210

فأجاب رتشارد جازعا وقال: «سوف أحذر، ولكن لا تقف مني موقف المعلم بعد هذا، وإنما قل لي هل لدى الفارس قسيس؟ فإن هذا الأمر يهمني.»

فأجاب دي فو قائلا: «أجل، وذلك هو ناسك عين جدة الذي قام له بهذه الخدمة من قبل وهو يتأهب للموت، وهو يقف بجانبه في هذا الظرف، وقد أتت به إلى هنا شهرة المبارزة.»

فقال رتشارد: «نعم الخبر، والآن ماذا يطلب الفارس؟ قل له إن رتشارد سوف يقابله بعدما يقوم بواجبه بجانب «درة الصحراء» تكفيرا عن إثمه بجانب جبل القديس جورج. وإذا ما مررت بالمعسكر فقل للملكة إني سوف أزور سرادقها، وقل لبلندل أن يلقاني هناك.»

وفصل دي فو، وبعد نصف ساعة تلفع رتشارد بعباءته، وأخذ بيده حسامه، وسار في طريقه إلى سرادق الملكة، ومر به كثير من الأعراب، ولكنهم كانوا دائما ينصرفون عنه بوجوههم، ويعقدون بالأديم أبصارهم، ومع ذلك فقد استطاع أن يرى أنهم جميعا يتبعونه بالنظر متطلعين، بعدما ينأى عنهم, وقد حدا به هذا إلى الظن حقا بأن شخصه كان معروفا لهم، ولكنهم تحاشوا أن يبدو عليهم أنهم يراقبون ملكا أراد أن يتنكر، إما لأمر من صلاح الدين أو لآدابهم الشرقية.

ولما بلغ الملك سرادق الملكة، ألفاه مخفورا بأولئك الضباط الأشقياء الذين توقفهم الغيرة الشرقية على حراسة الحريم، وكان بلندل يسير لدى المدخل، ويتغنى بين الفينة والأخرى بأسلوب يجعل هؤلاء الإفريقيين يبرزون أسنانهم العاجية، ويقومون بحركاتهم الغريبة مهللين بأصواتهم المجلجلة العجيبة.»

فقال الملك: «ماذا تريد من هذا القطيع من الماشية السوداء يا بلندل؟ ولماذا لا تدخل السرادق ؟»

فأجابه بلندل وقال : «لأن صناعتي لا تغنيني عن رأسي ولا عن أصابعي، وهؤلاء المغاربة السود الأمناء هددوني بتقطيعي إربا إربا إن أنا تقدمت إلى الأمام.»

فقال الملك: «إذن فلتدخل معي وسوف أكون لك حارسا.»

ثم نكس هؤلاء السود حرابهم وسيوفهم إجلالا للملك رتشارد، وطأطئوا رءوسهم كأنهم لا يليق بهم أن ينظروا إليه. وفي داخل السرادق ألفى الملك توماس دي فو قائما على خدمة الملكة. وبينا برنجاريا ترحب ببلندل، انتحى رتشارد وقريبته الحسناء ناحية، وأخذ يحادثها سرا فترة من الزمن.

وقال لها همسا «أوما زلنا بعد هذا خصوما يا أديث الحسناء؟»

Shafi da ba'a sani ba