Tisca Tasawwurat Can Zaman
تسعة تصورات عن الزمن: السفر عبر الزمن بين الحقيقة والخيال
Nau'ikan
«إذا وجد أن نظريتك تتعارض مع القانون الثاني للديناميكا الحرارية فلا تنتظرن مني أملا؛ فليس لنظريتك مصير سوى السقوط في غياهب المهانة.»
آرثر إدينجتون
إن الفارق بين الماضي والمستقبل لهو واحد من أكبر الألغاز في العلم. فعلى أبسط المستويات - أي على مستوى الذرات والجزيئات - ليس ثمة فارق بينهما. فحين يتحد جسيمان ويتفاعلان معا بطريقة ما لينتجا جسيمين مختلفين تماما - ينفصلان بدورهما بعد ذلك - فإن قوانين الفيزياء تسمح لكل تفاعل تقريبا من هذه التفاعلات أن تجري بالعكس بالدقة ذاتها. فالجسيمان «النهائيان» يعودان بعضهما إلى بعض ويتفاعلان من أجل إنتاج الجسيمين «الأصليين». لتطبيق هذا على نطاق أكبر، تخيل كرتي بلياردو تتحركان عبر الطاولة وتتصادمان ثم ترتدان بعيدا إحداهما عن الأخرى في اتجاهين مختلفين. لو جرى هذا التصادم بالعكس، فسيظل خاضعا لقوانين الفيزياء. ولا توجد طريقة للتمييز بين الماضي والمستقبل من خلال النظر فقط إلى الطريقة التي يتحرك بها كل زوج من الجزيئات.
لكن حين ينطوي الأمر على المزيد من الجسيمات، يصبح الفارق بين الماضي والمستقبل واضحا. فالأشياء تبلى؛ والناس يتقدمون في العمر. تخيل كأس نبيذ تقف متوازنة على حافة طاولة ثم تسقط على الأرض وتتهشم. بمقارنة صورة للكأس على الطاولة وصورة أخرى لأجزائها المهشمة على الأرض، ستعرف أي الصورتين التقطت أولا حتى ولو لم تر الحادث؛ لأننا لا نرى أبدا زجاجا مهشما يعيد تجميع نفسه. لكن طبقا لقوانين الفيزياء المعروفة، فإن كل تفاعل يتضمن ذرات كأس النبيذ وهو يتهشم هو تفاعل قابل للعكس. فلماذا يكون هناك سهم للوقت يشير من الماضي إلى المستقبل في حين أننا نتعاطى مع أنظمة معقدة تنطوي على الكثير من الجزيئات؟
إن هذا الفارق هو أساس علم الديناميكا الحرارية، الذي يعنى بالطريقة التي تتغير بها الأشياء بينما ننتقل من الماضي إلى المستقبل. والسمة الأساسية للديناميكا الحرارية هي أن مقدار الاضطراب في الكون في تزايد دائم؛ فالأشياء تبلى، والغرف لا ترتب نفسها، والزجاج المحطم لا يعيد تجميع نفسه، وهكذا. يقاس مقدار الخلل أو الاضطراب فيما يطلق عليه الفيزيائيون «نظاما» (والذي قد يكون كأس نبيذ قابعة على طاولة، أو غرفة نومك، أو حتى الكون بأكمله) يقاس بكم يقال له القصور الحراري أو الإنتروبيا. وينص أبسط قوانين الفيزياء على أن معدل الإنتروبيا في نظام مغلق يكون في حالة زيادة دائمة (وهو القانون الثاني للديناميكا الحرارية).
النظام المغلق هو نظام معزول عن بقية الكون وقائم بذاته تماما (كغرفة مراهق، حيث تتزايد الفوضى وعدم النظام دائما ما لم يكن هناك تدخل خارجي). يمكنك تجنب هذا القانون فيما يعرف بالنظام المفتوح، الذي يمتص الطاقة من الخارج. يبدو أن الحياة على الأرض تنتهك القانون الثاني. فالأشياء الحية تنمو ويمكن للناس أن يفعلوا أشياء من قبيل تحويل كومة من الطوب إلى هيكل أكثر ترتيبا بكثير، كمنزل مثلا. وحين نبني منزلا (أو أي شيء آخر) يبدو الأمر وكأننا ننتهك القانون الثاني. لكن صفة النظام في الشيء الذي نصنعه دائما ما تعوض إلى حد كبير بالفوضى في مكان آخر؛ كما يحدث في تعدين المواد اللازمة لصناعة الطوب، وتوليد الطاقة اللازمة لإشعال الأفران التي يصنع فيها الطوب، وما إلى ذلك. إن مرور الزمن يظهر في الطبيعة في هيئة تحلل أو اضمحلال. فأنت لا ترى سيارة صدئة تتحول ببطء لتصبح لامعة وخالية من الصدأ؛ ولا ترى كومة الطوب القديم تجمع نفسها بنفسها لتصبح منزلا من دون تدخل بشري. أما العمليات المضادة (كصدأ السيارة، أو سقوط مبنى) فهي عمليات شائعة. ويبدو أن الزمن جزء لا يتجزأ من الطبيعة.
آرثر إدينجتون
هولتون دويتش/جيتي
يعتمد النقصان المحلي في الإنتروبيا على الأرض - وهو شكل من أشكال انعكاس مجرى الزمن - على إمداد من الطاقة يأتي من الخارج، ومن الشمس بصفة أساسية.
1
Shafi da ba'a sani ba