122

Tibyan

التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي

Nau'ikan

Tafsiri

ومرجعك الي يريد اني مجازيك ومقتدر عليك وسمى الحشر رجوعا إلى الله لانه رجوع إلى حيث لا يتولى الحكم فيه غير الله فيجازيكم على اعمالكم كما يقول القائل: امر القوم إلى الامير أو القاضي ولا يراد به الرجوع من مكان إلى مكان وانما يراد به ان النظر صار له خاصة دون غيره فان قال قائل: لم يذكر الله احياء في القبر فكيف تثبتون عذاب القبر قلنا: قد بينا أن قوله: " ثم يحييكم " المراد به احياؤهم في القبر للمسألة.

وقوله: " ثم اليه ترجعون " معناه احياؤهم يوم القيامة وحذف ثم يميتكم بعد ذلك لدلالة الكلام عليه على ان قوله: " ثم يحييكم " لو كان المراد به يوم القيامة، لم يمنع ذلك من احياء في القبر، واماتة بعده كما قال تعالى: " ألم ترالى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم احياهم "(1) ولم يذكر حياة الذين احيوا في الدنيا بعد ان ماتوا وقال في قوم موسى " فاخذتكم الصاعقة وانتم تنظرون ثم بعثنا من بعد موتكم لعلكم تشكرون "(2) ولم يذكر حياتهم في الدنيا ولم يدل ذلك على أنهم لم يحييوا في الدنيا بعد الموت وكذلك ايضا لا تدل هذه الآية على ان المكلفين لا يحيون في قبورهم للثواب والعقاب على ما أخبر به الرسول (عليه السلام) وقول من قال: لم يكونوا شيئا ذهب إلى قول العرب للشئ الدارس الخامل: إنه ميت يربد خموله ودرسه وفي ضد ذلك يقال: هذا أمر حي يراد به، كانه متعالم في الناس ومن اراد الاماتة التي هي خروج الروح من الجسد، فانه اراد بقوله: " وكنتم امواتا " انه خطاب لاهل القبور بعد احيائهم فيها وهذا بعيد لان التوبيخ هنالك انما هو توبيخ على ما سلف، وفرط من اجرامهم لا استعتاب واسترداع.

وقوله: " كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا " توبيخ مستعتب، وتأنيب مسترجع من خلقه من المعاصي إلى الطاعة، ومن الضلالة إلى الانابة ولا انابة في القبر ولا توبة فيها بعد الوفاة واحسن الوجوه مما قدمنا ما ذكر ابن عباس وبعده قول قتادة

---

(1) سورة البقرة: آية 243.

(2) سورة البقرة: آية 54 - 55.

Shafi 121