مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الحمد له من غير حاجة منه إلى حمد حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته وصمدانيته وربانيته وسببا إلى المزيد من رحمته ومحجة للطالب من فضله (1) ومكن في إبطان اللفظ حقيقة الاعتراف لبر إنعامه (2) فكان من إنعامه الحمد له على إنعامه، فناب الاعتراف له بأنه المنعم عن كل حمد باللفظ وإن عظم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة بزغت عن إخلاص الطوي (3) ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي، إنه الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى، ليس كمثله شئ، إذ كان الشئ من مشيئته وكان لا يشبهه مكونه.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، استخلصه في القدم على سائر الأمم، على علم منه بانفراده عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس، وانتجبه آمرا وناهيا عنه (4)، أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه، إذ لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الأفكار، ولا تمثله غوامض الظنن (5) في الاسرار، لا إله إلا هو الملك الجبار،
Shafi 1
وقرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته (1) بما لم يلحقه فيه أحد من بريته وهو أهل ذلك بخاصته وخلته (2) إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا من يلحقه التنظير، وأمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته وتطريقا لعترته (3)، فصلى الله عليه وعلى آله وكرم وشرف وعظم مزيدا لا يلحقه التنفيد ولا ينقطع على التأبيد، وإن الله تبارك وتعالى اختص لنفسه بعد نبيه خاصة علاهم بتعليته وسما بهم إلى رتبته وجعلهم (4) إليه والأدلاء بالارشاد عليه، أئمة معصومين فاضلين كاملين وجعلهم الحجج على الورى ودعاة إليه، شفعاء بإذنه، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يحكمون بأحكامه ويستنون بسنته ويقيمون حدوده ويؤدون فروضه، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، صلوات الله والملائكة الأبرار على محمد وآله الأخيار.
وبعد فإني لما تأملت ما وصل إلي من علوم نبينا ووصيه والأئمة من ولدهما صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته، وأدمت النظر فيه والتدبر له علمت أنه قليل مما خرج عنهم، يسير في جنب ما لم يخرج، فوجدته مشتملا على أمر الدين والدنيا وجامعا لصلاح العاجل والآجل، لا يوجد الحق إلا معهم ولا يؤخذ الصواب إلا عنهم ولا يلتمس الصدق إلا منهم. ورأيت من تقدم من علماء الشيعة قد ألفوا عنهم في الحلال والحرام والفرائض والسنن ما قد كتب الله لهم ثوابه و أغنوا من بعدهم عن مؤونة التأليف وحملوا عنهم ثقل التصنيف ووقفت مما انتهى إلي
Shafi 2
من علوم السادة عليهم السلام على حكم بالغة ومواعظ شافية وترغيب فيما يبقى، وتزهيد فيما يفنى، ووعد ووعيد، وحض على مكارم الأخلاق والافعال ونهي عن مساويهما، وندب إلى الورع وحث على الزهد. ووجدت بعضهم عليهم السلام قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم، وروي عنهم في مثل هذه المعاني ألفاظ قصرت وانفردت معانيها وكثرت فائدتها ولم ينته إلي لبعض علماء الشيعة في هذه المعاني تأليف أقف عنده ولا كتاب أعتمد عليه وأستغني به يأتي على ما في نفسي منه. فجمعت ما كانت هذه سبيله وأضفت إليه ما جانسه وضاهاه وشاكله وساواه من خبر غريب أو معنى حسن متوخيا (1) بذلك وجه الله - جل ثناؤه - وطالبا ثوابه وحاملا لنفسي عليه ومؤدبا لها به (2) وحملها منه على ما فيه نجاتها شوق الثواب وخوف العقاب، ومنبها لي وقت الغفلة ومذكرا حين النسيان ولعله أن ينظر فيه مؤمن مخلص فما علمه منه كان له درسا وما لم يعلمه استفاده فيشركني في ثواب من علمه وعمل به، لما فيه من أصول الدين وفروعه وجوامع الحق وفصوله وجملة السنة وآدابها وتوقيف الأئمة وحكمها والفوائد البارعة والاخبار الرائقة (3) وأتيت على ترتيب مقامات الحجج عليهم السلام وأتبعتها بأربع وصايا شاكلت الكتاب ووافقت معناه. وأسقطت الأسانيد تخفيفا وإيجازا وإن كان أكثره لي سماعا ولان أكثره آداب وحكم تشهد لانفسها ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف بل ألفته للمسلم للأئمة، العارف بحقهم، الراضي بقولهم، الراد إليهم.
وهذه المعاني أكثر من أن يحيط بها حصر وأوسع من أن يقع عليها حظر وفيما ذكرناه مقنع لمن كان له قلب، وكاف لمن كان له لب.
Shafi 3
فتأملوا معاشر شيعة المؤمنين ما قالته أئمتكم عليهم السلام وندبوا إليه وحضوا عليه. وانظروا إليه بعيون قلوبكم، واسمعوه بآذانها، وعوه بما وهبه الله لكم واحتج به عليكم من العقول السليمة والافهام الصحيحة ولا تكونوا كأنداكم (1) الذين يسمعون الحجج اللازمة والحكم البالغة صفحا وينظرون فيها تصفحا (2) ويستجيدونها قولا ويعجبون بها لفظا، فهم بالموعظة لا ينتفعون ولا فيما رغبوا يرغبون ولا عما حذروا ينزجرون، فالحجة لهم لازمة والحسرة عليهم دائمة. بل خذوا ما ورد إليكم عمن فرض الله طاعته عليكم وتلقوا ما نقله الثقات عن السادات بالسمع والطاعة والانتهاء إليه والعمل به، وكونوا من التقصير مشفقين وبالعجز مقرين.
واجتهدوا في طلب ما لم تعلموا، واعملوا بما تعلمون ليوافق قولكم فعلكم، فبعلومهم النجاة وبها الحياة، فقد أقام الله بهم الحجة وأقام (3) بمكانهم المحجة وقطع بموضعهم العذر، فلم يدعوا لله طريقا إلى طاعته ولا سببا إلى مرضاته ولا سبيلا إلى جنته إلا وقد أمروا به وندبوا إليه ودلوا عليه وذكروه وعرفوه ظاهرا وباطنا وتعريضا وتصريحا، ولا تركوا ما يقود إلى معصية الله ويدني من سخطه ويقرب من عذابه إلا وقد حذروا منه ونهوا عنه وأشاروا إليه وخوفوا منه لئلا يكون للناس على الله حجة، فالسعيد من وفقه الله لاتباعهم والاخذ عنهم والقبول منهم والشقي من خالفهم واتخذ من دونهم وليجة (4) وترك أمرهم رغبة عنه إذ كانوا العروة الوثقى وحبل الله الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بالاعتصام والتمسك به، وسفينة النجاة وولاة الامر، الذين فرض الله طاعتهم فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (5) " والصادقين الذين
Shafi 4
أمرنا بالكون معهم، فقال: " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (1) ".
واجتهدوا في العمل بما أمروا به صغيرا كان أو كبيرا واحذروا ما حذروا قليلا كان أو كثيرا، فإنه من عمل بصغار الطاعات ارتقى إلى كبارها، ومن لم يجتنب قليل الذنوب ارتكب كثيرها.
وقد روي: " اتقوا المحقرات من الذنوب وهي قول العبد: ليت لا يكون لي غير هذا الذنب (2) ". وروي: " لا تنظر إلى الذنب وصغره ولكن انظر من تعصي به، فإنه الله العلي العظيم ". فإن الله إذا علم من عبده صحة نيته وخلوص طويته في طاعته ومحبته لمرضاته وكراهته لسخطه وفقه وأعانه وفتح له مسامع قلبه وكان كل يوم في مزيد فإن الأعمال بالنيات.
وفقنا الله وإياكم لصالح الأعمال وسددنا في المقال، وأعاننا على أمر الدنيا والدين وجعلنا الله وإياكم من الذين إذا أعطوا شكروا وإذا ابتلوا صبروا وإذا أساؤوا استغفروا، وجعل ما وهبه لنا من الايمان والتوحيد له والائتمام بالأئمة مستقرا غير مستودع (3) إنه جواد كريم.
Shafi 5
بسم الله الرحمن الرحيم * (ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله في طوال هذه المعاني) * * (وصيته لأمير المؤمنين عليه السلام) * (*) يا علي إن من اليقين أن لا ترضي أحدا بسخط الله ولا تحمد أحدا بما آتاك الله ولا تذم أحدا على ما لم يؤتك الله، فإن الرزق لا يجره حرص حريص ولا تصرفه كراهة كاره، إن الله بحكمه وفضله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط.
يا علي إنه لا فقر أشد من الجهل ولا مال أعود من العقل (1) ولا وحدة أوحش من العجب ولا مظاهرة أحسن من المشاورة (2) ولا عقل كالتدبير ولا حسب كحسن الخلق (3) ولا عبادة كالتفكر.
يا علي آفة الحديث الكذب. وآفة العلم النسيان. وآفة العبادة الفترة. (4) وآفة السماحة المن. (5) وآفة الشجاعة البغي وآفة الجمال الخيلاء. وآفة الحسب الفخر (6).
يا علي عليك بالصدق ولا تخرج من فيك كذبة أبدا ولا تجترئن على خيانة أبدا، والخوف من الله كأتك تراه. وابذل مالك ونفسك دون دينك وعليك بمحاسن الأخلاق فاركبها وعليك بمساوي الأخلاق فاجتنبها.
Shafi 6
يا علي أحب العمل إلى الله ثلاث خصال: من أتي الله بما افترض عليه فهو من أعبد الناس. ومن ورع عن محارم الله فهو من أورع الناس. ومن قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس.
يا علي ثلاث من مكارم الأخلاق: تصل من قطعك. وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك.
يا علي ثلاث منجيات: تكف لسانك. وتبكي على خطيئتك. ويسعك بيتك (1).
يا علي سيد الأعمال ثلاث خصال: إنصافك الناس من نفسك. ومساواة الأخ في الله. وذكر الله على كل حال.
يا علي ثلاثة من حلل الله (2): رجل زار أخاه المؤمن في الله فهو زور الله وحق على الله أن يكرم زوره (3) ويعطيه ما سأل. ورجل صلى ثم عقب إلى الصلاة الأخرى فهو ضيف الله وحق على الله أن يكرم ضيفه. والحاج والمعتمر فهما وفدا الله وحق على الله أن يكرم وفده.
يا علي ثلاث ثوابهن في الدنيا والآخرة: الحج ينفي الفقر. والصدقة تدفع البلية وصلة الرحم تزيد في العمر.
يا علي ثلاث من لم يكن فيه لم يقم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله عز وجل.
وعلم يرد به جهل السفيه. وعقل يداري به الناس.
يا علي ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة: رجل أحب لأخيه ما أحب لنفسه. ورجل بلغه أمر فلم يتقدم فيه ولم يتأخر حتى يعلم أن ذلك الامر لله رضى
Shafi 7
أو سخط. ورجل لم يعب أخاه بعيب حتى يصلح ذلك العيب من نفسه، فإنه كلما أصلح من نفسه عيبا بدا له منها آخر، وكفى بالمرء في نفسه شغلا.
يا علي ثلاث من أبواب البر: سخاء النفس. وطيب الكلام. والصبر على الأذى.
يا علي في التوراة أربع إلى جنبهن أربع: من أصبح على الدنيا حريصا أصبح وهو على الله ساخط. ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه. ومن أتى غنيا فتضعضع له (1) ذهب ثلثا دينه. ومن دخل النار من هذه الأمة فهو ممن اتخذ آيات الله هزوا ولعبا.
أربع إلى جنبهن أربع: من ملك استأثر (2). ومن لم يستشر يندم. كما تدين تدان. والفقر الموت الأكبر، فقيل له: الفقر من الدينار والدرهم؟ فقال: الفقر من الدين.
يا علي كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاث أعين: عين سهرت في سبيل الله (3).
وعين غضت عن محارم الله. وعين فاضت من خشية الله (4).
يا علي طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب لم يطلع على ذلك الذنب أحد غير الله.
يا علي ثلاث موبقات وثلاث منجيات فأما الموبقات: فهو متبع. وشح مطاع (5). وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات فالعدل في الرضا والغضب. والقصد
Shafi 8
في الغنى والفقر، وخوف الله في السر والعلانية كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
يا علي ثلاث يحسن فيهن الكذب (1): المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك، والاصلاح بين الناس.
يا علي ثلاث يقبح فيهن الصدق: النميمة، وإخبارك الرجل عن أهله بما يكره.
وتكذيبك الرجل عن الخير.
يا علي أربع يذهبن ضلالا (2): الاكل بعد الشبع. والسراج في القمر. والزرع في الأرض السبخة (3). والصنيعة عند غير أهلها (4).
يا علي أربع أسرع شئ عقوبة: رجل أحسنت إليه فكافأك بالاحسان إساءة.
ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك ورجل عاقدته على أمر فمن أمرك الوفاء له ومن أمره الغدر بك. ورجل تصله رحمه ويقطعها.
يا علي أربع من يكن فيه كمل إسلامه: الصدق. والشكر. والحياء وحسن الخلق.
يا علي قلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر وكثرة الحوائج إلى الناس مذلة وهو الفقر الحاضر.
Shafi 9
* (وصية أخرى) * * (إلى أمير المؤمنين عليه السلام مختصرة) * يا علي إن للمؤمن ثلاث علامات: الصيام. والصلاة. والزكاة. وإن للمتكلف من الرجال (1) ثلاث علامات: يتملق إذا شهد. ويغتاب إذا غاب. ويشمت بالمصيبة.
وللظالم ثلاث علامات: يقهر من دونه بالغلبة. ومن فوقه بالمعصية. ويظاهر الظلمة (2).
للمرائي ثلاث علامات: ينشط إذا كان عند الناس (3). ويكسل إذا كان وحده. ويحب أن يحمد في جميع الأمور. وللمنافق ثلاث علامات: إن حدث كذب. وإن ائتمن خان وإن وعد أخلف. وللكسلان ثلاث علامات: يتوانى حتى يفرط. (4) ويفرط حتى يضيع. ويضيع حتى يأثم. وليس ينبغي للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش (5). أو خطوة لمعاد. أو لذة في غير محرم.
يا علي إنه لا فقر أشد من الجهل. ولا مال أعود من العقل. ولا وحدة أوحش من العجب. ولا عمل كالتدبير. ولا ورع كالكف. ولا حسب كحسن الخلق، إن الكذب آفة الحديث، وآفة العلم النسيان، وآفة السماحة المن (6).
يا علي إذا رأيت الهلال فكبر ثلاثا وقل: الحمد لله الذي خلقني وخلقك
Shafi 10
وقدرك منازل وجعلك آية للعالمين (1).
يا علي إذا نظرت في مرآة فكبر ثلاثا وقل: اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي.
يا علي إذا هالك أمر فقل: اللهم بحق محمد وآل محمد إلا فرجت عني.
قال علي عليه السلام: قلت: يا رسول الله " فتلقى آدم من ربه كلمات " ما هذه الكلمات؟
قال: يا علي إن الله أهبط آدم بالهند وأهبط حواء بجدة والحية بإصبهان وإبليس بميسان (2) ولم يكن في الجنة شئ أحسن من الحية والطاووس وكان للحية قوائم كقوائم البعير، فدخل إبليس جوفها فغر آدم وخدعه فغضب الله على الحية وألقى عنها قوائمها وقال: جعلت رزقك التراب، وجعلتك تمشين على بطنك لا رحم الله من رحمك، وغضب على الطاووس، لأنه كان دل إبليس على الشجرة، فمسخ منه صوته ورجليه، فمكث آدم بالهند مائة سنة، لا يرفع رأسه إلى السماء واضعا يده على رأسه يبكي على خطيئته، فبعث الله إليه جبرئيل فقال: يا آدم الرب عز وجل يقرئك السلام ويقول: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ ألم أنفخ فيك من روحي؟
ألم أسجد لك ملائكتي؟ ألم أزوجك حواء أمتي؟ ألم أسكنك جنتي؟ فما هذه البكاء يا آدم؟ [ت] تكلم بهذه الكلمات، فإن الله قابل توبتك قل: سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي، فتب على إنك أنت التواب الرحيم.
Shafi 11
يا علي إذا رأيت حية في رحلك فلا تقتلها حتى تخرج عليها ثلاثا، فإن رأيتها الرابعة فاقتلها فإنها كافرة.
يا علي إذا رأيت حية في طريق فاقتلها، فإني قد اشترطت على الجن [أ] لا يظهروا في صورة الحيات (1).
يا علي أربع خصال من الشقاء: جمود العين. وقساوة القلب. وبعد الامل. وحب الدنيا من الشقاء.
يا علي إذا اثنى عليك في وجهك فقل: اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي مالا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون.
يا علي إذا جامعت فقل: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فإن قضى أن يكون بينكما ولد لم يضره الشيطان أبدا.
يا علي إبدأ بالملح واختم به فإن الملح شفاء من سبعين داء، أذلها الجنون والجذام والبرص (2).
يا علي ادهن بالزيت، فإن من ادهن بالزيت لم يقربه الشيطان أربعين ليلة (3).
يا علي لا تجامع أهلك ليلة النصف ولا ليلة الهلال، أما رأيت المجنون يصرع في ليلة الهلال وليلة النصف كثيرا (4).
Shafi 12
يا علي إذا ولد لك غلام أو جارية فأذن في أذنه اليمنى وأقم في اليسرى فإنه لا يضره الشيطان أبدا (1).
يا علي ألا أنبئك بشر الناس؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: من لا يغفر الذنب ولا يقيل العثرة. ألا أنبئك بشر من ذلك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: من لا يؤمن شره، ولا يرجى خيره.
* (وصية له أخرى إلى أمير المؤمنين عليه السلام) * يا علي إياك ودخول الحمام بغير مئزر (2) فإن من دخل الحمام بغير مئزر ملعون الناظر والمنظور إليه.
يا علي لا تتختم في السبابة والوسطى، فإنه كان يتختم قوم لوط فيهما ولا تعر الخنصر (3).
يا علي إن الله يعجب من عبده إذا قال: رب اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. يقول: يا ملائكتي عبدي هذا قد علم أنه لا يغفر الذنوب غيري: اشهدوا أني قد غفرت له.
Shafi 13
يا علي إياك والكذب فإن الكذب يسود الوجه، ثم يكتب عند الله كذابا وإن الصدق يبيض الوجه ويكتب عند الله صادقا، واعلم أن الصدق مبارك والكذب مشؤوم.
يا علي احذر الغيبة والنميمة، فإن الغيبة تفطر والنميمة توجب عذاب القبر.
يا علي لا تحلف بالله كاذبا ولا صادقا من غير ضرورة ولا تجعل عرضة ليمينك (1)، فإن الله لا يرحم ولا يرعى من حلف باسمه كاذبا.
يا علي لا تهتم لرزق غد، فإن كل غد يأتي رزقه.
يا علي إياك واللجاجة، فإن أولها جهل وآخرها ندامة.
يا علي عليك بالسواك، فإن السواك مطهرة للفم ومرضاة للرب ومجلاة للعين، والخلال يحببك إلى الملائكة، فإن الملائكة تتأذى بريح فم من لا يتخلل بعد الطعام.
يا علي لا تغضب، فإذا غضبت فاقعد وتفكر في قدرة الرب على العباد وحلمه عنهم، وإذا قيل لك: اتق الله فانبذ غضبك وراجع حلمك.
يا علي احتسب بما تنفق على نفسك تجده عند الله مذخورا.
يا علي أحسن خلقك مع أهلك وجيرانك ومن تعاشر وتصاحب من الناس تكتب عند الله في الدرجات العلى.
يا علي ما كرهته لنفسك فأكره لغيرك وما أحببته لنفسك فأحببه لأخيك، تكن عادلا في حكمك، مقسطا في عدلك، محبا (2) في أهل السماء، مودودا في صدور أهل الأرض (3)، احفظ وصيتي إن شاء الله تعالى.
Shafi 14
* (ومن حكمه صلى الله عليه وآله وكلامه) * في جمله خبر طويل ومسائل كثيرة سأله عنها راهب يعرف بشمعون بن لاوي ابن يهودا من حواري عيسى عليه السلام فأجابه عن جميع ما سأل عنه على كثرته فآمن به وصدقه، وكتبنا منه موضع الحاجة إليه.
ومنه قال: أخبرني عن العقل ما هو وكيف هو وما يتشعب منه وما لا يتشعب وصف لي طوائفه كلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن العقل عقال من الجهل، والنفس مثل أخبث الدواب فعن لم تعقل حارت، فالعقل عقال من الجهل، وإن الله خلق العقل فقال له: أقبل، فأقبل وقال له: أدبر فأدبر، فقال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعظم منك ولا أطوع منك، بك أبدء وبك أعيد، لك الثواب وعليك العقاب (1)، فتشعب من العقل الحلم ومن الحلم العلم ومن العلم الرشد ومن الرشد العفاف ومن العفاف الصيانة ومن الصيانة الحياء ومن الحياء الرزانة ومن الرزانة المداومة على الخير ومن المداومة على الخير كراهية الشر ومن كراهية الشر
Shafi 15
طاعة الناصح (1)، فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير ولكل واحد من هذه العشرة الأصناف عشرة أنواع.
فأما الحلم: فمنه ركوب الجميل وصحبة الأبرار ورفع من الضعة ورفع من الخساسة وتشهي الخير وتقرب صاحبه من معالي الدرجات والعفو والمهل والمعروف والصمت ، فهذا ما يتشعب للعاقل بحلمه (2).
وأما العلم، فيتشعب منه الغنى وإن كان فقيرا والجود وإن كان بخيلا والمهابة وإن كان هينا والسلامة وإن كان سقيما والقرب وإن كان قصيا والحياء وإن كان صلفا والرفعة وإن كان وضيعا والشرف وإن كان رذلا والحكمة والحظوة، فهذا ما يتشعب للعاقل بعلمه، فطوبى لمن عقل وعلم. (3) وأما الرشد فيتشعب منه السداد والهدى (4) والبر والتقوى والمنالة و
Shafi 16
القصد والاقتصاد والصواب والكرم والمعرفة بدين الله، فهذا ما أصاب العاقل بالرشد فطوبى لمن أقام به على منهاج الطريق.
وأما العفاف، فيتشعب منه الرضا والاستكانة والحظ والراحة والتفقد والخشوع والتذكر والتفكر والجود والسخاء، فهذا ما يتشعب للعاقل بعفافه رضى بالله وبقسمه. (1) وأما الصيانة، فيتشعب منها الصلاح والتواضع والورع والإنابة والفهم والأدب والاحسان والتحبب والخير واجتناء البشر، فهذا ما أصاب العاقل بالصيانة، فطوبى لمن أكرمه مولاه بالصيانة. (2) وأما الحياء: فيتشعب منه اللين والرأفة والمراقبة لله في السر والعلانية و السلامة واجتناب الشر والبشاشة والسماحة وللظفر وحسن الثناء على المرء في الناس، فهذا ما أصاب العاقل بالحياء، فطوبى لمن قبل نصيحة الله وخاف فضيحته (3).
وأما الرزانة، فيتشعب منها اللطف والحزم وأداء الأمانة وترك الخيانة وصدق اللسان وتحصين الفرج واستصلاح المال والاستعداد للعدو والنهي عن المنكر وترك السفه، فهذا ما أصاب العاقل بالرزانة، فطوبى لمن توقر ولمن لم تكن له خفة ولا جاهلية وعفا وصفح (4).
وأما المداومة على الخير، فيتشعب منه ترك الفواحش والبعد من الطيش والتحرج واليقين وحب النجاة وطاعة الرحمن وتعظيم البرهان واجتناب الشيطان
Shafi 17
والإجابة للعدل وقول الحق، فهذا ما أصاب العاقل بمداومة الخير، فطوبى لمن ذكر أمامه وذكر قيامه واعتبر بالفناء (1).
وأما كراهية الشر، فيتشعب منه الوقار والصبر والنصر والاستقامة على المنهاج والمداومة على الرشاد والايمان بالله والتوفر والاخلاص وترك ما لا يعنيه والمحافظة على ما ينفعه، فهذا ما أصاب العاقل بالكراهية للشر، فطوبى لمن أقام بحق الله وتمسك بعرى سبيل الله (2).
وأما طاعة الناصح، فيتشعب منها الزيادة في العقل وكمال اللب ومحمدة العواقب والنجاة من اللوم والقبول والمودة والانشراح (3) والانصاف والتقدم في الأمور والقوة على طاعة الله، فطوبى لمن سلم من مصارع الهوى (4)، فهذه الخصال كلها تتشعب من العقل.
قال شمعون: فأخبرني عن أعلام الجاهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن صحبته عناك (5) وإن اعتزلته شتمك وإن أعطاك من عليك وإن أعطيته كفرك وإن أسررت إليه خانك وإن أسر إليك اتهمك وإن استغنى بطر وكان فظا غليظا وإن افتقر جحد نعمة الله ولم يتحرج (6) وإن فرح أسرف وطغى وإن حزن أيس
Shafi 18
وإن ضحك فهق، وإن بكى خار (1)، يقع في الأبرار (2) ولا يحب الله ولا يراقبه ولا يستحيي من الله ولا يذكره، إن أرضيته مدحك وقال فيك من الحسنة ما ليس فيك وإن سخط عليك ذهبت مدحته ووقع فيك من السوء ما ليس فيك، فهذا مجرى الجاهل (3).
قال: فأخبرني عن علامة الاسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الايمان والعلم والعمل: قال: فما علامة الايمان وما علامة العلم وما علامة العمل؟.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما علامة الايمان فأربعة: الاقرار بتوحيد الله والايمان به والايمان بكتبه والايمان برسله.
وأما علامة العلم فأربعة: العلم بالله. والعلم بمحبيه. والعلم بفرائضه. والحفظ لها حتى تؤدى.
وأما العمل: فالصلاة والصوم والزكاة والاخلاص.
قال: فأخبرني عن علامة الصادق، وعلامة المؤمن، وعلامة الصابر، وعلامة التائب، وعلامة الشاكر، وعلامة الخاشع، وعلامة الصالح وعلامة الناصح (4) وعلامة الموقن، وعلامة المخلص، وعلامة الزاهد، وعلامة البار، وعلامة التقي، وعلامة المتكلف وعلامة الظالم، وعلامة المرائي، وعلامة المنافق، وعلامة الحاسد، وعلامة المسرف، وعلامة الغافل وعلامة الخائن (5) وعلامة الكسلان، وعلامة الكذاب، وعلامة الفاسق؟.
Shafi 19
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما علامة الصادق فأربعة: يصدق في قوله ويصدق وعد الله ووعيده ويوفي بالعهد ويجتنب الغدر.
وأما علامة المؤمن: فإنه يرؤف ويفهم ويستحيي (1).
وأما علامة الصابر فأربعة: الصبر على المكاره، والعزم في أعمال البر، والتواضع، والحلم.
وأما علامة التائب فأربعة: النصيحة لله في عمله (2) وترك الباطل. ولزوم الحق والحرص على الخير.
وأما علامة الشاكر فأربعة: الشكر في النعماء، والصبر في البلاء، والقنوع بقسم الله، ولا يحمد ولا يعظم إلا الله.
وأما علامة الخاشع فأربعة: مراقبة الله في السر والعلانية، وركوب الجميل والتفكر ليوم القيامة. والمناجاة لله.
وأما علامة الصالح فأربعة: يصفي قلبه، ويصلح عمله، ويصلح كسبه ويصلح أموره كلها.
وأما علامة الناصح فأربعة: يقضي بالحق. ويعطي الحق من نفسه. ويرضى للناس ما يرضاه لنفسه. ولا يعتدي على أحد.
وأما علامة الموقن فستة: أيقن بالله حقا فآمن به (3) وأيقن بأن الموت حق فحذره. وأيقن بأن البعث حق فخاف الفضيحة. وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق إليها.
وأيقن بأن النار حق فظهر سعيه (4) للنجاة منها. وأيقن بأن الحساب حق فحاسب نفسه.
Shafi 20