ثم ظهرت بدعة الخوارج في عهد علي بن أبي طالب ﵁ سنة ٣٧ هـ، حيث اعترضوا على قبول التحكيم، واستمروا في ضلالهم وعنادهم إلى أن انتهى الأمر إلى الحكم على مرتكب الكبيرة بالكفر في الدُّنيا وإباحة دمه وماله، والخلود في النَّار بالآخرة.
ولا أستبعد أن يكون وراء هذه البدعة أيد خفية تسترت بالإسلام ظاهرًا.
ثم ظهرت بدعة التشيع، وكان وراء هذه البدعة رجل يهودي اسمه عبد الله بن سبأ (١)، ادعى الإسلام، وغلا في علي ﵁ فقال بنبوته، ثم غلا، فقال بألوهيته، ودعا إلى ذلك قومًا من غواة الكوفة (٢).
والشيعة فرق متعددة مختلفة فيما بينها يجمعها القول بإمامة علي وخلافته نصًّا ووصية، وهي من مخلفات ابن سبأ (٣).
وقد استغل أعداء الإسلام مذهب التشيع للكيد له ومحاولة الوصول إلى أهدافهم عن طريقه، لكن الله حفظه، وأتم نوره.
يقول ابن حزم مقررًا هذه الحقيقة: ". . . فلما امتحنوا -يعني الفرس- بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب، وكانت العرب أقل الأمم عند الفرس خطرًا تعاظمهم الأمر، وتضاعفت لديهم المصيبة، وراموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى، ففي كل ذلك يظهر الله ﷾ الحق. . . " إلى أن قال: ". . . فرأوا أن كيده على الحيلة أنجع فأظهر قوم منهم الإسلام، واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل بيت رسول الله ﷺ
_________
(١) ضال مضل، أصله من اليمن، طاف بلاد المسلمين ليصرفهم عن طاعة الأئمة، ويلقي بينهم الشرور والفتن، أتباعه يقال لهم: السَّبَئِيَّة إحدى فرق غلاة الشيعة.
انظر: تهذيب ابن عساكر- ٧/ ٤٣١ - ٤٣٤.
ولسان الميزان -لابن حجر- ٣/ ٢٨٩، ٢٩٠.
والملل والنحل -للشهرستاني- ١/ ١٧٤.
(٢) انظر: الفرق بين الفرق -للبغدادي- ص: ٢٣٣.
(٣) انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -للالكائي- ١/ ٢٣ - تحقيق د. أحمد سعد حمدان.
1 / 17