والاجتهاد في سبل الخير، حتَّى انتهت إليه الإمامة في العلم والعمل، والزهد والورع، والشجاعة والكرم والتواضع والحلم والجلالة والمهابة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسائر أنواع الجهاد، مع الصدق والعفة وحسن القصد، ومراقبة الله والخوف منه.
وقد عقد أبو حفص البزار فصولًا في مآثره الحميدة وصفاته النبيلة.
فممَّا قاله في تعبده:
". . . قطع جل وقته وزمانه فيه، حتَّى إنه لم يجعل لنفسه شاغلة تشغله عن الله تعالى، وما يراد له لا من أهل ولا مال، وكان في ليله منفردًا عن النَّاس كلهم، خاليًا بربه ﷿ ضارعًا مواظبًا على تلاوة القرآن العظيم، مكررًا لأنواع التعبدات الليلية والنهارية. . . " (١).
ومما قاله في ورعه:
". . . كان ﵁ في الغاية التي ينتهى إليها في الورع، لأنَّ الله تعالى أجراه مدة عمره كلها عليه، فإنَّه ما خالط النَّاس في بيع ولا شراء ولا معاملة ولا تجارة ولا مشاركة ولا زراعة ولا عمارة. . . ولا كان مدخرًا دينارًا ولا درهمًا ولا متاعًا ولا طعامًا، وإنَّما كانت بضاعته مدة حياته، وميراثه بعد وفاته ﵁ العلم، اقتداء بسيد المرسلين، وخاتم النبيين محمد ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين. . . " (٢).
ومما قاله في زهده:
". . . لقد اتفق كل من رآه، خصوصًا من أطال ملازمته أنَّه ما رأى مثله في الزهد في الدُّنيا، حتَّى لقد صار ذلك مشهورًا بحيث قد استقر في قلب القريب والبعيد من كل من سمع بصفاته على وجهها، بل لو سئل عامي من
_________
(١) راجع: الأعلام العلية- ص: ٣٧.
وانظر: الكواكب الدرية- للشيخ مرعي الحنبلي- ص: ٨٣.
(٢) راجع: الأعلام العلية ص: ٤١.
وانظر: الكواكب الدرية -للشيخ مرعي الحنبلي- ص: ٨٣، ٨٤.
1 / 27