ابن الأثير (١) عن الحوادث التي جرت في هذه السنة، عندما خرج الفرنج إلى بلاد الشام.
واستمر الصليبيون في غاراتهم على الشام ومصر، ينتصرون مرَّة، وينهزمون أخرى نحو قرنين من الزمان، حتَّى انتهى الأمر بطردهم نهائيًّا سنة ٦٩٠ هـ على يد الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون (٢).
يقول ابن كثير: "في تلك السنة فتحت "عكا" وبقية السواحل التي كانت بأيدي الفرنج من مدد متطاولة، ولم يبق فيها حجر واحد" (٣).
وقد ذكر البزار ما يدل على مشاركة الشيخ ﵀ في فتح "عكا" فقال: "وحدثوا أنهم رأوا منه في فتح "عكا" أمورًا من الشجاعة يعجز الواصف عن وصفها.
قالوا: ولقد كان السبب في تملك المسلمين إياها بفعله ومشورته وحسن نظره" (٤).
وبينما كان المسلمون منشغلين بقتال الصليبين، دهمهم خطر التتار الذين قدموا بقيادة زعيمهم "جانكيز خان" يجتاحون البلاد الإسلامية، وكانوا قومًا فيهم غلظة، فأسرفوا في سفك الدماء، ونهب الأموال، وتخريب البلاد حتَّى سقطت بأيديهم بغداد عاصمة الخلافة سنة ٦٥٦ هـ، وأحالوا هذه المدينة العامرة إلى خراب، فأشعلوا النَّار في دورها، وقتلوا الآلاف من
_________
(١) انظر: الكامل لابن الأثير ١٠/ ٢٧٢ - ٢٧٨.
(٢) هو: خليل بن قلاوون الصالحي الملك الأشرف، من ملوك مصر، ولي بعد وفاة والده سنة ٦٨٩ هـ، واستفتح بالجهاد، فقصد البلاد الشامية، وقاتل الفرنج واسترد منهم "عكا" و"صورًا" و"صيدا" و"بيروت" وبقية الساحل وتوغل في الداخل، وكان شجاعًا مهيبًا، قتل غيلة بمصر سنة ٦٩٣ هـ.
انظر: فوات الوفيات -للكتبي- ١/ ٤٠٦ - ٤١٥.
والأعلام -للزركلي- ٢/ ٣٦٩.
(٣) البداية والنهاية- ١٣/ ٣٠٣.
(٤) الأعلام العلية -أبو حفص البزار- ص: ٦٣، ٦٤.
وانظر: الكواكب الدرية -للإمام مرعي الحنبلي- ص: ٩٢.
1 / 32