الواحد عا دينه كنت كل يوم بكسب، ليش كقولك بيجيني إلهامات؟ مثلا: اليوم جاني إلهام إنه بده يطلع الدب، بصمم النية عليه، شوية بيجوني ولاد عيشة لعابة البيش ويقولوا: شو بده يطلع اليوم يا أم موسى؟ قول لهن كقولك حسب الإلهام، يصيروا هن يقولوا: لا، وأنا أقول لن: آه. يغيروا لي أفكاري. وهلق بعدني بلطش شوية. - يعني بعد الإلهامات عوضتي من الخسارة؟ - منين التعتير؟ صرت حاطة أكتر من مية ليرة، وعالقبار عيونه الدب وحده حطيت خمسين ليرة. - يعطيك العافية! منيحة والله تجارة البرازيل، صايرة بالإلهامات. - وانت كيف أمورك؟ إنشالله جبت لك شي بنت حلال معك؟ - آه يا أم موسى، لا تفوقيني. ما جبت شي. إن كان قبالتك شي بنت حلال إيدي تحت زنارك. - تقبر اللي خلفوك! كل شي في بنات بالبلاد ما عرفت تاخدلك واحدة، جاي هون تسأل عا بنات؟ هون في بنات؟ - إيش بدي أعمل؟ هيك النصيب. فوتي تا نشوف، يمكن ابو الاجران خلص الكتيبة، صار له أكتر من ساعة.
الفصل التاسع والعشرون
موت أبو الأجران
- عوافي! كيفك هلق؟ إنشالله مرتاح؟ - شو بدي أرتاح؟ قرب تا بوسك وودعك. وخود يا فنيانوس، هيدي وصيتي، بعد موتي بنص ساعة افتحها واقراها واعمل بموجبها من غير زيادة ولا نقصان. - أمرك. - آه يا عدرا دخلك! يا مار شعيا تضرع لأجلي، آه يا أم موسى ويا فنيانوس صلوا منشاني وغفروا لي وسامحوني واستروا على ما شفتوا مني. خاطركم! إنشالله منتقابل في ديار النعيم! ••• - العوض بالله والصبر بالله، يا ابو الاجران! بعدها بكيرة يا خيي. دخلك يا أم موسى دسي له نبطه، بركي يكون بعده طيب. - عطاك عمره، إنشالله بيكون فداك. الله يرحمه. - بعدها بكيرة يا خيي، سلم عا جدي بو روحانا، قديش راح نستفقد لك يا ابو الاجران، يا دلنا من بعدك يا روحي، يا قليل الشاكية يا عمي، ياللي مالك مبغض يا تقبرني! - حاج كافنيانوس. بكرة بتسخن، شو بيعود ينفعك؟ راح يقوم إذا بكيت؟ الله يرحمه، عالسما بتيابه. - دخلك طمنيني، قام بواجباته الدينية؟ - معلوم، دعوة هيك. أبو الاجران ما كان في متله، كان الله يرحمه يقول لي: ما في شي بيعزي الواحد متل الدين والأمانة. - نشكرك ونحمدك يا ربي، طمنتيني يا أم موسى، الله يطمن لك قلبك. آه، آه، الله يخرب بيتك يا عزرايل! ما لقيت إلا ابو الاجران تاخده؟ كل شي في عالم مفسدين بالكون، لا اعتراض لحكمك يا الله. آه يا أم موسى دخلك رح بقتل حالي. - حاجة بقى يا مقصوف العمر، بكرة بتسخن.
الفصل الثلاثون
ندب فنيانوس وأم موسى لأبو الأجران
آه يا أم موسى، هلق كان عمال يحاكينا، ما قاوي قد سكفة بقرية. آه، لا تحاسبي علي بدي حورب له شوية.
وين صندك وين نيرك؟ وين جرابك للبدار؟ وحس معدورك يخبط تحت في كعب الكسار! باطل عليك يا ابو الاجران، يا حرقة قلبي عليك يا روحي. يا دل النزالة من بعدك! يا مسلينا يا مؤانسنا! - حاج تفحش كافنيانوس بكرة بتبرك، يعوضنا بسلامتك. - دخلك يا أم موسى، اعملي من قيمته وندبي لك شي ندبة تكون عا خاطرك، تكون تبكي الصخور. - واجبة. ناولني نقطة موي تا بل ريقي! «يا سيدي ويا ابن السيد، مسافر والبلاد بعيد، بنطلون ما أخدتوا، وإيش بتلبسوا عالعيد؟» رد علي يا فنيانوس رد! - يا سيدي ويا ابن السيد، مسافر والبلاد بعيد، محشي ما خدتوا معكم، وإيش بتاكلوا عالعيد؟ - قوم مشي وتمشى، وحيد صوبنا تمسى، سلم لي عا بو موسى، وسلم دخلك لا تنسى!
آه يا حسرتي عليك يا بو موسى، يا مدللني يا بو موسى، ويا منيظني يا بو مووس! - هو هو! كنا بواحد صرنا بتنين. شو جابه عا بالك؟ هلق المرحوم صار له عشرين سنة ميت. - آه، كيف ما بده يجي عا بالي؟ بزمانه ما قال لي كلمة تكسر بخاطري، ولا يوم رافع إيده علي، يا حسرتي على هاك الشوارب. - الله يرحمه! حاجة بقى، بكرة تسخني، شو بيعود ينفعك بو موسى وبو قوسى؟ - آه يا دلي، لو بتعرف كيف كانت موتته، يا حرقة قلبي عليه، مات عا درب مار موسى، ولمن رحنا تا نجيبه صرنا نندبه ونقول له: «يا درب مار موسى، ويا قليلة الهيبة! خدتي أبو موسى، هالكامل الشيبة.» - يا ويلاه! يا حالاه! ما بقاش تبطل أم موسى. هلق جا عا بالك بهالحشرة؟ حاجة ندب وبكي، قومي تا نشوف شو بدنا نعمل، هلق بيجوا الناس. يالله يا عيني يالله، سلمي أمرك لله، وإنتي ما بدك من يكسر عليك، تقبري اللي خلفوك! هلق كنتي عن تكسري علي. والو، قومي غسلي وجك، كلنا ماشيين عا درب مار موسى. يالله تا نشوف المرحوم شو قايل بوصيته. (انتهى)
Shafi da ba'a sani ba