ومعنى أنه لا يقال بحدوثه على حيثية أخرى، أي يقال: إنه كان غير مطلوب في بعض الشرائع كالصلوات الخمس، ثم حدث أي صار واجبا بعد أن لم يكن واجبا.
فإن القول بهذا كفر؛ لأن الإيمان بالله من الخصال التي اتفقت عليها الملل في وجوبها.
وهذا في إيمان العبادات إيمان الله الذي هو تصديقه لمن صدقه فهو قديم إذ هو صفة، وهذا لا يزيد ولا ينقص بإجماع. وهذا من شجون المقال. فلنرجع لأصل السؤال.
ثانيها: قولهم إن وجودنا هل يقال فيه: إنه واجب، أو جائز مطلقا كما صرح به في برهان الثناء (كذا)؟
فأقول وبالله الفكر يجول: إن حقيقة الجائز ما لو وقع لم يلزم من فرض وقوعه محال لذاته. والعارض لا يدفع الجواز الأصلي الذاتي. قال التفتازاني (١) في تكليف ما لا يطاق: إنه جائز عقلا وهو غير واقع، بدليل قوله: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾ (٢). وذهبت المعتزلة إلى استحالته عقلا، بناءً على مذهبهم بالتحسين والتقبيح بالعقل. وأما وقوعه فهو محال، وذلك لا يدفع جوازه الأصلي.
فإن قلت: لا يصح جوازه؛ لأن الجائز ما لا يلزم على فرض وقوعه محال، وهذا لو وقع لكان تكذيبا للخبر الصادق، وهو محال.
_________
(١) انظر السعد التفتازاني شرح المقاصد ج ٤/ ٢٩٦ بتصرف.
(٢) البقرة الآية: ٢٨٦
1 / 50