قوله فإنه في التركيب نظير قولك كل رَجُل له رِجْل فإن كلا إذا دخل على نكرة أفادت عموم الأفراد. وقد قوبل بفرد، فيكون لكل واحد واحد.
ومحط كلام السنوسي أنه لا بد لكل مسألة من دليل، ولا يلزم أن يعرف كل مسألة بأزيد من دليل، هذا معنى الكلام. ونظرة في التركيب قولك مثلا لكل غاز سهم، فلا شك أن هذا الكلام موضوع لنفي الاشتراك في سهم، وللزيادة للواحد على سهم فكيف يكون قول السنوسي المذكور يفيد إجمال المسائل في دليل، بل هو موضوع لأعم من ذلك، ولنفي التكليف بالزيادة.
وأما قولكم: في بيان أن حدوث العالم هو الإجمالي، بأن الله أشار إلى النظر والتفكر في غير ما آية، فإرشاد مولانا إلى النظر فيه، لا يفيد جمع المسائل الاعتقادية فيه، بل يفيد أنه دليل لما وضع له كأخذ الوجود منه في قوله: ﴿قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى﴾ (١). ولمن سلم أنه في القرآن جمع المسائل الاعتقادية كلها فيه، فلا يؤخذ منه أنه هو الدليل الإجمالي الذي هو أدنى رتبة من التفصيلي، كيف والقرآن محشو بالأدلة التفصيلية من حيث وصول الناظر إليها على ما ينبغي، والإجمالية من حيث عدم ذلك.
فالحاصل أن الدليل في نفسه لا يوصف بتفصيل ولا إجمال بل من حيث وصول المكلف. فإن وصل وصولا تاما، قادرا
_________
(١) طه: ٤٩ - ٥٠.
1 / 46