221

وقد وجه عبارته الأخيرة هذه إلى القزم نكتبانس الذي اندفع إلى داخل الخيمة وهو يرتعد اضطرابا، وكل لمحة من ملامحه العجيبة، التي لا نسق فيها، قد التوت فزعا ورعبا، حتى صار شديد القبح، فارط الكآبة، وفمه فاغر، وعيناه محملقتان، ويداه ممددتان ذعرا، وأصابعه ممسوخة مجعدة.

فقال السلطان عابسا: «ما وراءك؟»

فأجابه القزم متأوها وقال: «خذ هذه.»

فقال صلاح الدين: «ماذا تقول؟»

فأجابه هذا المخلوق المذعور قائلا: «خذ هذه.» وربما كان لا يدرك أنه إنما يكرر اللفظ بعينه.

فقال العاهل: «عني، إن أعصابي الآن لا تحتمل الهزل.»

فقال القزم: «وما أنا الآن بهازل، إلا إن كان هزلي يعاون فطنتي على كسب القوت، وأنا ذلك اليائس البائس! استمع إلي، وأصغ لي أيها السلطان الأعظم!»

فقال صلاح الدين: «إن كان لديك مظلمة عادلة تشكوها - جادا كنت أم هازلا - فلك الحق في بثها إلى أذني مليك؛ تراجع معي إلى هنا.» وسار به إلى الفسطاط الداخلي.

ومهما يكن الأمر الذي تباحثا فيه، فلقد ارفض اجتماعهما على عجل حينما نمت إليهما أصوات الأبواق التي أعلنت مقدم الأمراء المسيحيين العديدين، الذين رحب بهم صلاح الدين إلى فسطاطه بملاطفة ملكية تليق بمكانتهم ومكانته، ولكنه حيا «إيرل هنتنجدن» الشاب تحية خاصة وأسرف له في التهنئة بالأماني التي أحرزها، والتي تقف في سبيل آماله السالفة وتخيم عليها.

وقال السلطان: «ولكن لا تحسبن أيها الشاب النبيل أن أمير اسكتلندا أكثر قبولا لدى صلاح الدين من «كنث» لدى «الضريم» حينما التقيا في الصحراء، أو من الأتيوبي المنكود لدى الحكيم «أدنبك»؛ إن طبيعة سمحة مقدامة - كطبيعتك - لها قيمة مستقلة عن الحسب والنسب، كما أن هذا الشراب البارد الذي أقدم إليك الآن لذيذ المذاق من قدح الخزف كما هو من كأس الذهب.»

Shafi da ba'a sani ba